الإرهاب

في الثقافة العربية الإرهاب هو الهجوم المسلح غير المبرر على شخص أو مجموعة من الأشخاص في مكان وزمان معين، مما يؤدي إلى سقوط بعضهم بين قتيل وجريح، أو سقوطهم كلهم، ولكن ماذا عن ناس أخرى سقطت وأجسادها سليمة؟! هناك أنواع أخرى من الإرهاب تحدث كل يوم ..

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/21 الساعة 05:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/21 الساعة 05:18 بتوقيت غرينتش

من الكلمات التي أصبح الحديث عنها شبه يومي في العالم، والإرهاب يعنى الإخافة، هكذا تبدو الكلمة، إثارة الرعب والذعر، والإنسان يحتاج دائماً إلى الأمن، فهو من المتطلبات التي لا يعيش من دونها، وإن عاش لا يكون قادراً على الإبداع والتقدم.

وفي اعتقادي أن الحضارة تعني أولاً توفير الأمان، ولكن بكل صوره، الأمان ليس مجرد الحماية من هجوم مسلح، فالكثير من المواقف الحياتية اليومية قد تتعرض فيها لإرهاب حقيقي، ولا ينفعك بشيء أن تكون دولتك محصنة بترسانة أسلحة وطائرات وسفن حربية، وأنت تتعرض لإرهاب، إرهاب معنوي، وفي بعض الأحيان جسدي أيضاً.

في الثقافة العربية الإرهاب هو الهجوم المسلح غير المبرر على شخص أو مجموعة من الأشخاص في مكان وزمان معين، مما يؤدي إلى سقوط بعضهم بين قتيل وجريح، أو سقوطهم كلهم، ولكن ماذا عن ناس أخرى سقطت وأجسادها سليمة؟!

هناك أنواع أخرى من الإرهاب تحدث كل يوم، نشر شخص مصري على صفحته مقالاً باللغة العامية يتشفَى فيه بمعنى الكلمة في موت والده، قائلاً حرفياً: "أنا أعيش حياتي الآن وأنت ميت"، لاقى المنشور عشرات الآلاف من نقرات الإعجاب وإعادة النشر، وعند قراءته ستجده مأساة حقيقية، ما بين تعرية وضرب بالسلك على الجسم بسبب درجات الامتحان، مروراً بالسخرية منه عندما كان طفلاً، والإيذاء النفسي البالغ، هكذا سارت حياة شريف، مع أب تدل كل الشواهد على وجود عقد جمة لديه، لم يكن يجد متنفساً للتعبير عنها غير جسد شريف الصغير.

مقال مؤلم جداً، وحقيقي للغاية، كم شخص عاش أو لا يزال يعيش مثل شريف ولا يجد الجرأة ليقول مثلما قال؟! أكثر من 8 آلاف تعليق تحدث فيها أشخاص آخرون عن الضرر البالغ الذي لا يزالون يعيشون فيه بسبب آبائهم، 6 سنوات مرت على وفاة والد شريف، ولا يزال يراه في أحلامه، حتى إن الموت نفسه لم ينهِ مأساته مع والده.

الإرهاب تتعرض له الكثير من الزوجات العربيات، يخيفونها، مصيرك هو الطرد والشارع والحرمان من الأطفال، بل إن عائلة بعض الزوجات قد تكون نفسها أكبر داعم لإرهاب زوجها لها، التلويح بورقة الطلاق وكأنها إحالة إلى المفتي، الطلاق في المجتمع العربي سلاح رشاش للإرهاب، ولهذا تعيش فتيات كثيرات ذليلات تحت وطأة الإرهاب النفسي والجسدي، في علاقة قائمة على التسيد والإخافة (الإرهاب).

نعم عندما تربي كلباً، يجب أن تتسيد عليه حتى يبقى طوع أمرك، قالتها إحدى الشخصيات (صوفيا) في رواية اللون الأورجواني للكاتبة أليس ووكر "كان يعاملني مثل الكلب" الذي يضربه فقط ليعرف مقامه؛ لذلك من حين لآخر الضرب مطلوب لنتذكر من السيد.

مشهد آخر لم يمضِ عليه وقت طويل، في الوسط الرياضي الذي أصبح حلبة قتال حقيقي، والمفترض أنه يعبر عن المنافسة الشريفة والروح الرياضية والتقبل، ركض المدير الفني حسام حسن خلف شخص يحمل كاميرا لعدة أمتار، ظل حسام يركض خلف الرجل المفزوع حتى سقط خوفاً، فأمسك حسام بالكاميرا ودمرها بخبطة واحدة ثم انهال بالضرب على الرجل، لحظات أو دقائق من الرعب تعرض لها مصور.

لا يتعرض المواطنون لضغط نفسي كبير في أي مجال إذا كان بلدهم به عدالة حقيقية؛ لأنه معروف مسبقا أن العقاب سيكون رادعاً، أما إذا كان العقاب الرادع يصدر فقط لصالح أبناء طبقة معينة، أو العاملين في مجال معين أو الأثرياء، فالطبيعي أن يكون الإرهاب سلوكاً يومياً، ومنهجاً له أتباع، وثقافة سائدة في المجتمع، ورغم الحديث الدائم عن محاربة الإرهاب، فإنها تبقى غابة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد