لماذا يُعاقِب “الظالمون” المجاهرين بالإفطار بالشوارع في رمضان؟

ولعلها طبيعة المحن، أن تجد بعض المُزيفين، والمُزورينَ، ومُزعزعي الدين والعقيدة والضمير يتحدثون باسم الله.. يدعون خروجاً على الحاكم الفاسد الظالم، فيما هو أشد على الأبرياء منه، فذلك واضح معروف.. وهذا "مندس" خفي!

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/24 الساعة 05:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/24 الساعة 05:49 بتوقيت غرينتش

رحم الله المسلمين اليوم من بعض "المُنتسبين" إلى الإسلام، فقد تعاظمتْ أخطاؤهم وخطاياهم، وأعظمها أنهم ينتسبون بـ "الشكل" إليه، وخطاياهم أجلّ من أن تعد وتحصى، بداية من الحكام المتسمين بـ"عبدالفتاح"، و"عبدالعزيز"، و"عمر"، وهلم جراً، ومدلول أسمائهم والمسميات منهم تتبرأ إلى الله، ونهاية ببعض المحجبات وأصحاب الذقون، من العامة وإن علُّوا وتبوأوا مناصب "يُزورونَ" بها على الأمة بعدما أماتوا ضمائرهم وكرامتهم، أولئك أصحاب الألسنة التي تظلم، وهي تردد "اسم الله" وهو -سبحانه- منهم بريء ومن أفعالهم "المُشينة"، وإن كان هذا لا ينفي وجود الأتقياء الأنقياء الصالحين لكن مُقصَون ومُهمَّشون في أغلبهم.

ولعلها طبيعة المحن، أن تجد بعض المُزيفين، والمُزورينَ، ومُزعزعي الدين والعقيدة والضمير يتحدثون باسم الله.. يدعون خروجاً على الحاكم الفاسد الظالم، فيما هو أشد على الأبرياء منه، فذلك واضح معروف.. وهذا "مندس" خفي!

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الإيمان ليخلقُ في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم"، رواه الطبراني والحاكم.

"1"
إلا مَنْ رحم ربي، أرجو اللهم ألا أكون مبالغاً، إيمان الأمة كلها يحتاج للذي، أو الذين يجددونه، وطرف الشرفاء تقف أمامه متحيراً، فإذا كنّا غير قادرين على إقرار الحقائق، وكشف "المفتون" في المال والولد واللص والمندس والغبي بل عديم الفكر والضمير.. فكيف ننتظر قريباً تجديد شباب هذا الدين؟!
فمنشقون تائهون يتخبطون، اللهم إلا مَنْ رحم ربي.. يتبعون خطى الجماعة الأولى سواء بسواء، وأغلبهم موغر الصدر حانق، والكل لا يتجاوز بصره أسفل قدميّه، وإلا فكيف يرتع الخونة المعروفون فيهم كما هم في الصف الأصلي؟
شيء يقلق الضمير ويتعب الروح وهي تسأل:

– متى تشرق لهؤلاء "شمس" حتى "يتحلحل" هذا الموقف أو يُقروا بالعجز اللحظي حتى يخرج الله الرجال الصادقين في مجملهم لصلاح الأمر.. فإن الله لا ينصر العجزة الكسالى، وأعتذر بل "الدرويش" أمام الخونة في معركة تسلل الأخيرون فيها حتى القلب منهم!

"2"
أهداني صباح هذا اليوم ربُّ شهر رمضان.. دليلاً على أن الأمة فيها من العقلاء لكنهم منبوذون بعيدون عن "الإعلام"، لما أبصرتُ رابطاً بتصريحات للدكتور "محمد مختار الشنقيطي"، أستاذ الأخلاق السياسية بمركز التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر، وفيه حرك "بحيرة آسنة" من الأفكار البالية التي "خلقت" وذابت في صدور كثيرين، كما الإيمان في الحديث الشريف، ولا يهمني المثال الذي تصدى له "الشنقيطي" في "رمضان" فقط، وإنما أهمني أنه مطلوب منا جميعاً أن نعمل أفكارنا للخروج بهذه الأمة من المأزق الحضاري البالغ السوء الحالي.

وأعرف وأعلم أن "الأقذار" المندسين، وإن قلّوا، أشد "مضاء" على الأمة من أعدى أعدائها، كما كان "عبدالله ابن سلول" أشد على المسلمين من رؤوس الكفر، فهو قابع بينهم يدبر "الفتن" لهم على أنه أحدهم، وهؤلاء يرتكبون في بعضهم البعض "المُوبقات" ويجدون من "السفهاء" من "نوادر" الملتحين ذوي الضمير الميت، والتاريخ والنضال السابق السيئ في المُجمل.. ما يجعلهم أهلاً للتستر على جرائم تقام فيها الحدود لو كانت لديهم بقايا من نخوة أو ضمير، وهؤلاء يسدون الأفق بغثائهم ويمنعون رضا الله عن الأمة، وقيادات ضعيفة متردية في "الإجرام" الصامت والناطق لا تستطيع فعلاً معهم، فالجميع "هزهم" الهوى والخطأ والخطايا فمن يعاير مَنْ؟ الكل يدعي الصلاح، والإجرام يحلق فوق الرؤوس إلا من رحم ربي!

