سعيد ثم حزين ثم عيد ثم أيام كلها عيد

"الحنين إلى الماضي"، ربما هذه هي المشكلة التي تمنع الكثير منا من الاستمتاع بيوم العيد، ربما تغير الزمن، المكان، الأشخاص، الظروف المادية أو الاجتماعية؛ وهو ما يحول بين البعض منا للاحتفال بهذا اليوم. ولكن، دعونا نفكر بإيجابية هذه المرة؛ من الطبيعي أن تتغير حياتنا ومن الطبيعي أن يكون لكل مرحلة عمرية مميزاتها وعيوبها؛ لذا تعالوا ننظر للأمور نظرة أخرى، أكثر تفاؤلًا.

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/08 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/08 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش

"في حد حاسس بالعيد"، "من السرير للصالة ومن الصالة للسرير"، "هو فين العيد ده يا جماعة"، "العيد بقى ممل وكئيب"، وغيرها من المنشورات التي تمتلئ بها مواقع التواصل الاجتماعي خاصة من أبناء جيلي – جيل التسعينيات – في أيام العيد لتطرح داخلي سؤالًا واحدًا: هل العيد تَغيَّر أم نحن من تغيرنا؟ لذا، فلنرجع بالذاكرة إلى الخلف قليلًا.

"خد يا محمد الفلوس دي جيب بيها لبس"، "تعالي يا نهى ننزل النهاردة نجيب لبس العيد"، "مين هيستحمى ويلبس البيجامة الجديدة"، صوت التلفاز يرتفع: "يا ليلة العيد أنستينا"، "يلا يا جماعة عشان ننزل نصلي"، "تعالى نروح نشتري بالونة"، صوت التلفاز يرتفع مرةً أخرى: "العيد فرحة هيه هيه هيه وأجمل فرحة هيه هيه هيه"، تناول الكحك والبسكويت، زيارة الأقارب، اللهو مع الأصدقاء، العيدية، مشاهدة مسرحية العيال كبرت مع الجيران.. الخ. هذه كانت أيامنا في الماضي، ما الذي تغير الآن؟ الأغاني والمسرحيات والكحك والبسكويت والملابس؟ للأسف كل هذا ما زال موجودًا، ما تغيَّر هو صوت الأطفال، أو ما اختفى هو صوت الـ"هيه هيه هيه"

"الحنين إلى الماضي"، ربما هذه هي المشكلة التي تمنع الكثير منا من الاستمتاع بيوم العيد، ربما تغير الزمن، المكان، الأشخاص، الظروف المادية أو الاجتماعية؛ وهو ما يحول بين البعض منا للاحتفال بهذا اليوم. ولكن، دعونا نفكر بإيجابية هذه المرة؛ من الطبيعي أن تتغير حياتنا ومن الطبيعي أن يكون لكل مرحلة عمرية مميزاتها وعيوبها؛ لذا تعالوا ننظر للأمور نظرة أخرى، أكثر تفاؤلًا.

* رحل بعض المقربين إلينا، ولكن دخل حياتنا أشخاصٌ جدد.

* أصاب المرض أو العجز بعض أحبائنا الذين كنا نخرج معهم، لا بأس بالجلوس في البيت مع استعادة الذكريات، كلمات الحب والامتنان، أو الصمت، مع النظر في عيونهم، كما نقول بالعامية: "اشبعوا من حبايبكم".

* كان يعيش معنا بعض الأشخاص بأجسادهم، لكنهم الآن يعيشون في قلوبنا، نذكرهم دائمًا، نرسل إليهم الدعوات، يشعرون بنا ونشعر بهم رغم بعد المسافات.

* كانت السعادة بالنسبة إلينا تتمثل في أشخاص نلعب معهم، الآن أصبحنا أكثر نضجًا لنصنع سعادتنا وحدنا: فيلم مشوق مع صحن من الفيشار، الجلوس على البحر مع "قرطاس" الترمس، كتاب جديد مع موسيقى هادئة، أو كوب من القهوة الساخنة في الصباح الباكر في شرفة المنزل.

* كُننا نذهب لشراء السكاكر والبالونات، ما المشكلة أن نذهب ونحن في العشرينات أو الثلاثينيات أو حتى الستينيات من العمر لنشتري "فرحة"؟

* كُننا نتناول الكحك والبسكويت دون أن تتأثر أجسامنا بالسعرات الحرارية، ما المشكلة أن نأكل قطعة من الكحك والبسكويت يوميًا لنشعر بالعيد دون زيادة في الوزن.

* كُننا نأخذ العيدية ونشعر بالسعادة، الآن أصبحنا مصدر سعادة لغيرنا.

ربما أصبح البعض منا يُصاب بالملل في العيد نتيجة لتكرار الروتين، مثل أنه كل عيد نفعل ما فعلناه في العيد السابق، وسنفعل ما نفعله الآن في العيد القادم، لكني قرأت مقالة لصانعة الأفلام الأردنية "سماح صافي بيازيد" بعنوان "10 عادات ستغير حياتك للأبد" ذكرت فيها هذه الجملة " كثيراً ما أسمع من حولي يتذمرون من "الروتين" والحقيقة هي أن حياتنا كلها قائمة على الروتين، قرأت في كتاب The Power Of Habit (قوة العادة) أن أدمغتنا "ترتاح" وتميل إلى الروتين وتحرضنا دائماً على اتباع عادات يومية تريحه من اتخاذات القرارات وتريحه من العمل والتفكير قدر الإمكان.

"، ومنذ يومين قرأت منشوراً للمدونة "آلاء حمدان" بعنوان"٢٧ سبباً تجعلك تبتسم لأنّ اليوم ‏عيد‬" جعلتني أفكر في الأشياء "الروتينية" التي نفعلها وقد تكون مضحكة أحيانًا، لكن إذا أعدنا النظر إليها سنبتسم دون أن نشعر، مثل شرب الماء الساعة الثالثة فجرًا، صلاة العيد، كوب القهوة في الصباح، الملابس الجديدة، مقابلة الأقارب/ الجيران/ الأصدقاء، تهنئة صديقٍ من ديانةٍ أخرى، التقاط العديد من الصور، عودة أحبائنا من السفر، عدم الذهاب للعمل، صوت الأطفال وهم يكبِّرون تكبيرات العيد وغيرها من الأشياء التي لا تعد ولا تحصى.

هذه بعض الأفكار والخواطر التي تحركت بداخلي عندما خصصت بعض الوقت لأفكر في الأمر. اجلس مع نفسك وفكر مرةً أخرى. فلنفترض أن كل شيء أصبح كئيبًا حولك ولم تُسعدك محاولاتي، ألم تصبح أكثر نضجًا كي تستطيع إسعاد نفسك؟ اجلس مرة أخرى وفكر، ألا أستحق "أنا" أن أخلق سعادتي بنفسي؟ ألا أستحق "أنا" أن أكون سعيدًا في يوم "العيد" وأن أجعل كل يومٍ "عيداً". ربما تكون هذه المقالة بداية لحياة جديدة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد