لا أدري لماذا ذكّرَني ما يتناقله البعض فى هذا الشهر الكريم على Facebook من طرائف لمن "يقذفون" عليك التمر عنوة داخل سيارتك بحادثة حكتها لي صديقة منذ فترة كانت بطلتها تُلّقّب بـ"خادمة المسجد".
كانت تلك الصديقة تتنزه حين خطر لها أن تؤدي صلاة المغرب بالمسجد الذي مرت بجواره، حين أنهت أداء الصلاة، كانت هناك سيدة تقوم بتحفيظ القرآن لفتيات في مختلف الأعمار، لقّبها البعض بـ"خادمة المسجد"؛ لأنها قامت بخدمات كثيرة متعلقة بالمسجد من تبرعات وغيرها، كما أنها تنفق أغلب وقتها في المسجد تخدم أخواتها في الإسلام في أمور كثيرة.
قالت لي: لن أنسى نظرتها لي ذلك اليوم ما حييت، لولا أنني " مُخي كبير" لكنت الآن "بلا ملّة"!
الأمر أن تلك السيدة نظرت لها نظرة ازدراء وتعالٍ، فقامت الفتيات بدورهن بالنظر إلى ما تنظر إليه معلمتهن، أشارت لها أن تقترب، ثم ابتسمت ابتسامة زائفة وبدأت في نهرها؛ لأنها ترتدي "بنطلون"، وهذا ليس من دين الله في شيء!
"كيف جرأت على الوقوف بين يدي الله في بيته وهي عاصية!"
وفي محاولة منها لـ"تليين" الموقف ذكّرتها أن من واجبها أن تنهاها عن هذا "المنكر"، وعليها أن تتقبل النصيحة و"ما تزعلش"؛ لأن "الحق ما يزعلش"!
ثم إنها لا تريد شيئاً منها، إنما تبتغي وجه الله في نصحها فقط، بل إنها دعتها لحضور جلسات تحفيظ القرآن هذه إن هي رغبت.
ابتسمت صديقتي في هدوء دون أن تجيبها ورحلت.
ولكن لم ترحل نظرة المرأة ولا طريقتها من ذاكرتها أبداً ولا ذاكرتي أيضاً..
هذه السيدة ليست إلا فرداً واحداً من مجتمع كامل يمارس أغلبه طريقة النهي عن المنكر بالمنكر.. والأمر بالمعروف بالمنكر أيضاً!
أعلم أنك الآن خلال قراءتك لتلك السطور ربما تذكرت موقفاً حدث معك أو مع صديق بهذا الشأن.. أو ربما كنت أنت/أنتِ ممن يفعلون ذلك دون علم!
يحضُرني الآن صورة الكَم الهائل ممن دخلوا الإسلام قديماً فقط بلطف المعاملة ورقّة القلب، وأرى يومياً شباباً وفتيات تنفر قلوبهم من دين الله وشتى أموره بسبب قسوة قلوب البعض وحماقتهم!
أبداً لن نبرر الحماقة والجهل والغِلظة بأنها "غيرة على الدين" كما يدّعي البعض!
الله اللطيف لم يأمرك بالغلظة!
أوتعلمون.. حتى حين تبتسم شفاهكم تنعكس غلظة القلوب وجهل العقول على وجوهكم فيسقط المعنى!
أدعوكم الآن لتتأملوا قول شيخنا الجليل الغزالي رحمه الله: "إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغّضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم".
أرجوك أيها "المتديّن" إذا كنت لا تعلم كيف تفعل ذلك..لا تنهَ عن المُنكر!
ويا "خادمة المسجد" أتعلمين أمراً؟ أرادت صديقتي يومها أن تخبرك شيئاً..
"اخدمي الله قبل أن تخدمي المسجد!".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.