هل حقاً الحياة غير عادلة؟

كن مُحسناً، مُتقناً، مُصلحاً.. ورب الكون هو الوحيد القادر، أن يُفعِل مدى العدل الكوني في شخصك.. وحينها سوف توقن بأن الحياة في غاية العدل.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/11 الساعة 06:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/11 الساعة 06:16 بتوقيت غرينتش

لا أعلم من هو صاحب مقولة: إن الحياة غير عادلة!

فجأة وجدت العديد من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تُلصق تلك المقولة لكثير من مشاهير الغرب، يقولون إن الحياة غير عادلة، وللأسف الشديد إن كثيراً من أفراد مُجتمعنا الشرقي صدقوا تلك المقولة، وأخذوا يتعاملون معها على أساس أنها حقيقة مثبتة علمياً!

تساؤلات:

هناك سؤال يطرح نفسه ألا وهو:

ما مقياس عدالة الحياة من وجهة نظرك؟

هل الحياة ستكون عادلة إذا أعطت لك كل شيء تريده، وستكون غير عادلة لو لم تُعطِ لك أي شيء مما تحتاجه أو تريده؟

هل الحياة ستكون عادلة إذا لم يغدر بك صديقك، وستكون غير عادلة إذا غدر بك صديقك؟

هل الحياة ستكون عادلة إذا ترقيت في مهنتك، وستكون غير عادلة إذا لم ترتقِ في مهنتك؟

هل الحياة ستكون عادلة إذا لم تتعرض إلى أي نوع من أنواع المشاكل الحياتية، وستكون غير عادلة إذا تعرضت يومياً، لمشاكل سواء كانت مشاكل عويصة أو حتى مشاكل بسيطة؟

إذن ما هي مقياس عدالة الحياة من وجهة نظرك؟

أعتقدت أنك سمعت كثيراً، أن الحياة تُعطي من يستحق ذلك العطاء، بمعنى إذا أردت شيئاً بشدة، فيجب عليك أن تدفع ثمن ذلك الشيء أولاً، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، إذا أردت النجاح فيجب عليك أن تدفع ثمنه من مجهود ووقت وراحة، لكي تحصل عليه.

إذا أردت حياة زوجية سعيدة، فيجب عليك أن تدفع ثمن ذلك في البداية من مشاركتك لزوجك، من وقتك وأيضاً مجهودك.

إذا أردت الشهيق فيجب عليك أن تنفق الزفير!

الحياة في غاية العدل، فهي سُنة كونية نحن نعيش وفقها، يستحيل أن تُعطي ولم تأخذ في المقابل شيئاً، إلا إذا أنت من أراد ذلك!

قصة توضيحية:

على سبيل المثال، نفترض أن هناك شخصاً ما، أراد أن يرتقي في عمله الذي يُحبه، وفعلاً بدأ يعمل بكل ما أوتي من قوة، حتى يحقق نجاحات عظيمة في مهنته تلك، ويجعل لنفسه سُمعة جيدة في سوق الأعمال، ولكن وللأسف الشديد وعلى الرغم من عمله الدائم هذا، إلا أن مديره لم يقدره حق تقدير، بل ولم يُعطِ له المقابل المادي الذي يستحقه.

للناظر إلى تلك القصة، يجد فعلاً أن الحياة غير عادلة، ولكن ماذا لو كانت مُعاملة مديره تلك هي التي جعلته يُفكر في ترك هذه الشركة، والعمل مع شركة أخرى أفضل بكثير؟! ماذا لو كانت مُعاملة مديره تلك، هي التي جعلته يفكر في بدء تنفيذ مشروعه الخاص، الذي ظل يحلم به كثيراً، وبعدما أنشأ شركته الخاصة، نجح نجاحاً ساحقاً لم يكن يتوقعه أو حتى يتخيله!

لقارئ هذه القصة:

فرضاً أن حكمك في المرة الأول، عندما لم يجد ذلك الشخص ما يستحق من مديره، جعلك تقُل إن الحياة غير عادلة، بينما حكمك تغير عندما نجح في عمله الخاص؟!

أسمح لي أن أُجيب نيابة عنك، فأقول: مُعظمنا كبشر يريد النجاح الفوري، نظل نعمل لسنوات طوال، بلا رؤية أدنى نتيجة تُرضينا، وبلا أدنى مقابل نستحقه، ولذلك نحكم فوراً بأن الحياة غير عادلة.

ولكن عندما يحدث النجاح، في جانب آخر من جوانب حياتنا، نقول إن الحياة عادلة.

ولم يخطر على بال البعض منا، بأن هذا النجاح حدث فعلاً من كثر اجتهادك ومجهودك الذي بذلته في شيء ما، بصرف النظر عن ما هو الجانب بالضبط الذي نجحت فيه.

إثبات عدالة الحياة:

دعني أطرح عليك السؤال التالي:

كم مرة كنت تود النجاح في علاقة ما، وبذلت في تلك العلاقة مجهوداً خرافياً، ولكنك لم تحصل على التقدير أو المقابل الذي يُرضيك من الطرف الثاني؟

ولكن بعدما تركت ذلك الشخص، ربنا عُوضتَ شخصاً آخر لم تكن تحلم به!

كم مرة بذلتَ جهداً في وظيفة في شركة ما، ولم تحصل على مقابل مادي مناسب؟

ولكن بعدما تركت تلك الشركة، ربنا عُوضتَ شركة أفضل بكثير مما كنت تعمل بها!

يا عزيزي الحياة عادلة، وأنت بالفعل تتعامل مع صفقة مُربحة.

بدليل أن رب الكون أمرك بالإحسان، وأن تكون من المُحسنين، المُتقين، المُصلحين، وهو، وهو وحده فقط، من يستطيع أن يُعطيك ما تستحق، وليس ما تتوقعه أو حتى تنتظره.

هو فقط من يستطيع أن يُعطيك ما تحتاج وليس ما تريد.

هو فقط من يستطيع أن يُعطيك من حيث لا تحتسب، وليس ما تحتسبه أنت بالورقة والقلم.

كن مُحسناً، مُتقناً، مُصلحاً.. ورب الكون هو الوحيد القادر، أن يُفعِل مدى العدل الكوني في شخصك.. وحينها سوف توقن بأن الحياة في غاية العدل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد