طفلة وقطة!

هناك وسائل كثيرة للرحمة وفي ذلك أذكر صديقة أعرفها كانت تقول لي إنها منذ صغرها حينما ترى نملة صغيرة تسير على الأرض في طريقها ترفع قدميها عنها ولا تحطمها، وعندما سألتها لماذا تفعلين ذلك؟ أجابت: (أحاول أن أرحمها لعل الله بفعلتي هذه يرحمني يوم القيامة).

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/14 الساعة 03:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/14 الساعة 03:49 بتوقيت غرينتش

قرأت منذ فترة موضوعاً في إحدى الجرائد الإنجليزية عن طفلة هندية لم يتجاوز عمرها العشرة أعوام تقوم منذ أكثر من عام ونصف بادخار جزء كبير من مصروفها اليومي لشراء طعام للقطط التي تعيش في الشارع التي تسكن فيه.

ما لفت نظري أكثر وأثار إعجابي أن هذه الطفلة لها مواعيد محددة يومياً لإطعام القطط؛ حيث تضع لها الطعام بالصباح قبل موعد أوتوبيس المدرسة ثم تضع لها طعاماً آخر بعد عودتها، وهناك مرة ثالثة بالمساء، والمدهش أن القطط أصبحت مع الوقت تعرف مواعيد إتيان الفتاة لها فتكون موجودة بالكامل لانتظار الطعام!.

كما أن هذه الطفلة تقوم بأخذ القطط التي تشعر أنها مريضة أو مصابة إلى عيادة الطب البيطري، وتقوم بعلاجها وكل هذا تفعله لقطط شوارع تعيش بلا ملجأ، ولكن بسبب رحمة هذه الفتاة وجدت هذه القطط ملاذاً جديداً للشعور بالأمان والحب.

جعلني هذا الموقف أتذكر موقفاً آخر لفت نظري بشدة وأشعرني بالحزن؛ حيث رأيت في إحدى المرات قطة قد صدمتها سيارة وماتت في وسط الطريق، وهذا مشهد قد نراه كثيراً، ولكن ما جعلني أتوقف هو تلك القطة الأخرى التي بدا من تصرفها أنها تعرف هذه القطة الميتة، وقد هالها مشهد صديقتها وهي ملقاة على الأرض ولا تستطيع أن تفعل شيئاً لها، رأيتها تقف بجانبها وتصرخ بصوت لافت وتنظر إليها وكأنها تبكي حزناً على فراقها، وما جعل المشهد أكثر حزناً هو إصرار هذه القطة على الوقوف بجوار صديقتها وعدم تركها لدرجة أن السيارات استخدمت منبه السيارة لأكثر من مرة لكي تمشي القطة وتستطيع السيارات العبور، ولكنها من فرط حزنها وربما لإخلاصها لصديقتها الميتة لم تستجب لأية تنبيهات، حتى أتى مجموعة من الشباب الواقف على الطريق وحمل القطة الميتة وقاموا بوضعها بعيداً عن الطريق حتى تبتعد هذه القطة، فيا لها من فطرة!

هذه المشاهد جعلتني أتفكر في معنى الرحمة التي أصبحنا نفتقدها كثيراً في عالمنا وفي حياتنا اليومية، فهناك أشياء كثيرة في حياتنا لو تعاملنا معها بمفهوم الرحمة لاختلفت كثيراً، فهذه القطط التي وجدت الطعام والحب من طفلة صغيرة، هناك قطط غيرها تموت يومياً بسبب سرعة البعض أثناء القيادة، وهناك العشرات من كيلوات الطعام الزائد الذي نرميه كل يوم دون التفكير بأنه من الممكن أن يستفيد منه فقير أو أي كائن حي آخر خلقه الله تعالى.

فلماذا لا نجمع بقايا الطعام في ورقة "فويل" مثلاً ونضعها بجانب صندوق القمامة لتأكل منه القطط أو الكلاب؟ ولماذا لا نضع بعض المياه في علبه قديمة أو أخرى بلاستيكية لتشرب منها، أو نفعل كما يفعل البعض بأن نضع على حافة شرفة المنزل أو الشقة بعض المياه أو الحَب ليأكل منه الطير ولنبتغي بذلك رضا الله لعل الله يطعمنا ويسقينا يوم القيامة.

هناك وسائل كثيرة للرحمة وفي ذلك أذكر صديقة أعرفها كانت تقول لي إنها منذ صغرها حينما ترى نملة صغيرة تسير على الأرض في طريقها ترفع قدميها عنها ولا تحطمها، وعندما سألتها لماذا تفعلين ذلك؟ أجابت: (أحاول أن أرحمها لعل الله بفعلتي هذه يرحمني يوم القيامة).

بالطبع الرحمة لا تقتصر على الحشرات والحيوانات فقط، بل يجب أن نجعلها في كل شيء في حياتنا، والأمثلة والوسائل كثيرة في ذلك، لكن علينا فقط أن نفكر، وأن نحاول أن تكون للرحمة مكان أساسي في يومنا، وفي كل أفعالنا، فمعاملة الخادمة برفق رحمة، وتقبيل أبنائنا والإحسان لهم رحمة، واحترام الوالدين رحمة، ومساعدة المسن رحمة، والرفق بالحيوان رحمة، والابتسامة رحمة، والشعور بالغير رحمة، فاللهم اجعلنا من الرحماء، وارحمنا بعزتك يوم القيامة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد