هجم خُمس تعداد الخفافيش الكبيرة في البلاد بشكل جماعي على مدينة باتمانس باي Batmans Bay، لتتسبب في قطع الكهرباء ومنع السكان المحليين من النوم.
تُعرف مدينة باتمانس باي بأنها مدينة ساحلية خلابة، وتُعّد مقصداً سياحياً في الساحل الجنوبي لولاية نيو ساوث ويلز New South Wales، لكنها شهدت زواراً من نوعٍ آخر تعدى عددهم عشرات الآلاف، وقد بقيت الخفافيش الكبيرة لوقتٍ أطول من فترة الترحيب بهم.
البيوت مغطاة بفضلات الخفافيش، ومن يتجوّل بالخارج يشعر بسرعة برذاذٍ مثير للاشمئزاز من شيءٍ ما.
تتعالى أيضاً أصوات الخفافيش في الصباح الباكر، وقد دفعت أصواتها دانييل سميث، إحدى الساكنات، لتناول مضادات الاكتئاب.
ولم يعد باستطاعة ابنها، البالغ من العمر عامين، اللعب في الحديقة الخلفية، كما قالت أنه "لم يعد حتى ينام في فراشه بسبب شدة خوفه منها".
وأضافت "لا أستطيع فتح نوافذ منزلي على الإطلاق لأن الرائحة كريهةً جداً، يمكننا في الحقيقة أن نتذوقها، هذا يعطيك تصوراً عن مدى قوتها."
12 خفاش لكل مواطن
وصل تعداد أكبر خفافيش أستراليا المُسمى "الثعلب الطائر ذو الرأس الرمادي" إلى 140 ألف خفاشٍ في أبريل/نيسان، وهو عدد يقارب ثلاثة أضعاف ما شوهد في العام الماضي. بمعدل يُقدر ب 12 خفاشاً لكل شخص يسكن مدينة "باتمانس باي" التي يبلغ عذد سكانها 11 ألف نسمة.
يتفق قادة المجتمع المدني على أن الخفافيش ذات الرائحة الكريهة، المزعجة والمثيرة للفوضى، والتي ربما تكون مريضة، يجب أن تذهب. حيث سيقرر المجلس المحلي في الأسبوع المقبل الطرق التي ستُتَبَع لدفعها بعيداً عن المدينة.
لكن مهمة التخلص من هذه الفصيلة الأصلية المحمية، والمدرجة ضمن الفصائل المهددة بالانقراض بسبب فقدان بيئتها الطبيعية، لا تعد مهمة بسيطة، إذ يحذر بعض الخبراء من مجرد المحاولة.
أما المحافظ ليندسي براون فقال "إنه حدث غير مسبوق، إذ إن كيفية إدارة هذا الأمر تعد منطقةً مجهولةً بالنسبة لنا".
وتقدر وكالة العلوم الحكومية، CSIRO، عدد "الثعالب الطائرة رمادية الرأس" بحوالي 680000 في أستراليا، مما يعني أن خُمسها موجود في باتمانس باي حالياً.
وهي تطير في الغسق لتتغذى على أشجار Flowering Spotted Gum وBloodwood في الغابات، ثم توقظ السكان المحليين بصرخات مزعجة غير متجانسة أثناء عودتها قبل الفجر.
كما تطير الآلاف منها في مجموعات نحو خطوط الطاقة الكهربائية، متسببةً في قطع الكهرباء عن المدينة كلها. وهو ما تكرر في تسع ليالٍ متتاليةٍ من شهر أبريل.
فضلاتها تخرق طلاء السيارات
تستطيع فضلاتها الحمضية أيضاً أن تخترق طلاء السيارات لو لم يتم غسلها خلال ساعات. كما يقوم الذكور بتحديد مناطق إقامتهم باستخدام رائحة نفّاذة.
ويمكن لمجرد عضةٍ أو خدشٍ من خفاش، أن تحمل معها خطر الإصابة بداء lyssavirus الذي حصد ثلاثة أرواح خلال الأعوام العشرين الماضية.
اعتادت الخفافيش العودة لهذا المكان سنوياً منذ عام 2012، جاعلة موطنها في منطقة سكنية رطبة تعرف بووتر جاردينز Water Gardens ونادٍ قريب للجولف.
