بعد بدء القصف الجوي قرب مشفى أطفال في مدينة حلب في شمال سوريا، أمس الأربعاء 8 يونيو/حزيران 2016، سارعت الممرضات المذعورات إلى إخراج 9 أطفال حديثي الولادة ملأ الغبار والحطام غرفتهم، من حاضناتهم، وأخذهم إلى مكان آمن، وفق ما روى مدير المستشفى الطبيب حاتم.
ووصف الطبيب ما حصل في المستشفى الذي يعمل فيه بـ"اللحظة المرعبة".
وقال في شهادة نقلتها حملة "من أجل سوريا" على موقعها الإلكتروني "كانت الممرضات يتعثرنّ ببعضهن وهن يسارعن لإخراج الأطفال الذين بدأ عدد منهم بالبكاء، ونقلهم إلى الطابق السفلي".
وخشيت الممرضات ألا يتمكن هؤلاء الأطفال حديثو الولادة من التنفس؛ نتيجة الغبار والحطام الذي ملأ المكان؛ إثر قصف بالبراميل المتفجرة استهدف شارعاً مكتظاً لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مستشفيي البيان والحكيم في حي الشعار في الجهة الشرقية، الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب.
وقتل 15 شخصاً الأربعاء، بينهم 10 في حي الشعار وحده، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتابع حاتم "أثناء نقل الفريق الطبي للحاضنات، ذهبت لأطلب من الناس الموجودين في غرفة الانتظار المغادرة، وقلت لهم: اذهبوا الآن، خشية من تجدد القصف".
تشكيك في الإنسانية
وأنشأت "مؤسسة الأطباء المستقلين" مستشفى الحكيم في منتصف العام 2012، إلا أنها بين الحين والآخر تنقل معداتها ومرضاها إلى موقع مختلف خشية من القصف الجوي المتكرر، وفق ما قالت المؤسسة.
وتشهد مدينة حلب معارك منذ العام 2012 بين شطريها الشرقي والغربي. وعلى مدى سنوات، تعرضت الأحياء الشرقية لقصف شبه يومي من قوات النظام التي كثفت غاراتها خلال الأسابيع الأخيرة بعد سقوط هدنة برعاية أميركية روسية في المدينة تم تمديدها مرارا دون نتيجة.
وبرغم فرحه من تمكن العاملين في المستشفى من إنقاذ الأطفال، قال حاتم "لم يعد هناك سوى 18 حاضنة في حلب الشرقية".
وأصدرت منظمة "يونيسف" بياناً قاسياً دانت فيه ما حصل في مستشفى الحكيم. وقال مدير المنظمة الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بيتر سلامة "على الجميع أن يقوموا بالتشكيك في إنسانيتهم عندما نضطر لإخراج الأطفال الخدج من الحاضنات بسبب هجمات على المستشفيات".
وأوضحت المنظمة الدولية أن "مستشفى الحكيم مرفق صحي تدعمه اليونيسف، وهو أحد المرافق القليلة التي لا تزال تقدم خدمات طبابة الأطفال في المنطقة، وهذا هو الهجوم الثاني على المستشفى".
وبحسب اليونيسف، وخلال سنوات النزاع الطويلة في سوريا، "تعرضت مئات المرافق الصحية التي تقدم الرعاية الصحية الحيوية إلى الضرر أو تدمرت. وخلال الأسبوعين الماضيين فقط، تعرضت 6 مرافق طبية في أنحاء سوريا إلى هجمات".
وقال سلامة "من المؤكد أن كل هذا من شأنه أن يهز ضمير وأخلاق العالم"، متسائلاً "كم من الوقت سنسمح لأطفال سوريا أن يعانوا بهذا الشكل؟".
وفي إبريل/نيسان الماضي، رثى الطبيب حاتم زميلاً له محمد وسيم معاذ، الذي قتل في غارة جوية استهدفت مستشفى القدس في حلب الذي كان يعد المشفى الرئيسي للأطفال قبل قصفه.
مزيد من الموت قادم
وتعهد الطبيب حاتم بإصلاح وإعادة فتح مستشفى الحكيم الذي كان يؤمن الخدمات الطبية لحوالي 3800 مريض شهرياً، وقد توقف العمل فيه أمس.
وتوجه إلى المجتمع الدولي بالقول "أريد أن يتخيل كل رئيس (في العالم) أحداً من هؤلاء الأطفال حديثي الولادة على أنه ابنه أو ابنته. وأي شيء من الممكن أن يقوموا به من أجل أولادهم، عليهم أن يقوموا به من أجل هؤلاء الأطفال".
ويحذر أطباء في الأحياء الشرقية في حلب من تردي الأوضاع الصحية خصوصاً أن المنفذ الوحيد إلى خارج المدينة يتعرض يومياً لغارات كثيفة.
وقال الطبيب سماح بصاص من "شبكة إغاثة سوريا"، وهي عبارة عن 60 منظمة تعمل في المجال الإغاثي في سوريا، "الخيارات أمام الحلبيين بدأت بالنفاذ".
وتستعر المعارك في محيط حلب، وسط محاولات من قوات النظام السوري التضييق على الأحياء الشرقية.
وأضاف "نحن معتادون على القصف، ولكن إن كنا أيضاً سنتعرض للحصار، فإن الجوع والمرض سينتشران سريعاً. والمزيد من الموت قادم لا محالة".