الإلحاد من الإيمان إلى الإجحاد (1)

فحين نقول الإيمان بعدم وجود الإله، فهذا يعني أن الملحد لم يقتنع بأي دليل قدمه المؤلهة أو المؤمنون على وجود الله تبارك وتعالى، أما حين نقول لا يؤمن بوجود الله فهذا يتضمن بأن وجود الله قضية مثبتة ومبرهنة وهو يشاء أن لا يؤمن لسبب أو لآخر..

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/09 الساعة 05:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/09 الساعة 05:21 بتوقيت غرينتش

الإلحاد.. كلمة بتنا نسمعها كثيراً في الآونة الأخيرة في عالمنا العربي، وبات لوقعها نسق تصاعدي يوماً بعد يوم، الأمر الذي ظهر جلياً في الهاشتاغات التي أقيمت خصيصاً لهذا الموضوع، والتي أصبح من الطبيعي جداً أن نجدها تحتل المراتب الأولى في الترند العربي، فعلى سبيل الذكر لا الحصر فيما تعلق بهذه الهاشتاغات.. تم مؤخراً تداول هاشتاغ مليون لا ديني سعودي وهاشتاغ الإلحاد يكتسح السعودية واللائحة دون شك جد طويلة.

المؤكد أن أسئلة كثيرة تطرح حول الظاهرة، مثلاً: لماذا شبت نارها الآن تحديداً؟ ولماذا المملكة العربية السعودية دون سواها؟
وحتى تتجلى الإجابة عن هذه التساؤلات يجب أن نعلم أن الإلحاد له مفكروه
وفلاسفته، حيث يختار بعض الفلاسفة من الملاحدة أنفسهم، أن يعرفوه بأنه الإيمان بعدم وجود الإله وليس عدم الإيمان بوجود الإله وهذا خلط كبير بين التعريفين!

فحين نقول الإيمان بعدم وجود الإله، فهذا يعني أن الملحد لم يقتنع بأي دليل قدمه المؤلهة أو المؤمنون على وجود الله تبارك وتعالى، أما حين نقول لا يؤمن بوجود الله فهذا يتضمن بأن وجود الله قضية مثبتة ومبرهنة وهو يشاء أن لا يؤمن لسبب أو لآخر..

لذلك نجد الملاحدة الذين يدققون في التعريف لا يرتضون التعريف الثاني، وإنما يؤكدون التعريف الأول بأنهم يؤمنون بعدم وجود الله..

أما لتاريخ الإلحاد ومدارس الإلحاد قصة طويلة، لكن في المحصلة من الخير أن نعرف أن الإلحاد ظاهرة حديثة عرفتها أوروبا الحديثة.. (حديثة كتوجه فكري
وكمدارس فكرية قائمة بذاتها)..

طبعاً هذا لا يعني أنه لم يكن هنالك ملاحدة من قبل، فلدى الأغارقة مثلاً ملاحدة شككوا في وجود الله أو توقفوا في وجود الله أو أنكروا وجود الله بالكامل وكانوا نفاة لكن لم يشكلوا مدارس فكرية ومذاهب إلحادية قائمة، أفلاطون مثلاً في محاورة النواميس أو القواميس تحدث عن الإلحاد في القرن الخامس قبل الميلاد
وحدثنا عن 3 ضروب من الإلحاد وبالتالي تحدث عن ثلاث فئات من الناس، يقول:

هناك فئة من الناس ينفون وجود الله مباشرة أو وجود الآلهة، وقال إنهم الملاحدة. وهناك أناس لا ينفون وجود الله تبارك وتعالى، ولكن ينفون عناية الله بالخلق، أي أن الله موجود لكنه لا يبالي بالعالم. أما الصنف الثالث من الناس عند أفلاطون فهم الذين يؤمنون بوجود الله ويؤمنون بالعناية الإلهية، ولكنهم يظنون أنه من الممكن أن يستجلب رضا الآلهة ويستدفع سخطها بتقديم القرابين
وتضحية الأضاحي ويعتبر هذا تسخيفاً للآلهة وحطًّا من مقامها وتشبيهها بالقضاة المرتشين.

اللافت فيما قاله أفلاطون، أنه ذكر على رأس هذه الفئات الثلاث الأشخاص الذين ينكرون وجود الله تبارك وتعالى، وهذا لدليل على وجود تفكير إلحادي منذ القدم.
نذكر من الملاحدة المشهورين على مر التاريخ دييوغوث وكريتياس وأبي قور "صاحب معضلة الشر" وغيرهم الكثير…

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد