التفكك.. الحاضنة الجزائري.. اليد المغربية: 3 سيناريوهات تواجه البوليساريو بعد رحيل قائدها.. أيها الأرجح؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/02 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/02 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش

بعد عدة إعلانات وفاة كاذبة، أعلنت جبهة البوليساريو عبر بلاغ صادر عن أمانتها العامة رحيل زعيمها عبدالعزيز المراكشي عن عمر يناهز 68 سنة بتاريخ الثلاثاء 31 مايو/أيار2016، بعد معاناة طويلة مع المرض، حيث كان مصاباً بسرطان الرئة.

ومباشرة بعد تأكد خبر الوفاة، بدأت التكهنات حول مصير الجبهة التي تسعى لانفصال الصحراء (الغربية/المغربية) نفسها بحكم القيادة المطلقة التي مارسها الزعيم الراحل على الجبهة منذ توليه المنصب قبل حوالي 40 سنة ،حيث تولى رئاسة جبهة البوليساريو بتاريخ الثلاثين من شهر أغسطس/آب سنة 1976 .

أعيدوا حساباتكم


في المغرب اختلفت ردود الفعل، وإن كانت أغلبها اكتفت بتقديم واجب العزاء قبل أي اعتبار آخر، وحتى قيادات سياسية ووجوه إعلامية بارزة لم تخرج عن هذا السياق، وإن دعوا في نفس الوقت الجبهة وقادتها الى مراجعة أنفسهم وحساباتهم وأن يعودوا ويُعيدوا الناس إلى أرض الوطن (المغرب)، وهي دعوة تكررت على لسان أكثر من سياسي مغربي، ومن أبرزهم على سبيل المثال وزير الخارجية الأسبق سعد الدين العثماني.

عربي بوست استقصت آراء عدد من المحللين السياسين بخصوص الاحتمالات الممكنة أمام القيادة الجديدة لجبهة البوليساريو بخصوص تعاملها مع المغرب، وكذلك تأثير الانقسامات في صفوف الجبهة على قضية الصحراء برمتها.

وفي هذا الإطار يرى محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبدالمالك السعدي بشمال المغرب، أن طبيعة التنظيم بالنسبة لجبهة البوليساريو تجعل من المستحيل تقريباً توقع أي توجه جديد أو تغير سريع في المواقف المعلنة لأي قائد جديد سيتولى مهام رئاسة الجبهة خلفاً لعبد العزيز المراكشي.

واعتبر أن تنظيم الجبهة ليس سيد نفسه بخصوص اتخاد القرارات الإستراتيجية، بل تتحكم فيه الجزائر عبر مخابراتها العسكرية، كما أن الشروط المطلوبة لتولي مهام القيادة داخل الجبهة تترك مجال الاختيار محدوداً، ولا يفتح المجال أمام الجيل الجديد من الشباب الذي يمكن أن يخلق تغييراً ربما في توجهات الجبهة، ومنها شرط أن يكون المترشح لمنصب القيادة قد شارك في الحرب وضمن الصفوف الأولى مما يضمن استمراراية العقيدة الاستراتجية لجبهة البوليساريو.

انقسامات


وحسب وجهة نظره فإنه "ربما المراهنة على الانقسامات في صفوف جبهة البوليساريو ستكون أفضل من المراهنة على الأشخاص في خلق تغيير ما في حالة "الستاتيكو" التي تجمد الأوضاع في المنطقة وترهن مصير شعوبها" على حد قوله.

إدريس الكريني، مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، بجامعة القاضي عياض بمراكش جنوب المغرب، يرى في معرض إجابته على أسئلة هافينغتون بوست أنه "ينبغى الإشارة إلى أن استئثار واحتكار عبدالعزيز المراكشي ومعاونيه لقيادة الجبهة لعدة عقود أدى إلى تكريس الرأي الواحد وتغييب كل الأصوات المختلفة، مما جعل خطاب الجبهة تقليدياً ومتجاوزاً في مواجهة المبادرات المتقدمة التي طرحها المغرب، ومنها مبادرة الحكم الذاتي" حسب قوله.

وقال "يبدو أن رحيل المراكشي سيسمح ببروز أصوات مختلفة داخل الجبهة لم تكن تتاح لها إمكانية التعبير عن مواقفها في السابق، وسيتيح الفرصة لحدوث مراجعات جديدة قد تدعم تجاوز منطق الوصاية الجزائرية على مواقف الجبهة، بما يمكّنها من إجراء مفاوضات بناءة وأكثر واقعية مع المغرب قد تتيح التوصل لتسوية لهذا النزاع " حسب وصفه.

