تكلمت في المقال الماضي عن هذا الكتاب، عن مقدمته والفصل الأول منه، للاطلاع على المقال الاولى يرجى الضغط هنا.
والآن الفصل الثاني قضية الخلافة يتكلم هذا الفصل عن قضية الخلافة وفكرة كل من السنة والشيعة حولها والدوافع أو المؤثرات التي ساعدت لتكوين تلك النظرة.
يرى دوزي أن السنة يرون أن الخليفة يتعين بالإجماع بانتخاب الشعب فهم بذلك يمثلون الديمقراطية، وهو راجع إلى طبيعة العرب البدوية الذي نشأ المذهب السني فيهم، ويتعين الخليفة لدى الشيعة بالوحي فهم يمثلون أصحاب الحق الإلهي، وهو يرجع إلى انقياد الفرس واعتيادهم على العبودية. يعقب الوردي، أن الأمر ليس كذلك، وإنما هو صراع بين الواقعية السنية التي اتخذت الديمقراطية كغطاء لها وبين المثالية الشيعية، بدليل أن السنة لم يمارسوا اختيار الخليفة إلا مرتين أو ثلاث* يرى السنة أن الخلافة يمكن أن تنال بالإجماع أو حتى بالغصب والقوة ويسخر الشيعة من هذا الرأي فالخليفة عندهم لا بد من توفر صفات فيه تتفق مع صفات الملك الفيلسوف لدى أفلاطون.
أما عن طبيعة نشأة العصمة لدى الشيعة، فيقول أحمد أمين إنها راجعة إلى أمرين: الأول هو أن السنة حكموا ومارسوا الحكم فانكشفت أخطاؤهم بينما الشيعة لم يحكموا بصورة فعلية بل كانوا مضطهدين. الثاني أنه يرجع للعنصر الفارسي وكونهم محاطين بالعنصر الفارسي بينما السنة محاطون بالعرب الديمقراطيين..
وهذا الرأي الثاني ذكره كثير من المؤرخين وتعقبه الوردي بأنه غير صحيح، لأن أي شعب كان في نفس ظروف الشيعة سيكون كذلك، فالنتيجة التي وصل إليها الشيعة نتيجة اجتماعية وليست عرقية* يرى أن التسنن ليس مختصاً بالعرب وإنما هو من خصائص المجتمع البدوي الشرس، الذين لا يستطيعون تحمل الميول إلى الإذعان.
فالتشيع يوجد في المناطق الزراعية، فإن كانت غير خاضعة للنفوذ الشيعي فيظهر فيها التصوف، فهذا راجع إلى النظام الطبقي الذي يصبح فيه المزارعون مضطهدين يدفعون الضرائب إلى حكامهم* ذكر أن السنة يمثلون أولئك الذين حصلوا على منافع من الحكومة، بينما الشيعة يمثلون الفئة الفقيرة المضطهدة من الإمبراطورية الإسلامية* (الفصل الثالث طبيعة الإسلام في هذا المقطع)، تكلم عن طبيعة الإسلام وتطوره من دين محض في العصر المكي إلى اجتماع بالدنيوي بعد الهجرة، ذكر تعليل بعض المستشرقين بأنه الدافع السلطوي، ولكن توينبي دافع عن النبي عليه السلام ضد هذا الرأي.
تعتبر المرحلة المكية المثالية، بينما المدنية الواقعية وتحققت أعلى ما يكون الانسجام بينهما في عصر النبي بينما كانت الاحتجاجات في عصر الخلفاء هو انفصام المثالي عن الواقعي هو المعضلة لكل من أتى بعد النبي عليه السلام. لم يناصر البدو النبي عليه السلام، يعلل الوردي بأن الطبيعة البدوية ليس فيها تقسيم طبقي، ليس فيها قاهر ومقهور حتى يلتجئ المقهور لشرعية ضد قاهره؛ لذلك كان إيمان البدو إيماناً نفعياً مادياً
الفصل الرابع الصراع داخل الإسلام وأصوله تكلم في هذا الفصل عن الصراع داخل الإسلام وأصوله فذكر أن تحول الإسلام إلى القتال لم يكن لغرض شخصي من النبي، وإنما الظروف أجبرته فسعى لتنظيم جيش يحمي دينه وفكرة بناء الدولة أتت بعد ذلك فلم يكن رجل دولة ثم ذكر طبيعة البدو القتالية، ومعضلتهم بعد إسلامهم، فالإسلام حرم عليهم القتال الداخلي، فتم تحويل الصراع إلى الخارج فصار البدو فاتحين، ولكن بعضاً منهم كان ذا نزعة مادية من مظاهر الطابع البدوي في العمل السياسي، ذاك الذي منع الإسلام وفرض الجزية على قوم، وكذلك احتقار الشعوب المفتوحة فولّد الاحتقار نزعة مضادة جعلتهم يثبتون تفوقهم على من احتقرهم.
تكلم عن العراق والشام فذكر طبيعة العراق الثورية في الإسلام، ولم تكن كذلك من قبل، وعزى ذلك إلى وجود أكثر الصحابة الأوائل فيها ومعرفتهم بقيم الإسلام وحرمانهم منها، بخلاف الشام الذين عاش فيهم "أرستقراطيو مكة" فولد فيهم نزعة المسالمة والسمع للدولة وعلل بمقولة لـ ماكس شيلر، إن مشاعر الاستياء تتوافر في المجتمعات التي فيها نزعة أيديلوجية فيها دعوة للمساواة، ولكنها غير متحققة فعلياً وذكر جملة أخرى لـ فيبر أيضاً أن مشاعر القهر والدونية لا يقودان إلى الاستياء ما لم يقترن بهما مشاعر قوية من الأهمية الشخصية والاعتداد بالنفس ومثل الوردي بالعراق، وذكر صاحب الكلمة أن الهند لا يوجد فيها مشاعر الإستياء بسبب رضاهم واعتقادهم أنهم في الموقع الطبيعي.
انتهى الجزء الثاني من العرض ونلتقي في الجزء الثالث والأخير…
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.