"3"
قال الشنقيطي: لا يجوز إجبار للسلطات الحكومية غير الصائمين على التظاهر بالصيام، وخلصَ عبر سلسلة من التغريدات على موقعه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر صباح السبت الماضي 18 من يونيو/حزيران، وقت كتابة المقال، خلص إلى أن "التدين من غير حرية عبودية للعباد، لا عبودية لرب العباد".
وفصّل الشنقيطي في تغريدة أخرى: "التظاهر بالصيام ممن ليس صائماً نفاق، وهو أسوأ من الجهر بالإفطار، والأصل حسن الظن بالمفطر، وليس اتهامه".
وأوضح بتغريدة رآها دليلاً عملياً على صحة رأيه: "لم يكن المفطرون في العهد النبوي أو الخلافة الراشدة يتظاهرون بالصيام مراعاة لذوق عام؛ لأنهم عاشوا في مجتمع اتسم بحسن الظن والوضوح".
واستشهد الشنقيطي برأي للدكتور "أحمد الريسوني"، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قال فيه: "لا أوافق على القوانين المغربية التي تمنع الناس من التظاهر بالإفطار".
وأضاف: "ورأيي مطابق لرأيه، الجهر بالإفطار حرية شخصية".
وتناول عدد من المغردين آراء الشنقيطي بالنقد وأحياناً الهجوم فرد عليهم:
"الإبانة لا تحتاج دليلاً، ومن يلزمون الناس بالتظاهر بالصيام، وهم مفطرون، عليهم الدليل من القرآن والسنة".

وأوضح في تغريدة جديدة:
"واضح من الفقه المالكي: الإمام لا مدخل له في العبادات، ومعناها أن الحاكم لا حق له في استعمال الإكراه في الشعائر".
وأكد في تغريدة أخرى: "اتهام النيات ليس حكماً على الآراء، بل محاكمة للسرائر، وهو أمر شائع في ثقافتنا اليوم، فنجد اتهاماً للهوى وحظ النفس بدلاً من نقاش فكرتك".
واختتم الشنقيطي تغريداته قائلاً: "أهملت حكوماتنا ما أوجب الله عليها من العدل، وانشغلت بما لم يوجبه عليها من إرغام الناس على الصيام والصلاة نفاقاً ورياء، ومن ذلك إجبار بعض الحكومات الناس على إغلاق المحلات وقت الصلاة وهو أمر يبعث على النفاق لا أكثر".

"4"
أعلم وأعرف أن في الناس من سيهاجمون قبل أن يفهموا لكن الأمر الحقيقي لدى الذين يريدون الفهم الحقيقي، هو أن الرجل يريد القول إن "تربية الضمير في الأمة هو الأساس"، وهو الذي يمنعها من الزلل والخطأ والتردي في المهالك، وإن هؤلاء الحكام الفجرة الفسقة ولا أزيد شغلونا بـ"سفاسف الأمور عن الحقائق"، وليس الدين الحقيقي أن تغلق المحلات في دولة حين الأذان، أو يتم فض مواطنين في حي "العجوزة" كما يقول بقية الخبر في 10 من يونيو الجاري، منقولاً عن قناة الحرة على سبيل المثال.

وإنما الأصل أن يكون هؤلاء الحكام "دعاة" إلى الله بالعدل بين خلقه، لا بالقبض على مفطر في الشارع، فإنهم لما "يعدلون" ينمون الضمير من المسلمين فلا يفطر مفطر بدون عذر، وإن وجدنا ذاك، فإنما نتخذ له عذراً لا نتهمه، فإننا إن أدينا العبادات خوفاً من العباد ذهب معنى العبادة تماماً. وهذا هو الإسلام الحقيقي الذي غيّبه الحكام والبلهاء عنا من آسف، ولكي نعود إليه يلزمنا تغيير كثير من المفاهيم، وانتظار وقت غير قليل، هذا إن أراد الله لأعيننا، في حياتنا، أن تكتحل بنور وهدى الإشراقة الحقيقية لهذا الدين!

عارض "الشنقيطي" وعاب عليه الذين عابوا من ضعاف العقول، ولو أعملنا الضمائر منا لما وجدنا في "صف" يدعي أنه "سائر" إلى الله وهو حقير مندس، يدعي أنه قدم لله دماً، وهو متورط في إثم شديد، ويداري عليه مسؤول عن الطرف الآخر، يساعد على استمرار جريمة وقحة في مكان يدعي أنه لله تعالى، وفيه ترتكب الموبقات عياناً بياناً نهاراً، والذين يغادرون المكان حياء من الله يفلت القيادي المفترض فيهم لسانه.. وهذا بعض من كل في صف يريد أن ينصره الله على تكاسله في حق نفسه قبل قضيته وقضايا الإسلام والمسلمين اليوم!

ويوم نربي الضمير في ملايين المسلمين لن نجد انقلاباً، ولا مستضعفين في جميع أرجائها، ويوم تصحو الأمة، ولا تتذلل لتحيا، فيما تُبقي "الأندال" الأقذار بقلبها.. يساعدون الخونة على تمزق "أوصال" الآلاف.. أجارنا الله منا، ومن عدم الصمت على "بلاويهم"..
ولله دره إعمال العقل في حياة كثير من المسلمين اليوم.. بل تربية الضمير.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد