عندما تعود إلى الفراش في المساء

الحياة ليست أن تقوم بوظائفك الفيسيولوجية فقط.. الحياة أن تعطي وأن تضيف لهذه الحياة.. ربما تكون نسبة الأموات بين الأحياء أكثر من نسبتها بين الأموات؛ لذلك قد نجد ممن في المقابر أنجب أولاداً صالحين مبدعين يضيفون إلى الحياة، أو من أنتج علماً ما زال الناس يستفيدون منه، أو من تصدق بأموال لمشاريع خيرية ما زالت تعطي وتضيف إلى الحياة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/27 الساعة 05:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/27 الساعة 05:44 بتوقيت غرينتش

الإبداع قادر على أن يمنح قيمة ومعنى لحياتك

"لا يهمني أن أكون أغنى رجل.. قدر ما يهمني أن أعود للفراش في المساء وأنا أشعر أنني قمت بشيء رائع" (ستيف جوبز).

على أحد الدفاتر التي تعود إلى الصف العاشر كتبت: "وما طعم الحياة إذا كان من عاش كمن مات"، ويبدو أني كنت أقصد بها أنه ما فائدة العيش إذا كانت حياتنا لا قيمة لها سوى أن نعيش دون أن نغير في الحياة ونضيف لها، والله أعلم.. يبدو أن قناعتنا التي توجهنا في الحياة لها جذور مترسخة في ماضينا البعيد.

إن الإنسان المبدع يشعر أن لحياته قيمة ومعنى، فهو يسعى إلى أن يزيد في الحياة بدلاً من أن يكون زيادة عليها، إن المبدع الذي يطمح من خلال إبداعه إلى تحسين حياة الناس ولا يبحث فقط عن السعادة الحسية الناتجة عن لذة الإنجاز، أو قتل الملل، أو تحصيل المال، أو التخلص من المطبات التي تواجهه نتيجة لتغير ظروف حياته، أو أن يحافظ على القمة التي وصل إليها، ولا يبحث فقط عن السعادة المعنوية والشغف والانغماس والاستغراق المقترن في عملية الإبداع نفسها.. وإنما يطمح من خلال ذلك إلى تحسين ظروف الناس وحل مشاكلهم ورفع مستوى حياتهم لهو إنسان صاحب رسالة، وفي كل ثانية تمر عليه يشعر أن لحياته قيمة، وأن هذا لقمة المشاعر الإنسانية.

وقد يسعى الإنسان من خلال إبداعاته لخدمة أسرته أو بلده أو وطنه أو أمته أو الإنسانية أو لخدمة ربه.. فكلما كان الهدف الذي يسعى لخدمته أكبر كانت سعادته المعنوية أكبر.

الحياة ليست أن تقوم بوظائفك الفيسيولوجية فقط.. الحياة أن تعطي وأن تضيف لهذه الحياة.. ربما تكون نسبة الأموات بين الأحياء أكثر من نسبتها بين الأموات؛ لذلك قد نجد ممن في المقابر أنجب أولاداً صالحين مبدعين يضيفون إلى الحياة، أو من أنتج علماً ما زال الناس يستفيدون منه، أو من تصدق بأموال لمشاريع خيرية ما زالت تعطي وتضيف إلى الحياة.

هنالك نوعان من الكنوز لهما بريق يجذب النفوس؛ الأول هو بريق الأحجار الكريمة والذهب والفضة، أما الثاني فهو بريق التقدير والإعجاب الذي يشع من عيني إنسان كنت سبباً في سعادته وفي تحسين حياته وفي حل مشكلته، أنا مدمن على النوع الثاني، إنه يأخذني في نشوة ما بعدها نشوة، إنه أثمن بكثير من النوع الأول؛ لأنه سيبقى بعد أن تموت، وأيضاً سيشفع لك عندما تقف بين يدَي ربك للحساب إذا كانت نيتك خالصة لله.. محبة الناس وتقديرهم كنز لا يعرف قيمته إلا مَن جرَّبه.

في كل شيء حاول أن تثبت بأن لك قيمة إضافية، وإلا ستصبح نسخة أخرى من عشرات النسخ أو حتى ملايين النسخ، واعلم أن الشخص المتواضع والمنفتح صاحب الرسالة أيضا يسعى من أجل تحقيق الإنجازات وكسب المال، لكنه لا يفعل ذلك كي يزيد من قيمته أو كي يصبح أفضل ممّن حوله.. هو يفعل ذلك من أجل غاية تتعدى حدود ذاته وحدود من حوله.

الإبداع قادر على أن يمنح قيمة ومعنى لحياتك.. فعليكم بالإبداع.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد