تمثل الهجمات المنفردة لمتطرفي اليمين تهديداً أكبر على الغرب، على الرغم من تركيز الإعلام والعامة على المتطرفين الإسلاميين، إذ إنها تسفر عن مقتل وإصابة الكثيرين مقارنة بالإرهابيين الإسلاميين الذين يعملون وحدهم أيضاَ، بحسب ما جاء في أحد التقارير الصادرة حديثاً عن إحدى المؤسسات البحثية البريطانية.
ضحايا اليمين المتطرف
وأشار التقرير الذي حمل عنوان "مواجهة الإرهاب المنفرد"، الصادر مؤخراً عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) في لندن، إلى أن المتطرفين اليمينيين في أنحاء أوروبا يمثلون تهديداً ضخماً لا ينبغي تجاهله.
ويسرد التقرير تفصيلاً للهجمات التي قام بها إرهابيو اليمين المتطرف المنفردين ما بين عامي 2000 و2014 والتي أسفرت عن مقتل 94 شخصاً وإصابة 260، بينما أسفرت الهجمات التي قام بها متطرفون دينيون بشكل منفرد عن مقتل 16 وإصابة 65 شخصاً.
كما يضيف التقرير، الذي نُشرَت نسخته المُحدّثة يوم الأربعاء 22 يونيو/ حزيران 2016، "يمثل المتطرفون اليمينيون جزءاً كبيراً من تهديد الهجمات المنفردة، وبالتالي لا يجب تجاهلهم".
ويذكر التقرير مسؤولية المتطرفين المنفردين عن 98 خطة و72 هجوماً في 30 دولة أوروبية من ضمنها النرويج وسويسرا خلال الفترة التي تمت دراستها.
كما تشير قوات الأمن أيضاً إلى صعوبة استباق هذه الهجمات الإرهابية المنفردة وكشفها. بينما يمثّل تقرير المعهد الملكي، الذي يتم تحديثه باستمرار، نتاج الدراسة الدقيقة للخطط والهجمات الإرهابية في أوروبا.
وضم التقرير مقتل 77 شخصاً وإصابة 242 آخرين في النرويج على يد أندرو بريفيك في يوليو 2011، أثناء الهجوم الذي قام به مدفوعاً بآرائه اليمينية، واعتقاده بأسلمة أوروبا.
انحياز وسائل الإعلام
كما يشير التقرير أيضاً إلى تركيز الإعلام المكثف على الخطر القادم من تهديد الإرهاب الإسلامي وتعارض ذلك مع الواقع الذي يمثله التهديد الحقيقي للذئاب اليمينية المنفردة، التي تتسبب في عدد أكبر من القتلى، مقارنة بالجماعات الإرهابية المنظمة، كما يفوق عدد القتلى هؤلاء الذين يسقطون جراء الهجمات المنفردة للإرهابيين ذوي الدوافع الدينية.
كما ذكر التقرير "يكثف الإعلام على عنف المتطرفين الإسلاميين، موجهاً انتباه العامة نحو هذا التهديد، بينما يتجاهل التهديد الناتج عن الإرهاب المنفرد".
وتوفر الدراسة التي أجراها المعهد الملكي (RUSI) قاعدة من البيانات للهجمات الإرهابية المنفردة التي شهدتها أوروبا، كما ذكر المعهد أن هدفه الرئيسي تمثل في معرفة مدى إمكانية تمييز الاتجاهات أو الأنماط بشكل يسمح بصياغة توصيات لصانعي السياسات.
وأضاف التقرير "يمثل الإرهابيون المنفردون تحدياً جسيماً لمنفذي القانون سواء أثناء اكتشافهم أو محاولة تعطيل خططهم، فكما يشير التعريف، لا يلتزم هؤلاء الأشخاص بأوامر مباشرة من شبكة أوسع، مما يمكنهم من تفادي "أسلاك التعثر" التي تلفت انتباه السلطات إليهم عادة".
ويشير التقرير أيضاً إلى صعوبة اكتشاف الإرهابيين المنفردين المنتمين لليمين المتطرف مقارنة بنظرائهم من الإرهابيين الإسلاميين.
ويضيف: "ثبت أن 40% من المتطرفين اليمينيين تم اكتشافهم بالصدفة، سواء خلال التحقيق في جرائم أخرى أو لأن الجاني فجّر جهازاً بشكل خاطئ مثيراً الانتباه إليه وإلى أنشطته. وعلى الرغم من وجود عنصر الصدفة أيضاً في اكتشاف بعض حالات الإرهاب الديني، إلا أن 88% من الحالات المُكتَشَفة جاءت نتيجة لأدلة استخباراتية، وهو ما يشير إلى وجود تفاوت واضح".
كانوا أقل حديثاً عن أنشطتهم
كما اكتشف المعهد أيضاً أن المتطرفين اليمينيين كانوا أقل حديثاً عن أنشطتهم، ولم تُكتشَف هذه الأنشطة إلا عبر تفجير خاطئ أو مقتل شخص ما، على العكس من المتطرفين الإسلاميين الذين تحدثوا عن أنشطتهم وأفعالهم المحتملة مع عائلتهم أو أصدقائهم في 45% من الحالات.
التقرير يضيف أن المتطرفين اليمينيين لم يحدثوا عائلاتهم أو أصدقاءهم عن أنشطتهم إلا في 18% من الحالات.
كما كشف أيضاً أن نسبة أكبر من المتطرفين اليمينيين يعانون من عزلة اجتماعية أو مشاكل عقلية، مقارنة بغيرهم من الإرهابيين المنفردين، كما أنهم كثيراً ما يكتبون "مؤشرات بعدية" على
الإنترنت.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.