الحياة حب

إن حب (الآخر) هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع سعيد، فتداخل الأعراق، وتكاثر الجنسيات في بيئة واحدة، يستوجب أن يحب الناس كل الناس، وأن تكون قلوبهم جميعها منصهرة في بوتقة الحب الحامية من الانزلاق في مهاوي التشتت بدلاً من الاتحاد؛ لأن الحب عمار، والحرب هدامة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/18 الساعة 03:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/18 الساعة 03:03 بتوقيت غرينتش

كشرط لاستمرار الإنسان في الحياة يجب عليه أن يحب.. طبعاً ليس الاستمرار الفيسيولوجي بل الاستمرار العرفاني الروحي النفسي.
حب عام مطلق شامل لا يستثني مخلوقاً ولا جمادا ولا نباتاً ولا حيواناً، هذه هي الوصفة السحرية السرية لامتلاك حياة سليمة قوية قويمة، والأهم: حياة متوازنة.
الحب هو علاج القلوب والأرواح والأفهام والنوايا والأبدان، كم مرة أذاب حب المريض الغني للفقراء آلامه الجسدية والروحية؟
كم مرة أنقذ حبنا بل تذكرنا أننا نحب علاقاتنا الاجتماعية؟
كم مرة أنقذ حب أفراد الأسرة بعضهم من فشل أسري حتمي؟
كم مرة أنقذ حب الآباء للأبناء من ضياعهم؟
عيشة لا حب فيها جدول لا ماء فيه
الحب الحب الحب… إنه الرونق والسر والفحوى
إنه الجوهر واللب والجدوى
ما الذي يدفع الزارع للزراعة؟ ما الذي يدفع التاجر للتجارة؟ ما الذي يدفع الصانع للصناعة؟
حب الحياة، حب الإعمار، حب الاستثمار، حب الاستمرار، هي دوافع الإنسان للبنيان.
الحب هو الطاقة المذهلة التي تمد المرء بالرغبة في الاستزادة من الحياة للاستزادة من هذه الطاقة نفسها، وهكذا فهو المنطلق وهو المستقر.
الحياة حب أحمر يضخ الدم في شرايينها.
الحياة حب أخضر يملأ مروجها بعشب الحنان والأمان.
الحياة حب أشقر محاصيل قمح أطعم بها أحبابي.
أيتها الحياة العشقية أمطرينا هناءة عيش وسؤدداً روحياً.
أيها الحب أكرمنا بكرمك اللامتناهي.
ما الذي يصبرنا على المصاعب سوى لمسات الحب، وكلمات الحب، حتى نظرات الحب هي أكسجين يمد رئة الإنسان بمزيد من طاقة الصبر ثم النصر.
إن يداً حانية واحدة تمسح جبيننا المتعب لهي وحدها حب عامر غامر.
إن غمزة واحدة من طفل صغير جميل كفيلة وحدها بتعديل أمزجتنا ليوم كامل.
إن عبارة حب وامتنان واحدة من مديرنا في العمل تنسينا تعب شهر كامل.
أيها الحب المنسي للآلام، أيها الحب المضمد للجروح، أيها الحب المنعش للفؤاد.
ها قد تتلمذنا على يديك، وتخرجنا بمرتبة الشرف، ها قد أضاءت أشعتك السحرية ليالينا الحلوة بك، ها قد ربينا أولادنا على تقبيل يديك الجميلتين.
أنت أيها الحب قوس قزح حياتنا وطاوس أيامنا الملون وأجنحتنا التي تحملنا إلى ما لا يحده حد ولا يعده عد.
كُن حباً حبيبي القارئ، لتعيش حياة كاملة، كن نهراً من أمان، وبحراً من حنان، واغترف معي من فيض الوجدان.
يحكى أن حياة غمرها الحب، فاستمرت واخضوضرت وأينعت.
يحكى أن حياة غادرها الحب فتيبست واكتأبت واضمحلت.
لا لن يدرّس المدرس بشكل جيد دون أن يحب التلاميذ.
لا لن ينجح التلاميذ دون أن يحبوا المادة والمدرس.
لا لن يسافر سائح إلى بلد لو لم يكن يحبه.
لا لن يمرض ممرض آلام المرضى إن لم يحبهم
لا لن ينتخب ناخب مرشحاً لا يحبه.
الحب هو المفتاح، هو المحرك، هو جوهر الوجود.
تعالَ إلينا أيها الحب خضّر مزارعنا، أيقظ أطفالنا للذهاب إلى المدرسة، امسح عن جبين آبائنا عرق التعب، ضمّد جراحات جنودنا حارسي حدود الوطن.
اقلب حياتنا رأساً على حب يا حب.
قرّبنا من ذواتنا العالية، قدّس فينا الوجود ورغبة الاستمرار في الصعود.
ضخنا أيها الحب بحب من عندك، علمنا فن الحياة، وكيف نجمّل حيوات الآخرين.
إن نفساً أشرقت بالحب تضخ الخيرات للآخرين كل الآخرين، ستخلد.
إن أما أحبت أبناءها حباً حقيقياً غير مشروط، سيتفانى أبناؤها في تقديسها.
إن أباً أحب أبناءه دون تمييز بينهم، سيبرونه في صغرهم وفي كبرهم.
إن زوجاً أخلص الحب لزوجته المصون، سيعيش في سعادة زوجية صافية لا توصف.
إن زوجة خصت زوجها فقط بقلبها الحنون، ستضمن أن ينحاز القدر لهما لإبهاجهما.
إن حب (الآخر) هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع سعيد، فتداخل الأعراق، وتكاثر الجنسيات في بيئة واحدة، يستوجب أن يحب الناس كل الناس، وأن تكون قلوبهم جميعها منصهرة في بوتقة الحب الحامية من الانزلاق في مهاوي التشتت بدلاً من الاتحاد؛ لأن الحب عمار، والحرب هدامة.
لإنجاح أي مؤسسة أو هيئة أو منظمة أو شركة، لا بد من الحب، لن تقوم قائمة لأي تجمع بشري ما لم يكن قائماً على فكرة التعايش، وقبول الآخر، بل حب الآخر، لما للحب من قدرة عالية على امتصاص الأزمات وقلبها إلى مباهج ومسرات.

بالحب سينهض الفرد، وستنهض الأسرة، وسينهض المجتمع، حب الكنة للحماة ضمان لاستمرار الحياة الزوجية، وحب الموظف للمدير ضمان لاستمرار الحياة الوظيفية، وحب المحكوم للحاكم ضمان لاستمرار الحياة العامة.
الحياة حب لمن أراد أن يعيش حياة منعشة طيبة تشاركية والعكس صحيح، الحياة حب ملون، حب مفيد للنفس وللآخرين، حب بنّاء للأسرة وللأوطان.
أيها الناس أحبوا بعضكم كي لا تنقرضوا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد