هذه التدوينة تحتوي على كلمات بالعامية المصرية
أثناء حديثي مع أحد أصدقائي المقربين الذي لقي كل منا في الآخر بيئة مناسبة "للحكي والفضفضة" لتلك الأشياء البشعة التي تصر على الالتصاق بنا في أي زمان ومكان، وحتى لا أطيل عليكم في حديث لا يخصكم فـ"المهم"، سألته لماذا لم تتزوج عزيزي حتى الآن ولا أراك حتى مقبلاً على ذلك
بصدر رحب؟، مع العلم أنه في طريقه إلى سن الثلاثين، ربما بلوغ سن الثلاثين عند الرجال بدون زواج ليس بنفس درجة الرعب والأسى عند البنات، فعلى الأقل كما يقولون إن الرجل سيتزوج وقت ما يريد ولكن البنت تجلس "حاطة إيديها على خدها" منتظرة نصيبها من كعكة الزواج الجميلة "أحياناً"، ولكن الحقيقة كلاهما هذه الأيام "حاطط إيده على خده".
رد صديقي بمنتهى البساطة والتلقائية: "خايف أنام وأنا متجوز واحدة وأصحى ألاقيها واحد.. مرعوب والله"، في الحالات دي بنرد ونقول: "هَم يضحك وهم يبكي"، استرسل في الفضفضة وقال إنه أصبح يتخيل كل جميل في حياته مزيفاً، وكل ما هو مضيء يترجمه عقله مظلماً، بات لا ينبهر ولا يصدق أو يعطي الأمان بسهولة، صارت عملية تقبل الآخر والدخول في علاقة حب حقيقية شبه مستحيلة، فهو دائماً يراوده إحساس أن هناك شيئاً ما غامضاً أو مزيفاً، فقد تلك العيون العسلية التي أعجب بها وجذبته عدسات لاصقة، وربما ذلك الوجه المنحوت " كونتور"، كما نسميه نحن البنات، أما الشعر الناعم الحريري فهو أيضاً من الممكن أن يكون "كيرياتين"، وحتى لو كانت محجبة فمن المحتمل تكون مجبرة عليه وبداخلها عقد كثيره تجاه الحجاب، وهنا يرى فيها صديقي أنها ليست بالصراحة ولا بالسلام النفسي الكافي الذي يرغبه، أما عن شكل الجسم ومدى ظهور أنوثته فتلك قصة يطول شرحها، نحن النسوة نعرفها جيداً، ونتقن كيفية التحكم بها.
" يا رتها تيجي على الشكل وبس"، كان هذا ما أنهى به حديثه عن حجم المفاجآت والبؤس الذي يتخيله كل يوم في كل بنت تأتي أمام عينيه، فهو لا يريدها "خضراء الشريفة"، ولكن تلك المسكينة مصرة على أن تمثل دور الملاك الذي أنزله الله من السماء ليقابل صديقي العزيز فقط، هو يريدها إنسانة تخطئ كأي إنسان خلقه الله، إنسانة بها قلب ومشاعر من الطبيعي أن تكون دقت لغيره، ولكن حينما تدق له فلن تدق لغيره، تحترمه وتقدر مشاعره وتكون على قدر من الذكاء والسلام النفسي الذي يسمح لها بأن تكون كتاب مفتوح له، يستطيع أن يقرأه متى يريد، تكون على قدر آخر من الفهم الذي يساعدها في انتشاله من تلك الوعكة التي جعلت من صديقي إنساناً وراجل مصري بالتحديد غير واثق من أي شيء.
امنحيه فرصة النجاة من كل شيء مظلم يراوده، فعليك بحب نفسك أولاً ومساعدتها في الوصول إلى السلام النفسي مع ذاتك، واعلمي جيداً أن لكل منا كسيدات شيئاً جميلاً ورقيقاً ميزنا الله به، شيئاً يثير رجلاً ما على الأرض، اقرئي واسمعي الموسيقى وشاهدي الأفلام، واجعلي لنفسك بعضاً من الوقت يساعدك على الاستجمام والاسترخاء، فكل هذا يغذي روحك التي سيدوم حبها، أغلقي بابك عليك ولو نصف ساعة أسبوعياً وارقصي على أنغام "انت عمري" وأطلقي العنان لشعرك، وتذكري أن بدون حبك وثقتك بنفسك لا تستطيعين إسعاد صديقي ولا هو سيستطيع أن يغرم بك.
لا تجلدي نفسك إذا أخطأتِ قبل معرفتك به، فأنت بشر والبشر خطاؤون بطبعهم، فقط كوني على قدر كافٍ من الجراءة والصراحة فهي طوق النجاة وسر الاستمرار والوصول لأعلى الدرجات.
وأخيرا وبعد أن أنهى حديثه معي عما يخيفه من الزواج، ساد الصمت بنا كالعادة في ذلك النوع من الأحاديث الجدلية ذات الأبواب المغلقة، وانتهى بي الأمر بأن أدعو لصديقي بالنجاة، وبأن يمنحه الله رفيقة يرمي حموله بين أحضانها في كل ليلة بدون خوف، كما زاد في قلبي إحساس الشفق على رجلآ ما غير صديقي لا أعرفه ولا يعرفني، وربما قد تفاجأ اليوم بشكل جديد لزوجته بدون مستحضرات تجميل أو بمفاجأة غير سارة مخبأة عنه، حينما أكتب أنا تلك الكلمات.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.