"مصر قالتلي" أحدث حملات السخرية التي انطلقت على مواقع الشبكات الاجتماعية -والتي أصبحت ظاهرة مصاحبة لخطابات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي- مصاحبة للكلمة التي ألقاها خلال احتفال دار الأوبرا المصرية بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو، وسبقها قبل ذلك حملات على عبارات مثل "صبح على مصر"، أو "حلق الحاجة زينب".
#مصر_قالتلي على السوشيال ميديا
ورغم مرور 3 أيام على خطاب السيسي، إلا أن حملات السخرية من مقولة "مصر قالتلي" التي جاءت في خطاب السيسي مستمرة. وانتشر من خلالها هاشتاغ يحمل نفس العبارة، مع تعليقات ساخرة من رواد الشبكات الاجتماعية.
خلال حفل دار الأوبرا بذكرى ثورة 30 يونيو، قال الرئيس في كلمته: "النهاردا وإحنا بنحتفل باليوم دا، أنا بقى محمل برسالة مش من المصريين، محمل برسالة من مصر، مصر بلدنا قالتلي لازم تبلغ الرسالة لأهل مصر، مصر بتقولكم كلكم أنا أمانة في رقبتكم.. في رقبة مين؟ كل المصريين. مصر بتقولكم إوعوا أبدا تختلفوا".
وأضاف: "مفيش سبب يدعونا للاختلاف كلنا، مصر بتقولكم إوعوا حد يضحك عليكم ويخدعكم يا مصريين ويضيع بلادكم.. مصر بتقولكم أنا كنت سبب وجودكم لـ7 آلاف سنة وبطلب منكم تخدوا بالكم منى لـ7 آلاف سنة جاية".
ما أن انتهى الخطاب حتى انطلقت حملة السخرية على رسائل السيسي الذي قال أن "مصر" هي التي خاطبته بها.
حملت الكثير من التعليقات التي جاءت ضمن هاشتاج #مصر_قالتلي، بعض الرسائل السياسية الناقدة لسياسات الرئيس المصري، والتي ربطت العبارة بذكرى أحداث 30 يونيو.
فيما حملت بعض تعليقات رواد السوشيال ميديا سخرية من حديث السيسي باسم مصر.
فيما شاركت الناشطة المعروفة أسماء محفوظ في الحملة، بتعليق يحمل نقداً لأحوال البلاد في عهد الرئيس السيسي قائلة على لسان مصر: "مصر قالتلي بقى أنا مكاني كدا؟ بقي أنا حجمي كدا؟ أنا عندكم كدا؟ تقسى عليا أنا؟ تجرح قلبي أنا؟".
الرئيس يحتاج إلى مستشارين
وعن حجم حملات السخرية المصاحبة لخطابات الرئيس قال الباحث عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن حملات السخرية التي تصاحب الكثير من خطابات الرئيس، تؤكد أنه يفتقد إلى فريق من المستشارين ينظمون له خطاباته من حيث توقيتها واللغة المستخدمة بها، والشرائح المستهدفة بها.
وأكد ربيع في تصريحات خاصة لـ"هافنغتون بوست عربي"، أن الاستخدام المفرط للغة محددة تثير اللغط والغضب، وعلى المسؤول دائماً أن يكون متزناً في خطاباته. وغالباً ما تأتي الأخطاء نتيجة كثرة الحديث في غير توقيته وبغير اللغة المناسبة له، وهو الأمر الذي يقع فيه الرئيس كثيراً.
وشدد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على أهمية أن يحدث تغيير في لغة الخطاب الرئاسي، وألا يستمر الاعتماد على رصيد شخص السيسي لدى الشعب، فمع الوقت يتناقص هذا الرصيد مع تكرار الأخطاء، واستمرار غياب الرؤية في الخطاب الرئاسي ولغته، مشيراً إلى أن بعض تلك الأخطاء تسببت في إسقاط رؤساء كما حدث مع مرسي عند استخدامه مصطلحات مثل "أهلي وعشيرتي".
مفردات "امتلك" بها الشعب، والسخرية سفسطة
في حين قالت الدكتورة هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسي، إن لغة خطاب الرئيس تنم عن ذكاء شديد، لأنها تعرف الشريحة التي تستهدفها، "الحقيقة أن السيسي منذ أن كان وزيراً للدفاع أثبت أنه يمتلك الـ(باسوورد)، الخاص بالشعب المصري ولغته، ويعرف كيف يصل إلى قلوبهم وعقولهم بشكل مباشر.
وأكدت زكريا في تصريحات خاصة لـ"هافنغتون بوست عربي"، أن الرئيس يستخدم خطاباً هو خليط بين اللسان المصري العامي، وكذلك يستخدم لغة الخطاب الديني الراقية، "وهي التركيبة التي تناسب الطبقة المتوسطة التي تمثل السواد الأعظم من الشعب المصري".
وأشادت زكريا بالفريق الذي يعمل للرئيس، قائلة: "ليس أدل على نجاح تلك اللغة التي يستخدمها الرئيس، من التجاوب الكبير من الشعب مع حملات مثل "صبح على مصر"، أو "حلق زينب"، وغيرها من الكلمات التي قالها الرئيس وكانت محل سخرية السوشيال ميديا، لكنها كانت محل ثقة واهتمام غالبية أبناء الوطن من الطبقة المتوسطة".
وعن تحليلها لأسباب إطلاق تلك الحملات الساخرة، تشرح أستاذة علم الاجتماع السياسي، أن حملات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، ليست موجهة ضد شخص الرئيس بشكل مباشر، بل تعبر عن طاقة سلبية نتيجة مشاكل مجتمعية يعاني منها رواد الشبكات الاجتماعية، من بطالة وفقدان القدرة على العمل الإيجابي.
وتضيف أن "الكثير منهم مغيب، ومعظمهم تعودوا على خطابات (الشات) واخترعوا لهم لغة خاصة بهم، وسخريتهم من خطاب الرئيس لجهلهم بمعانيها العميقة، فهم يمارسون حالة من السفسطة، وإصدار فقاعات صابون، تنتهي في دقائق من دون تأثير".