قالت الشركة الهولندية المكلفة بالبحث عن حطام الطائرة الماليزية MH370 في أعماق المحيط الهندي إن هناك احتمالاً بأنها أمضت عامين من البحث في المكان الخاطئ، وفق تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية نشر الخميس 21 يوليو/تموز 2016.
طائرة البوينغ 777 اختفت في شهر مارس/آذار عام 2014 وعلى متنها 239 راكباً غير طاقم الرحلة التي أقلعت من بكين متوجهاً إلى كوالالمبور، ومازالت عملية البحث عن حطامها جارية في رقعة تبلغ مساحتها قدر مساحة اليونان.
ونقلت "الغارديان" عن مهندسين من المجموعة الهولندية فوغرو Fugro المكلفة بالبحث قالوا، اليوم الخميس، إنه بات في اعتقادهم أن الطائرة يمكن أن تكون قد انزلقت في الهواء بدلاً من السقوط والغرق العمودي، ما يعني أن الفريق بحث لمدة عامين في المكان الخاطئ.
وأشارت الصحيفة إلى أن مساحة رقعة البحث تبلغ 120 كيلومتراً مربعاً جنوب المحيط الهندي بمحاذاة الساحل الأسترالي، ويتوقع انتهاء مهمة البحث بعد 3 أشهر، لكن من الممكن أيضاً إلغاء المهمة ووقفها تماماً بعد لقاء المسؤولين الماليزيين والصينيين والأستراليين غداً الجمعة.
ولا جديد عثر عليه حتى الآن من حطام الطائرة رغم أن أجزاء منها جرفها التيار ليعثر عليها قبالة سواحل إفريقيا الشرقية.
وذكر تقرير "الغارديان" أن رئيس مشروع فوغرو، بول كينيدي، قال في حديث إلى رويترز: "إن لم يكن [الحطام] هناك فهذا يعني أنه في مكان آخر".
هناك من تحكم بها
كينيدي لا يستبعد دور أي احتمالات بعيدة في جعل إيجاد الطائرة أمراً مستحيلاً، إلا أنه وفريقه يرون أن أكبر الظن هو في احتمال معقول أكثر هو انزلاق الطائرة في الهواء – مايعني وجود من يتحكم بها في قمرة القيادة حتى لحظاتها الأخيرة – وبالتالي لعلها خرجت عن نطاق المنطقة التي حددتها صور القمر الصناعي وحساباته.
فقد قال كينيدي: "إن كان التحكم موجوداً فهذا معناه أنها كانت قادرة على الانزلاق لمسافة طويلة حتى خارج نطاق رقعة بحثنا، لذلك أرى أن الاستنتاج المنطقي يقول إن هذا هو السيناريو الآخر المحتمل".
لكن التشكك بمكان البحث عن الحطام من شأنه تزايد المطالبات بنشر البيانات كاملة على العلن لكي يتسنى للأكاديميين والخبراء والشركات المنافسة أن يتوصلوا إلى حل "ذي مصادر مفتوحة"، أي تكوين رأي يتعاون فيه كل من في الأوساط العامة للتوصل إلى إجابة تحل لغز هذه الطائرة المختفية التي حيرت كل العاملين في قطاع الطيران.
ونظرية فوغرو هذه القائلة بانزلاق الطائرة بفعل تحكم قائدها هي أول مرة يميل فيها المسؤولون لتصديق نظريات متضاربة حول وجود من يتحكم بالطائرة في لحظاتها الأخيرة.
إطفاء عمدي
وقد تضاربت الآراء والنظريات منذ سقوط الطائرة حول هل كان التحكم بالطائرة يتم من قبل الطيار وحده أم مع مساعده في قمرة القيادة، أم أنه لم يكن أي منهما هناك، أم أنها كانت حادثة اختطاف، أم لعل حادثة أودت بحياة كل من عليها فلم يتبق من أحد يسيطر على دفة قيادتها لحظة لامست سطح المحيط.
ولا تتوقف التكهنات ولا الغموض هنا بل ما يزيد من القضية غموضاً هو أن المحققين يعتقدون أن أحد الموجودين على متن الطائرة أطفأ عن عمد جهاز استقبال وإرسال إشارات الراديو الخاص بالطائرة قبل أن يحرِفَ مسارها آلاف الأميال.