وشاعت مستعمرات الخفافيش بالمناطق المأهولة في أستراليا بشكل متزايد منذ التسعينيات، كما صرحت الباحثة في شؤون الخفافيش "كيرين باري جونز" Kerryn Parry-Jones.
وقالت جونز "لا نعرف حقيقة السبب وراء هذا التحول للمناطق المأهولة". كما أضافت "إنه أمر سيء للجميع، بما فيها الخفافيش. لكن الأمر متعلق بدمار بيئتها الطبيعية على الأغلب".
كما وجد بعض الباحثين أن الخفافيش ليست فقط مزعجة، بل إنها تسلب الأطفال النوم، كما يُلقى باللوم على الخفافيش في عدة حالات اكتئاب عند بعض السكان الذين اشتكوا من شعورهم بأنهم محاصرون في الداخل بالرائحة والضوضاء.
ويقول كيم سوادلينج Kim Swadling أحد السكان المحليين "إنها ليست مستحبة، أنا أقوم بممارسة رياضة الجري كثيراً، وبحلول الساعة 5.30 تجد نفسك مغطى بما لا تعرف، بولٌ أو أي شيء آخر. إنه أمر مثير للاشمئزاز. لم يحدث أن تم التبرز عليّ بعد، لكن بالتأكيد تحصل على رذاذ من شيء ما، إنها الرائحة الكريهة أكثر من أي شيء آخر، وهم يقومون بالتبرز على كل شيء".
وبينما هاجر الآلاف من الخفافيش بالفعل إلى الشمال، يريد براون أن يتم دفع الخفافيش الباقية خارج المدينة، آملاً ألا تعود إلى باتمانس باي في العام المقبل.
مكافحة الخفافيش
وجذب مأزق مجلس مقاطعة يوروبودالا Eurobodalla مؤخراً منحة حكومية تقدر ب 2.5 مليوناً من أجل التخلص من الخفافيش، كما أعطت الحكومة الفيدرالية للمجلس استثناء من القوانين الحامية للبيئة من أجل تفريق الخفافيش دون قتلهم.
وقال براون "يقوم المجلس بإزالة الأشجار من أجل إقامة منطقة عازلة بين المستعمرة و المنازل".
كما تتساءل ديفيدا ماشينج Davida MaChing أحد سكان ووتر جاردينز عما إذا كان العلاج أسوأ من المشكلة. حيث تخاف من أن الطيور المستوطنة ستتوقف عن المجيء إذا ما تم قطع المزيد من الأشجار.
وتضيف ماشينج التي عاشت في باتمانس باي ل33 عاماً " أوافق على أن هذه الخفافيش يجب أن تذهب، لكن لا أعتقد أن عليهم اللجوء إلى هذه الإجراءات العنيفة والقيام بقطع كل الأشجار".
سيقرر المجلس الأسبوع القادم خطة لدفع باقي الخفافيش بعيداً بحلول شهر أغسطس، وذلك عن طريق إزعاج أعشاشهم بماكينات دخان، وضوضاء عالية تخرج من مكبرات صوت قوية وأضواء قوية قبل الفجر. ويحذر المجلس من أن البشر القريبين سيتحملون أسابيع من النوم المضطرب.
في هذه الأثناء، سيقوم المجلس بتوفير أغطية للسيارات ولمناشر الغسيل للمواطنين المتضررين، بالإضافة إلي مضخات محمولة عالية الضغط من أجل تنظيف ممتلكاتهم من فضلات الخفافيش.
وتحذر باري جونز Parry-Jones، الباحثة في شؤون الخفافيش من محاولة إزالة المستعمرة، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات تؤدي في العادة إلى تقسيم المستعمرة إلى اثنتين أو أكثر في نفس المنطقة، مما يؤدي لإزعاج المزيد من الناس.
وتضيف قائلة "لدينا مشكلة توازن بيئي تشكلت عبر أكثر من 50 عاماً، والآن فقط أدرك الناس وجودها ويريدون أن يوجدوا حلاً حاسماً وكاملاً لها في غضون 24 ساعة فقط".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.