وجه أطباء سوريون من القلة المتبقية في أحياء حلب الشرقية، رسالة إلى الرئيس الأميركي رووا فيها الخيارات الصعبة التي يتخذونها لإنقاذ جريح على حساب آخر، في وقت تتواصل الاشتباكات جنوب المدينة، برغم إعلان موسكو هدنة يومية من 3 ساعات.
على جبهة أخرى في شمال سوريا، قتل 24 مدنياً وأصيب العشرات بجروح، الخميس 11 أغسطس/آب 2016، في قصف جوي روسي كثيف استهدف مدينة الرقة ومحيطها، معقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.
"لسنا بحاجة لذرف الدموع"
ووقع 15 طبيباً من أصل 35 لا يزالون يعملون في الأحياء الشرقية في مدينة حلب، والتي تسيطر عليها الفصائل المعارضة على رسالة وجهوها إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، واتهموا فيها واشنطن بأنها لم تقم "بأي جهد (…) لرفع الحصار أو حتى استخدام نفوذها لدفع الأطراف إلى حماية المدنيين".
وقالوا "لسنا في حاجة إلى ذرف الدموع أو التعاطف أو حتى الصلوات، نريد أن تتحركوا. أثبتوا أنكم أصدقاء السوريين".
وبعد 3 أسابيع من فرض قوات النظام حصاراً على الأحياء الشرقية دفع المدنيون ثمنه بارتفاع الأسعار والنقص في المواد الغذائية، تمكنت فصائل مقاتلة في السادس من أغسطس/آب، من فك الحصار وفتحت طريقاً جديداً من الجهة الجنوبية. إلا أن هذا الطريق لا يزال غير آمن نتيجة الاشتباكات المتواصلة والقصف الجوي.
وأكد الأطباء في رسالتهم إنه "ما لم يتم فتح شريان حياة حقيقي إلى حلب، فستكون مسألة وقت فقط حتى تحاصرنا قوات النظام مجدداً ويفتك الجوع، وتجف مستلزمات المستشفيات تماماً".
"اطفال يموتون بين أيدينا"
وروى أبو البراء وهو اسم مستعار لأحد الأطباء الموقعين على الرسالة الموجود في حلب لوكالة الأنباء الفرنسية، ظروف العمل الصعبة التي يواجهونها يومياً.
وقال "كان يتوفى الأطفال والمصابون بين أيدينا من دون أن نكون قادرين على أن نفعل شيئاً"، مضيفاً "كنا نرى إصابات كبيرة تحتاج إلى مستلزمات غير متوفرة لدينا ولا نقدر على تأمينها، فينتهي الأمر بوفاة المرضى".
وفي رسالتهم إلى الرئيس الأميركي، اعتبر الأطباء أن "أكثر ما يؤلمنا كأطباء أن نجبر على اختيار من سيعيش ومن سيموت".
وأضافوا "يُحضرون لنا أحياناً أطفالاً صغاراً إلى غرف الطوارئ، مصابين بإصابات بليغة، فيتعين علينا أن نبدّي عليهم من لديه فرص أفضل للنجاة".
وبالإضافة إلى الجهد الكبير، يتعرض الأطباء لمخاطر يومية خاصة مع تعرض المشافي للقصف في الكثير من الأحيان.
وفي رسالتهم المؤثرة، قال أطباء الأحياء الشرقية "طوال 5 سنوات، ظللنا نواجه الموت الآتي من السماء بشكل يومي. ولكن الموت يواجهنا الآن من كل حدب وصوب".
وبحسب منظمة الصحة العالمية، شكلت سوريا العام الماضي البلد الأكثر خطورة للعاملين في القطاع الصحي، حيث تم تسجيل 135 هجوماً استهدف المرافق والطواقم الطبية.
وتشهد المدينة حالياً معارك، يحتشد فيها آلاف المقاتلين، هي الأكثر عنفاً والأكثر أهمية منذ العام 2012 الذي انقسمت فيه هذه المدينة التاريخية بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأحياء غربية تسيطر عليها قوات النظام.
هدنة دون مساعدات
وتتواصل الاشتباكات العنيفة حالياً في جنوب حلب، حيث تسعى قوات النظام لاستعادة المواقع التي خسرتها وإعادة تطويق الأحياء الشرقية، حيث يقيم نحو 250 ألف شخص.
واستمرت المعارك العنيفة والقصف الكثيف طوال الليل حتى صباح الخميس في جنوب غرب مدينة حلب، وفق مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن الذي أفاد بتراجع حدة الاشتباكات والقصف من دون أن تتوقف عند الساعة العاشرة صباحاً موعد بدء الهدنة الانسانية التي أعلنت عنها روسيا.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) بتقدم الجيش السوري وسيطرته على نقاط عدة في جنوب غرب حلب.
وأعلنت روسيا الأربعاء "فترات تهدئة إنسانية من الساعة 10,00 إلى 13,00 بالتوقيت المحلي ابتداء من الغد (الخميس) سيتم خلالها وقف كل المعارك والقصف الجوي والقصف المدفعي" في حلب.
إلا أن مراسل وكالة الأنباء الفرنسية في الأحياء الشرقية، أكد عدم دخول أي قافلات مساعدات إلى تلك المنطقة، نتيجة المعارك والقصف العنيف جنوب المدينة.
وكانت قوات النظام أدخلت صباحاً قافلة شاحنات تنقل مواد غذائية ومحروقات إلى الأحياء الغربية عبر طريق الكاستيلو شمالاً، بحسب المرصد السوري.
قتلى في الرقة
في شمال سوريا أيضاً، أفاد المرصد عن مقتل 30 شخصاً بينهم 24 مدنياً على الأقل وإصابة 70 آخرين بجروح في قصف جوي روسي عنيف على مدينة الرقة ومحيطها، معقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان من جهتها تنفيذها ضربات على أطراف مدينة الرقة، قالت إنها أدت إلى تدمير مصنع للأسلحة الكيميائية ومخزن سلاح ومخيم تدريب للجهاديين.
وذكرت أن "عدداً كبيراً من المقاتلين قتلوا" جراء هذه الضربات.
وتنفذ طائرات روسية منذ نهاية سبتمبر/أيلول ضربات جوية مساندة لقوات النظام السوري تقول "إنها تستهدف بشكل رئيسي تنظيم الدولة الإسلامية إلى جانب مجموعات إرهابية أخرى".
وفي خطوة تعكس التقارب الروسي التركي بعد المصالحة بين البلدين، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الخميس "سندرس كافة التفاصيل. لطالما دعونا روسيا الى عمليات مشتركة ضد تنظيم داعش" مجدداً الاقتراح الذي قدمته أنقرة قبل الخلاف مع موسكو.