لكن نظرية الانزلاق هذه غير مدعومة بأدلة من أطراف التحقيق التي تضم شركة بوينغ نفسها، شركة Thales الفرنسية، مجلس أمن النقل الوطني الأميركي، شركة الأقمار الصناعية البريطانية Inmarsat، الفرع البريطاني لتحقيقات الحوادث الجوية، ومنظمة العلوم والتكنولوجيا الدفاعية الأسترالية.
أكبر عملية بحث في التاريخ
ويتوقع أن يناقش اجتماع الجمعة المزمع أن يعقده المسؤولون الصينيون والأستراليون والماليزيون موضوع مستقبل عملية البحث، وكانت حكومات الدول الثلاث قد اتفقت من قبل أن مدة البحث لن يتم تمديدها ما لم تظهر أية أدلة دامغة جديدة، رغم مناشدات أهالي الضحايا.
جدير بالذكر أن أي بحث جديد سيتطلب تكاليف جديدة من الحكومات الثلاث تضاف إلى مبلغ الـ137$ مليون دولار الذي تكلفته عملية البحث حتى الآن، ما سيجعل من عملية البحث هذه الأكثر تكلفة في كل تاريخ الطيران.
وكانت السلطات عام 2014 إبان عملية تحديد نطاق البحث قد افترضت غياب وجود "مدخلات للمعطيات" على متنها في لحظاتها الأخيرة، ما يعني أنه لم يكن هناك طيار أو أن الطيار كان موجوداً لكنه فاقد لوعيه. ويعتقد المسؤولون أن الطائرة كانت في وضعية الطيران الأوتوماتيكي ثم انجرفت خارج مسارها لما نفذ وقودها.
لكن كينيدي يرى أن طياراً ماهراً يمكنه أن ينزلق بالطائرة مسافة 193 كيلومتراً هابطاً تدريجياً من العلو الذي كانت تحلق على ارتفاعه بعدما نفد وقودها، غير أن طياراً آخر قال لرويترز إن المسافة أقل من ذلك بقليل.
أما لكي تستمر الطائرة بالانزلاق بعد فراغها من الوقود فيتطلب ذلك وجود من يتحكم بالطائرة يدوياً لكي يضعها في وضعية انزلاق لتكون مقدمتها منحنية إلى الأسفل مع تحكم بسرعتها.
ونقل تقرير صحيفة الغارديان عن قبطان ذي خبرة بطائرات البوينغ 777 "إن نفدت الطاقة تماماً يتوقف الطيار الأوتوماتيكي عن العمل، وما لم يكن هناك من يدير أجهزة التحكم فستهوي الطائرة وتسقط".
وتعتمد فوغرو في عملها على "مستوى ثقة" يبلغ 95% من المقياس الإحصائي المستخدم في هذه الحالة لبيان درجة التأكد من عدم وجود حطام الطائرة في المنطقة التي قاموا بتمشيطها، والتي هي منطقة مسطح مائي قاعه تلال شديدة الانحدار وبراكين تحت سطح الماء.
يقول ستيف دفيلد مدير فوغرو: "إن سيناريوهات نهاية الرحلة عديدة لا حد لها، فمثلاً أي جناح نفذ وقوده أولاً، وهل انحرفت في هذا المسار أم أنها مالت إلى الطرف الآخر؟".
من جهته يصر مكتب سلامة النقل الأسترالي ATSB المعني بتنسيق عملية البحث على صحة حدود نطاق منطقة البحث ويدافع عن إحداثياتها، ولم يعطِ رداً فورياً على سؤال عما إذا كان ينظر في احتمال نظرية الانزلاق.
وكانت السلطات قد استعانت بالبيانات التي قدمتها شركة الأقمار الصناعية البريطانية Inmarsat لتحديد نقطة السقوط المحتملة عبر تحليل التواصل بين الطائرة ومحطة القمر الصناعي الأرضية.
وختم متحدث باسم مكتب سلامة النقل الأسترالي ATSB بالقول: "جميع بيانات المسح التي جمعت عن رحلة الطائرة المفقودة MH370 سيتم إعلانها".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.