لامس القلوب بأعماله، ودخلها دون إنذار بأفكاره الجميلة والمبتكرة، لينال بعد ذلك شهرة واسعة.. إنه إيرول أولتشاك (53 عاماً).. مهندس الحملات الإعلامية لحزب العدالة والتنمية في تركيا، عرفه الأتراك من خلال الفيديوهات والأغاني الحماسية التي ساهم في إنتاجها، والتي ردّدها الجميع معجباً بعد ذلك.
سلّمه أردوغان، الذي عرفه عن قرب خلال عملهما معاً في بلدية إسطنبول حينما تولّى رئاستها، مسؤولية الترويج لبرامج حزبه الجديد آنذاك (العدالة والتنمية)، ليحقّق الرجل نجاحاتٍ كبيرة يطول سردها، بدءاً بشعار الحزب الذي أصبح أيقونة يعرفها الجميع، ومروراً بفيديوهات تحفيزية، روّجت لبرنامج الحزب في الانتخابات الأخيرة، وانتهاءً بإعلان الاحتفال بمرور 100 عام على انتصار العثمانيين على الحلفاء في الحرب العالمية الأولى في معركة "جنق قلعة".
إيرول وجد مقتولاً برفقة ابنه عبدالله (16 عاماً) في محيط جسر البوسفور في إسطنبول صبيحة ليلة محاولة الانقلاب الدامية في تركيا. فحسبما ذكرت الصحافة التركية تعرض إيرول لإطلاق نار أثناء تواجده في محيط الجسر برفقة ابنه ليفقدا حياتهما فوراً وينقلا لمستشفى الطب العدلي في إسطنبول.
صورة لإيرول وابنه عبد الله
لقاء أردوغان وإيرول الأول
تخرج إيرول، المولود عام 1963 في مدينة تشروم "شمال تركيا"، من كلية الفنون التابعة لجامعة إسطنبول، ليؤسس بعد تخرجه وكالة آرتر للإعلان، والتي أدخلته عالم السياسة، حينما بدأ يروّج حملات الأحزاب ومرشحي مجلس الشعب في العام 1987.
انتقل إيرول للعمل في قسم الإعلام والترويج التابع لبلدية إسطنبول، ليتعرّف فيها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يشغل منصب رئيس البلدية آنذاك، وتبدأ بينهما صداقة قوية استمرت حتى اللحظات الأخيرة لإيرول.
في عام 1999 وخلال انتخابات مجلس الشعب وافق إيرول على عرضٍ تقدم به حزب "الطريق الصحيح"؛ أحد الأحزاب المشاركة في الانتخابات في تلك الفترة، لترويج حملته الانتخابية، ثم تلقّى بعد ذلك عرضاً من صديقه القديم أردوغان للعمل معه في حزبه الجديد، ليصبح أحد أهم أعضاء الحزب منذ ذلك الوقت.
وكالة "آرتر" الوكالة الإعلامية الخاصة بإيرول والجهة المنتجة لفيديوهات حزب العدالة والتنمية نعته عبر موقعها الرسمي مؤكدةً "بأنه شهيد الحفاظ على الديمقراطية" معلنةً الحداد على روحه.
إيرول الأستاذ
يبدو أن بصمات إيرول في تخصصه لم تكن حبيسة تجربته مع حزب العدالة والتنمية فقط، أو اقتصرت على أعماله الفنية، بل امتدت لتؤثر في العديد من أبناء تخصصه، والذين كان لهم بمثابة الأستاذ.
من بين هؤلاء منتج الأفلام الوثائقية المصري أحمد عبدالحافظ، والذي نعى إيرول على صفحته في فيسبوك قائلاً "كان رحمه الله نموذجاً لامتلاك القوة والاحترافية في مجاله لأقصى صورها، طاف الأرض ينقل خبراته الواسعة بصبر ومحبة.. علّمني الأستاذ إيرول رحمه الله كيف أعمل، وأعطاني من خبرته، كنت أذهب إليه في إسطنبول فيعطيني من وقته وخبرته بكل حب وصبر لأيامٍ طويلة دون ملل".
ويضيف "صنع الأستاذ إيرول أولتشاك رحمه الله صورة أردوغان التي رآها العالم منذ أن كان والياً لإسطنبول، وصولاً لكرسي الرئاسة في قصر تشانكايا، مروراً بسنوات رئاسة الوزراء، كانت مهمته أن يصنع الصورة الذهنية له كزعيم وقائد، فكان يحدّد متى يظهر وكيف يظهر، كان يضعه بعبقرية نادرة في سياق الأحداث بشكل يعظّم من صورته.. فيستدعيه في إعلانات الحملات تارةً بصوته فقط وتارةً بصورته وتارةً بشخصه".
"شارك" في تشييع أولتشاك
وتداول إعلاميون من جنسياتٍ مختلفة في تركيا دعوات للمشاركة في تشييع أولتشاك ونجله عبدالله عصر اليوم من مسجد كلية الإلهيات بمنطقة باغلار باشي في أوسكودار.
فيديو اللحظات التي قتل فيها إيرول.
أحد الفيديوهات التي أنتجها إيرول لحزب العدالة والتنمية