بعد أن أدركت روسيا إمكانية وقوع كارثة بمدينة حلب الخاضعة للحصار التي يقطنها نحو مليوني نسمة، أقرت أمس الاثنين 15 أغسطس/آب، بأن المقترح الذي قدمته في الأسبوع الماضي بشأن وقف القتال على مدار 3 ساعات يومياً غير كاف، وربما يفتح الباب أمام تمديد فترات وقف القتال.
وأشارت روسيا أيضاً إلى أنها توشك على التوصل إلى اتفاق للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة من أجل مهاجمة مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في منطقة حلب باعتباره جزءاً من الحل.
وتعد تلك الجهود المشتركة بمثابة تصعيد جديد للتعاون بين القوتين سعياً وراء إيجاد وسيلة للخروج من مأزق الحرب السورية التي دامت على مدار 5 سنوات، والتي يدعم كل من روسيا والولايات المتحدة في الأساس أحد طرفيها المتحاربين، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
تجنب مسؤولية المعاناة
تشير تلك التطورات بحسب الصحيفة الأميركية، إلى أن روسيا ترغب في تجنب المسؤولية عن المعاناة في حلب، التي كانت يوماً مركزاً تجارياً مزدهراً شمالي سوريا وأضحت ميداناً استراتيجياً للمعركة.
ومنذ أسبوع، أنهى المتمردون المتمركزون شرقي حلب الجمود في مواجهة القوات العسكرية السورية وحلفائها الروس، وتمكنوا بالفعل من إغلاق منطقة حلب الغربية الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية وعزل المدينة بأكملها.
ومنذ ذلك الحين، أدت الضربات الجوية السورية والروسية للمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب إلى سقوط عشرات الضحايا. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأحد أن حجم الدمار كان هائلاً في حلب.
وذكر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أنه كان يدرك أن وقف القتال في حلب على مدار ثلاث ساعات يومياً لا يمكن أن يؤدي إلى مواجهة الحاجة البائسة إلى إمدادات الإغاثة الرئيسية على حد وصف المنظمات التي تقدم المعونة. وفي ذات الوقت، أعرب الوزير عن قلقه من استغلال فترات التوقف الأطول من قبل المقاتلين الذين تعتبرهم روسيا إرهابيين.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن لافروف خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الألماني فرانك والتر شتاينماير بجامعة أورال فيدرال بمدينة إكاترينبيرج الروسية قوله:"لا تتمثل القضية الرئيسية في عدم وجود رغبة لدى أحد في الحد من المعاناة الإنسانية، ولكن من المهم للغاية ألا يتم تعزيز قدرات الجهاديين من خلال توفير قوات المعارضة والأسلحة والذخيرة في صورة تقديم مساعدات إنسانية".
"مسؤولية روسيا في حلب"
وقد أكد شتاينماير ما سماه "مسؤولية روسيا في حلب، وخاصة فيما يتعلق بتوفير المساعدات الإنسانية" وألح على تمديد فترات وقف إطلاق النار.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزير الدفاع سيرجي شويجو قوله إن روسيا والولايات المتحدة أوشكتا على التوصل إلى اتفاق بشأن توحيد صفوف القتال ضد تنظيم داعش في حلب. وذكر أن مثل ذلك الاتفاق يمكن أن يساعد على "تحقيق السلام في هذه البقعة التي طالما كانت تعاني من ويلات الحرب ومساعدة المواطنين على العودة إلى ديارهم".
ولم يدل المسؤولون الأميركيون بأي تعليقات على تلك الملاحظات ولم يكن واضحاً كيفية تنفيذ مثل ذلك الاتفاق بشأن تضافر الجهود العسكرية.
وأعرب محللون سياسيون للنزاع السوري عن تشككهم. وكتب جوشوا لانديز، الخبير السوري بجامعة أوكلاهوما ومؤلف مدونة تعليقات سورية ضمن بريد إلكتروني:"ربما يتلاعب الروس ببساطة من أجل إضاعة الوقت ومحاولة تجنب رد فعل عنيف ومحتمل من قبل القوى الغربية والإقليمية؟"
تدعم الولايات المتحدة مجموعة من جماعات المعارضة المسلحة التي تقاتل قوات الرئيس بشار الأسد. وتساعد روسيا الحكومة السورية من خلال الضربات الجوية والتفجيرات التي تستهدف العديد من تلك الجماعات.
ومع ذلك، تعارض كل من روسيا والولايات المتحدة تنظيم داعش المتطرف الذي احتل أجزاء من سوريا والعراق. وتتزعم روسيا والولايات المتحدة أيضا المجموعة الدولية لدعم سوريا، التي تبذل جهودا دبلوماسية على المستوى الدولي منذ ثلاثة شهور من أجل إفساح المجال أمام إقامة محادثات سلام.
"أكثر تبجحاً مع لافروف"
وأشارت سوسن شيبلي المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الألمانية في برلين إلى أن شتاينماير كان أكثر تبجحاً مع لافروف، ونصح روسيا "بالاضطلاع بالمسؤولية وتجنب وقوع أي كوارث في حلب".
وطالب ستيفن سيبرت المتحدث الرسمي باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بضرورة فتح ممرات أمام المساعدات الإنسانية.
وذكر سيبرت: "هناك حاجة فورية لوقف القتال في المدينة. لا نحتاج لمجرد ساعات قليلة فحسب، بل إلى فترات أطول تحت إشراف الأمم المتحدة".
وقد حذر مسؤولو الأمم المتحدة ومنظمات المساعدات الدولية من كارثة إنسانية في حلب في حالة عدم انتهاء الحصار، داعين إلى وقف القتال لمدة 48 ساعة أسبوعيا على الأقل حتى يمكن إدخال وتسليم الأغذية والمياه.
وأيد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورر ذلك، ووصف الاقتتال في حلب "كأحد أكبر النزاعات المدمرة في العصور الحديثة".
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.