أردوغان ينعى كلاي نيابة عن الشعب التركي ويدعو العالم لتبني أفكاره

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/11 الساعة 17:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/11 الساعة 17:09 بتوقيت غرينتش

عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن احترامه الشديد نيابة عن الشعب التركي للراحل محمد علي كلاي، مؤكداً أن موته لا يعني نهاية أفكاره؛ لأن القضايا التي طرحها منذ عقود لازالت قائمة.

أردوغان طالب في مقالة له نشرتها شبكة Bloomberg الإخبارية الأميركية، بتكريم علي من خلال تنفيذ رؤيته فيما يتعلق بالحرية والمساواة والتضامن، مؤكداً أن وضع مُثله موضع التنفيذ سيمكّن قادة العالم من معالجة الكثير من المشاكل الحالية.

وهذا هو نص المقال:

ربما يسأل أحدهم: لماذا يسافر الرئيس التركي مسافة تقارب نصف الكرة الأرضية لحضور جنازة ملاكم أميركي. الإجابة ببساطة هي: لأعرب عن احترامي لمحمد علي نيابة عن الشعب التركي؛ لأن قصته غير العادية لا يجب أن تنتهي هنا. إذا قمنا بوضع مُثُله موضع التنفيذ، فسيتمكن قادة العالم من معالجة الكثير من المشاكل الحالية.

كان محمد علي رياضياً استثنائياً وشخصاً رائعاً على المستوى الإنساني. في عدة ليالٍ بلا نوم في سبعينات القرن الماضي، كنت واحداً من بين عدد لا يُحصى من الأتراك الذين يستيقظون لمتابعة مباريات محمد علي. تحول محمد علي في تلك الفترة إلى رمز مُلهم لدرجة جعلت عائلات بأكملها تتحدث عن مباريات الملاكمة أثناء تناول الشاي والحلوى، ليستمر الحديث عن مبارياته مع الأصدقاء والزملاء طوال الأيام التالية. كانت حالة الإثارة تلك أمراً ملموساً لدرجة أن أحد المطربين الشعبيين في تركيا أطلق أغنية شهيرة لتخليد مباراة الغابة "Rumble in the Jungle" التي خاضها علي أمام جورج فورمان عام 1974، حيث جاءت الأغنية احتفاءً بالبطل الشعبي كبطل المضطهدين في كل مكان.

كان هناك المزيد أيضاً، لم ينجذب الناس حول العالم لشخصية محمد علي الرياضية وقوته فحسب، بل وصل الأمر لمواقفه السياسية أيضاً.

فبعد أن رفض علي الالتحاق بالجيش الأميركي للمشاركة في حرب فيتنام، واجه عواقب وخيمة، من خسارة مادية إلى حكم بالسجن وتجريده من لقبه، لأنه فعل ما يؤمن به، حيث قال وقتها: "لن أسافر 10 آلاف ميل للمساعدة في قتل وحرق أمة فقيرة أخرى". لقد كان رجلاً رحيماً ويملك من الشجاعة ما يكفي ليظهر تضامنه مع بني البشر.

كمسلم مخلص ورجل سلام، كان محمد علي كالكثير منا، منزعجاً من الربط الخاطئ بين الإسلام والعنف، وكان ما يؤذيه بشكل حقيقي، كما قال بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، هو "إدخال اسم الإسلام والمسلمين في الأمر وإحداث مشكلة والبدء في الكراهية والعنف. الإسلام ليس دين قتل، فالإسلام يعني السلام. لم أستطع الجلوس في المنزل ومشاهدة الناس يوجهون اللوم للمسلمين على التسبب في هذه المشكلة". وقد كان محقاً بشأن ما أصبح حملة عنصرية بحق 1.7 مليار مسلم حول العالم.

وبينما تواجه الإنسانية تحديات أكبر من أي وقت مضى، ومع نقص الشجاعة اللازمة لحل القضايا الملحة، يمكن لقادة العالم أن يستمدوا بعض الإلهام من الأسطورة محمد علي، والذي تشكل رسالته للسلام والحرية والتضامن جزءاً أساسياً من السياسات التركية.

اليوم، تركيا هي أكبر مستضيف للاجئين في العالم، وثالث أكثر الدول تقديماً للمساعدات الإنسانية. ومنذ تبنيها لسياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين السوريين في 2011، رحبت البلاد بأكثر من 3 ملايين شخص فروا من جحيم الحرب، كما أنفقت الدولة قرابة 10 مليارات دولار لتلبية احتياجاتهم. يتلقى اللاجئون السوريون رعاية صحية مجانية وفرص التعليم والتدريب الاحترافي. وللأسف، لم تمثل مساهمات المجتمع الدولي سوى جزء من ميزانية المساعدات الإنسانية التركية.

أقوى المجتمعات في العالم هي تلك المجتمعات التي تحقق المساواة، ومحمد علي، كفردٍ من الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة، عانى من الظلم والعنصرية وسوء المعاملة. متذكرة تجربته، على الدول المسلمة أن تتخذ خطوات جادة للتأكد من أن المسيحيين واليهود يشعرون بانتمائهم لهذه الدول. منذ عام 2012، أنفقت تركيا ملايين الدولارات لترميم وإعادة بناء الكنائس والمعابد المتداعية، التي نعتبرها جزءاً أساسياً من تراثنا. وفي 2007، عادت كاتدرائية الصليب المقدس في جزيرة أقدمار (كنيسة أرمينية تعود للعصور الوسطى) للعمل من جديد بعد أعمال ترميم شاملة. وفي العام الماضي أُعيد افتتاح المعبد اليهودي الكبير في أدرنة (أحد أكبر المعابد اليهودية في أوروبا) بعد ترميمه.

سيكون هناك الكثير من الحديث حول إنجازات محمد علي الرياضية، ولكن الأهم الذي يجب أن نأخذه في الاعتبار هو أن موته لا يعني نهاية أفكاره، فالقضايا التي طرحها منذ عقود لازالت قائمة، وعلى هذا النحو، فالطريقة الصحيحة لتكريم بطل الشعب هذا هي بتنفيذ رؤيته فيما يتعلق بالحرية والمساواة والتضامن.

– هذا الموضوع مترجم عن شبكة Bloomberg الإخبارية الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية يرجى الضغط هنا.

تحميل المزيد