إثار تنفيذ إيران حكم الإعدام شنقاً في 20 سجيناً بتهمة الإرهاب، صدمة واسعة في أوساط الأقلية السنية في البلاد بعد أن أُدينوا بارتكاب عمليات قتل وتقويض الأمن القومي للبلاد، بينماً نفى حقوقيون هذه الاتهامات، مؤكدين أنه لا أحد يعرف متى صدر الحكم في القضية التي جرت في غياب دفاع أو شهود أو وثائق.
ونقل موقع التلفزيون الإيراني الحكومي عن النائب العام محمد جواد منتظري أن "هؤلاء الأشخاص ارتكبوا جرائم قتل، قتلوا نساءً وأطفالاً وسببوا دماراً، تآمروا ضد الأمن القومي وقتلوا رجال دين سُنة في مناطق كردية".
وتحدثت وزارة الاستخبارات الإيرانية في بيان لها، الأربعاء 3 أغسطس/آب 2016، عن 24 اعتداء مسلحاً وتفجيرات بالقنابل وسرقات بين 2009 و2012 ارتكبتها مجموعة لقبت بـ"توحيد وجهاد"، وأسفرت عن 21 قتيلاً وحوالي 40 جريحاً في غرب إيران.
وطبقاً للبيان، "تم التعرف الى 102 من عناصر هذه المجموعة وأنصارها الذين قتل بعض منهم في معارك مع الشرطة واعتقل آخرون. وبعض الذين اعتقلوا حكم عليهم بالإعدام بينما يمضي آخرون عقوبات بالسجن".
والجماعة متهمة بقتل رجلي دين سنيين في 2009 أحدهما ممثل في المحافظة لمجلس الخبراء.
كما أعلنت إيران في نهاية يونيو/حزيران 2016 أنها أحبطت "واحدة من أكبر المؤامرات الإرهابية لمنظمات جهادية على أرضها.
المعارضة الإيرانية
وقال موسى أفشار، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض، إن مصادر المجلس تعرفت على هويات 18 شخصاً من المعدومين.
كما أعد المجلس قائمة تضم 37 متهماً آخرين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام.
ونشر موقع المجلس، الخميس 4 أغسطس/آب 2017، أن عدداً من السجناء السياسيين المحكوم عليهم بالإعدام قاموا بالاحتجاج على إعدام زملائهم بترديد الهتافات، بينما بدأ آخرون إضراباً عن الطعام ابتداءً من يوم الثلاثاء.
وقال الناشط الحقوقي الإيراني علي كلائي لـ"عربي بوست" إن "ما حدث في سجن رجايي شهر في محافظة كرج قرب طهران كان انتهاكاً للمبادئ الحقوقية والقانونية، في غياب دفاع أو شهود أو وثائق، ولا يعرف أحد متى صدر الحكم ضدهم".
داعية شهير
ومن بين الذين تم إعدامهم الداعية شهرام أحمدي، بينما لايزال 37 سجيناً سنياً آخرون ينتظرون المصير نفسه، وفقاً لمنظمات حقوقية إيرانية، رصدت أيضاً أن الاتهامات متنوعة من سجين لآخر، ومن بينها "تدبير أعمال عنف واغتيالات التآمر والدعاية ضد النظام والفساد في الأرض".
وأضاف كلائي أن السلطات رفضت أن توفر للسجناء فرصة آخر لقاء وتوديع مع عائلاتهم، وتم فصلهم عن الآخرين عن النزلاء الآخرين في السجن عشية تنفيذ الإعدام.
صورة علي كلائي
واعتبر كلائي أن "النظام الإيراني يريد بإعدام هولاء الشباب الانتقام من السعودية الذي نفذت حكم الإعدام بحق الشيخ نمر النمر، خاصة بعد مشاركة الأمير تركي الفيصل في اجتماع للمعارضة الإيرانية في باريس، وهكذا أصبح الشباب الذين أعدموا ضحايا للنزاع السعودي الإيراني"، حسب قوله.
من هو شهرام أحمدي؟
وكتبت الصحفية نجيبة سبحاني، ابنة ناصر سبحاني الذي أعدم قبل 26 سنة في صفحتها على فيسبوك "كنت أعرف شهرام أحمدي جيداً، كان سلفياً ولم يكن جهادياً ولم يكن يريد أن يقوم بتفجير أي شيء وكثيراً من السلفيين في إيران يشاركون في انتخابات وينتقدون السعودية ويكرهون داعش".
واعتبر الناشط الحقوقي المتخصص في التيارات الدينية الوطنية تقي رحماني أن السبب في الحكم القاسي هو أن شهرام احمدي أفتى بتحريم الذهاب لاستقبال خامنئي في مدينة سنندج عاصمة محافظة كردستان، "فهل هذه الفتوى تزلزل الأمن القومي، ولماذا يسكت روحاني عن مثل هذه الملفات؟!".
صورة شهرام وشقيقه بهرام أحمدي
وُلد الناشط والداعية السني شهرام أحمدي عام 1987 بمدينة سنندج عاصمة محافظة كردستان شمالي إيران، واعتقل في أبريل/نيسان 2009، في طريق عودته من المسجد، وأمضى 40 شهراً في زنزانة انفرادية. وواجه اتهامات بـ"التخابر مع المجموعات والمنظمات السلفية والمشاركة في التخطيط اغتيال إمام جمعة السنة، والدعاية ضد النظام عن طريق المشاركة في صفوف عقائدية وسياسية، وبيع بعض الكتب والأقراص المدمجة حول تعاليم الإسلام على المذهب السني"، مع شقيقه حامد الذي أُعدم في مارس/آذار 2015 وكان بعمر 17 عاماً حين اعتقاله مع 5 آخرين.
وأيد ديوان القضاء الأعلى في إيران، في بداية يوليو/تموز 2016، حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة الثورة ضد أحمدي عام 2012، بعد محاكمة قصيرة.
المقطع الأخير
ونشر أصدقاء شهرام أحمدي مقطع فيديو مسرباً له من السجن، يقول فيه: "أمضيت ٣٣ شهراً في الحبس الانفرادي في سجن سنندج، تم إعدام أخي بهرام وعمره كان أقل ١٨ سنة، واستغرقت جلسة صدور الحكم ضدنا أقل من 5 دقائق".
وظهرت زوجة شهرام أحمدي في مقطع مصور، قالت فيه: "زوجي اعتقل قبل سنوات دون أن يرتكب شيئاً، وإذا كانت هناك جريمة فلماذا أمضى كل السنوات في السجن قبل إعدامه؟".
وقال الصحفي عبدالسلام سليمي، المتخصص في الشأن الإيراني، لـ"عربي بوست" إن تنفيذ الحكم على هذا النحو سيضر إيران اقتصادياً وسياسياً وأمنياً؛ لأنه يتسبب لها بمشكلات في علاقاتها مع العالم، وليس هناك مبرر لحكومة روحاني الذي تدعي أنها معتدلة وإصلاحية، ولا تريد تأجيج نار الخلافات مع الخارج"، في أن تقوم بمثل هذه الإجراءات، التي قد تجر عليها انتقادات دولية واسعة.