واحد من أبرز المحللين السياسين المغاربة، عبد الرحيم منار السليمي، رأى في تدوينة له على صفحته الشخصية على فيسبوك، أن الجبهة أصبحت مهددة في مستقبلها نتيجة الصراع الواضح على خلافة المراكشي، والتي ظهرت علامتها حتى قبل وفاته".
واعتبر أن الجزائر فقدت بوفاة عبدالعزيز المراكشي إحدى أدواتها في الصراع مع المغرب، حسب قوله.

الأمانة العامة لجبهة البوليساريو، أعلنت الحداد لمدة أربعين يوماً، وأنها في حالة اجتماع مستمر مع حالة طوارئ، تحسباً لكل الاحتمالات، داعية المحسوبين عليها إلى التجند لإنجاح المرحلة الانتقالية حتى اجتماع المجلس الوطني لاختيار قائد جديد للجبهة في ظرف أربعين يوماً المقبلة، ويتولى حالياً خلافة المراكشي بشكل مؤقت رئيس المجلس الوطني خطري ولد أدوه .

خلافات تحت السطح


الجبهة أصبحت أمام تحديات حقيقية باعتبار الانشقاقات الواضحة في صفوفها، والتي عززها المؤتمر الأخير، والذي تفادى صعود هذه الانشقاقات إلى السطح بالتمديد للمراكشي، رغم أن القائد الراحل كان قد سبق له في حوار مع إحدى الجرائد الإسبانية، أن أكد رغبته في انتخاب قائد جديد للجبهة، وخاصة أنه كان يعاني المراحل الأخيرة لمرض السرطان.

ولم تقتصر هذه الخلافات حول موضوع الخلافة فقط، بل تجاوزتها إلى مواضيع أخرى، منها المفاوضات مع المغرب والقبول بالمقترح المغربي للحكم الذاتي كحل نهائي لقضية الصحراء، وهو الحل الذي تبناه خط الشهيد المراكشي وأصبح عبدالعزيز المراكشي في المدة الأخيرة -حسب المراقبين- معزولاً وسط أنصاره من قبيلته "الركيبات".
بمعنى أن الصراع والخلاف داخل الجبهة تحول إلى خلاف قبلي كذلك، وهو ما يؤكد صعوبة الوضع بالنسبة للجبهة بعد وفاة زعيمها".

مرشح الجزائر


وكانت صحيفة "ألموندو" الإسبانية في خبر وفاة عبدالعزيز المراكشي، تحدثت على كون إبراهيم الغالي سفير الجبهة في الجزائر يبقى أبرز المرشحين لخلافة المراكشي بحكم الدعم الجزائري له.
الجزائر الداعم الأساسي لجبهة البوليساريو في صراعها مع المغرب، قدمت تعازيها للرئيس المؤقت للجبهة برسالة بعثها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة له.
كما أعلنت السلطات الجزائرية الحداد لمدة ثمانية أيام، وفتحت سفاراتها وقنصلياتها عبر العالم لتقديم العزاء، وبدأت -وفقاً لمراقبين مغاربة- البحث عن خليفة يضمن استمرار وحدة الجبهة كواحدة من أدواتها في صراعها المستمر مع المغرب .

مولود في بلاد الخصوم


عبدالعزيز المراكشي، الزعيم الراحل لجبهة البوليساريو، من مواليد مراكش جنوب المغرب بتاريخ 17 من شهر أغسطس/آب 1947، ومن هنا جاء لقبه المراكشي، تابع دراسته حتى نهاية المرحلة الثانوية بنفس المدينة، قبل أن ينتقل إلى العاصمة الرباط لإنهاء دراسته الجامعية حتى سنة 1975، وقد كان من المؤسسين للجبهة التي تولى قيادتها بعد مقتل قائدها التاريخي الولي مصطفى السيد العربي سنة 1976وبقي كذالك حتى وفاته.

عائلة الراحل عبدالعزيز المراكشي المقيمة في المغرب، اعتبرت أن وفاة هذا الأخير هو مصاب عائلي جلل، ولكنها لن تطالب السلطات الجزائرية ولا جبهة البوليساريو بدفن جثمان الفقيد بالمغرب، منهية بذلك جدلاً كان قد بدأ يطل برأسه من بعض المواقع الإخبارية المغربية، والتي كانت قد أشارت إلى إمكانية دفن الراحل بالمغرب.

تحميل المزيد