حينما تدق ساعة الغضب

لا يجهل أحدّنا أن الغضب هو مشاعر تم التعبير عنها بشكل خاطئ؛ لتجاهلّنا الترّيث والتفكير قبل اتخاذ ردود الفعل؛ لذا فإن التبّصر ومحاولة فهم الموقف برؤية إيجابية والتفتيش عن بدائل صحية للبوح بقرارتنا من أهم سُبل معالجة الغضب.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/01 الساعة 03:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/01 الساعة 03:16 بتوقيت غرينتش

يقول جون جوزيف: "قرحة المعدة لا تأتي مما تأكله بل مما يأكلك".

منذ يومين كنت أتكلم مع أمي، وفارت أعصابي أثناء الحديث حتى أخبرتها بأنني توصلت إلى قناعة بأنه بات ضرورياً الاعتماد على نفسي في تدبير شؤون نفسي، وتلبية مصروفاتي، ولن أطلب منها أو من أبي شيئاً، سواء فيما يتعلق بالدعم الذي أحتاجه لتحقيق أهدافي أو اقتناء أغراض شخصية!.

رغم أنني يساروني الشك دوماً بأنني الأكثر إهمالاً بين أشقائي، ربما لأنني أميل إلى الصمت ولا أجد رغبة في التطلّب -كما تنعتني شقيقتي التي تصغرني وأحياناً شقيقتي الكبرى- فإن الغصة التي تركتها حدتي في الحديث مع والدتي كانت أوجع ألماً عندي من المرارة التي أجدها حين أشعر بالإهمال بين إخوتي، وتذمّرت جداً من هزيمة الغضب لي دوماً، وإطلاقي يده لتعبث بمصير علاقاتي بمن أحب، وتملّكه زمام إنهاء الكثير من المواقف كما يروق له، فكان يمكنني أن أخبر أمي أنني أحبها كثيراً هي وأبي وأنني بحاجة أن يعبرا لي عن حبهما الذي لا أشك فيه بمزيد من الاهتمام.

غالباً ما نشعر بالغضب في حالة الإحباط إذا لم تؤدِّ جهودنا إلى النتائج المرجوة، أو عند اعتقادنا بأن الحياة ليست عادلة معنا، فهي تجود على من لا يستحق وتشحّ على من يجتهد!، ولكن هل يُغيّر الغضب المُعادلة إلى ما نطمح إليه؟!

قد نتفق جميعاً على أن السيطرة على الغضب ليست بالأمر السهل، لكن الأكثر صعوبة هو تحمل النتائج السلبية التي يتركها على حياتنا الصحية وعلى علاقاتنا الإنسانية، أُدرك تماماً أن تعقيدات الحياة باتت أكثر صعوبة وتنوعت مصادر إثارة الأعصاب، وكثيراً ما نجد أنفسنا في خِيار حتمي بالاصطدام والصراع مع أحداثها اليومية، لكن الوعي بأن الغضب لن يُعالج قسوة حياتنا ويجعل منها أكثر مثالية يضعنا على أول الطريق بضرورة اتخاذ القرار بالسيطرة على ردود فعلنا الغاضبة.

لا يجهل أحدّنا أن الغضب هو مشاعر تم التعبير عنها بشكل خاطئ؛ لتجاهلّنا الترّيث والتفكير قبل اتخاذ ردود الفعل؛ لذا فإن التبّصر ومحاولة فهم الموقف برؤية إيجابية والتفتيش عن بدائل صحية للبوح بقرارتنا من أهم سُبل معالجة الغضب.

إن التسليم بماهية الحياة وأنّها في تغير مُستمر فلا سيئ باقٍ على موقفه، والتخفيف من حدة التوتر تجاه الأحداث اليومية، وإدخال مزيد من الهدوء والبهجة إلى حياتنا إحدى الأفكار الجميلة لمعالجة الغضب.

ولتكن حسن النية تجاه ما يُوجه لك من نقد فليس هنالك من شخص في عائلتك يُكرّس مجهوده لإبرازك أنك شخص سيئ، وتقبّل القناعات التي لا يمكنك تغييرها كما هي، فذلك يوفر عليك الكثير من الطاقة والوقت.

وأخيراً: احمل معك دوماً نوتة صغيرة وقلماً، وكلما تعرّضت لموقف توقف فيه صوت عقلك وانطلقت جوارحك دوّن الموقف وردة فعلك عليه ثم دوّن الحلول التي كان يمكن أن تقوم بها، لكن رد فعلك غير المدروس وعدم ترّيثك أضاعا الفرصة على ذلك، وستجد نفسك في المرات القادمة أكثر هدوءاً ووزناً للأمور، إن كانت لديك الرغبة للتخلص فعلاً من غضبك.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد