عن المزاجيين

المزاجية مثلها مثل الكثير من الطباع يشترك فيها الكثير من البشر، ولكن يبقى للمزاجية وضع خاص، طبع غريب، غامض ومبهم.. كلما زاد معدله عند الشخص أصبح "علامة" لصيقة به تميزه عن محيطه، يعيش وبداخله أكثر من صوت، كل يتكلم وفق مزاجه.

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/01 الساعة 04:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/01 الساعة 04:59 بتوقيت غرينتش

المزاجية مثلها مثل الكثير من الطباع يشترك فيها الكثير من البشر، ولكن يبقى للمزاجية وضع خاص، طبع غريب، غامض ومبهم.. كلما زاد معدله عند الشخص أصبح "علامة" لصيقة به تميزه عن محيطه، يعيش وبداخله أكثر من صوت، كل يتكلم وفق مزاجه.

المزاجيون لا شيء ثابت وواضح الملامح لديهم؛ لذا لا تحاول مجادلتهم كثيراً، فقد يعارضون بعضاً من أفكارك ويأتون إليك بعد حين ليخبروك بأنك كنت على حق، أو يعبروا عن احترامهم لرأيك، ومن المحتمل أيضاً أن يقدموا اعتذاراً إذا كان حجم الخلاف كبيراً.. ليس لأنهم عديمو الرؤية، ضعيفو القدرة على التحليل أو محدودو الرصيد الثقافي، ولكن لأنهم بطبعهم المزاجي لا يكفون عن مناقشة الكثير من الأفكار مع عقلهم الباطن ومع العقول المحيطة بهم،

فتراهم يتوصلون إلى الفكرة وعكسها فور تغيير زاوية التحليل والنقد، مما يجعل منهم تعليلاً شافياً لفكرة عدم وجود حقيقة مطلقة، وأن لا أحد يمتلك الحقيقة ما دامت الأفكار تُناقَش وقابلة للدحض والنقد والأخذ والرد، فذلك يعني أن الحقائق المتعلقة بتلك الأفكار لم تتبين بعد.. يكرهون النمطية بجميع أشكالها، فتجدهم لا يلبثون طويلاً بمكان ما، لا يحتفظون بعملهم إذا أتيحت لهم فرصة التغيير ولا شيء يعجبهم.. وإن أعجبهم لا يدوم الإعجاب طويلاً..

المزاجيون الحقيقيون هم الأقرب للمغامرة والجنون لأن مزاجيتهم تتغلب على تفكيرهم بعواقب الأمور، ما دام الأمر سيكسبهم فرصة عيش شيء جديد ومختلف ومغاير عن الذي اعتادوا عليه.. ما دام الأمر سيرضي مزاجهم.. حالاتهم النفسية شبيهة بحبيبات الزئبق، يستحيل الإمساك بها، وكل ما يمكن أن يقال عنها، لخصه مصطفى محمود في مقولته: "و كلما أمسكت بحالة من حالاتي وقلت هذا هو أنا.. ما تلبث هذه الحالة أن تفلت من أصابعي وتحل محلها حالة أخرى.. هي أنا.. أيضاً"، مشاعر المزاجيين تتأرجح بين الشعور ونقيضه، فتارة متفائلون لدرجة تصديقهم وتارة متشائمون لدرجة كرههم.. يحبون بصدق، ولكن سرعان ما يختفون إذا انتابهم الشك في مشاعرهم؛ ليجددوا الظهور مرة أخرى لأسباب يجهلونها،

تارة يحبون أنفسهم حد النرجسية، وتارة لا يطيقون سماع أصواتهم الباطنية، لا تتعجب إن انبعث من سماعاتهم أغاني فيروز صباحاً ثم أغاني بينك فلويد مساء، وموسيقى آني لينوكس في ما بينهما؛ لهذا لا تسألهم عن اللون الموسيقي أو اللون المفضل لديهم، أو أي سؤال مفتوح؛ لأنك لن تحصل على الجواب الحقيقي والنهائي.. وأكثر الأسئلة إزعاجاً بالنسبة لهم هي تلك المتعلقة بالمشاريع والمخططات المستقبلية؛ لأن أهدافهم وأحلامهم تتقلب تقلب مزاجهم.. المزاجيون مُتْعِبون ومُتْعَبون، مُمْتِعون ومُستَمتِعون، جذّابون ومُمِلّون.. لكنهم لا يعلمون ذلك ولا يتوقعونه.. ببساطة لأنهم مزاجيون!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد