“حمص موطني”.. سكان عاصمة الثورة السورية يعودون رغم تدمير ديارهم

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/26 الساعة 07:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/26 الساعة 07:52 بتوقيت غرينتش

قبل أن تتحول الثورة السورية إلى حرب دامية متعددة الأطراف، كانت مدينة حمص ثالث أكبر المدن السورية تشتهر بمحاصيلها الزراعية وأكبر مصفاة نفط في البلاد، لكنها بعد 5 سنوات من الحرب غدت أنقاضاً خاوية على عروشها.

منذ بدايات الثورة عام 2011 هاجم الجيش السوري مدينة حمص التي وصفت بعاصمة الثورة، وقصف أحياءها ومنع عن سكانها الغذاء والدواء والكهرباء والماء.

جميع من لاذوا بالفرار من حمص تحولوا إلى لاجئين، وفي بداية عام 2014 تم إجلاء من بقوا في أحيائها القديمة، ومنهم مئات الثوار، ضمن اتفاق عقد بين الثوار والحكومة، بحسب تقرير نشره موقع بزفيد الأميركي، الأربعاء 25 مايو/أيار 2016.

الحصار دمر المدينة وقصم ظهر سكانها، والتقديرات المبدئية تقدّر أعداد الضحايا بين قتلى وجرحى بالآلاف.

لكن قوات الأسد مع بداية سنة 2016 حولت تركيزها إلى مدينة حلب التي يسيطر عليها الثوار، حيث تمكنت القوات الحكومية من قطع طرق الإمدادات، مدعومة بالغطاء الجوي الروسي المكثف وميليشيات المقاتلين الأجانب.

خلال سنة 2015 عاد ما يقارب 15 ألف سوري إلى مدينة حمص لإعادة بناء حياتهم بمساعدة كل من جمعية الصليب الأحمر الدولية والهلال الأحمر السوري. وقد تحدث الموقع الأميركي بمساعدة الجمعيتين إلى سوريين أثروا العودة:

حمزة (43 عاماً).. صاحب مقهى

كان لحمزة طيلة 25 عاماً محل صغير يقدم فيه الأطعمة الخفيفة ويوظف فيه 4 سوريين آخرين في أحد أحياء حمص القديمة، كما كان يمتلك سيارة صغيرة ولديه 5 أطفال يرتادون مدرسة قريبة. لكن بعدما اندلع القتال دمر محله وصار يبحث هو وعائلته عن الأمان.

يقول حمزة "كلما انتقلنا إلى مكان ما، لحقنا القتال، انتقلنا إلى 4 منازل، وكانت فترة كلها شقاء وتعاسة بالنسبة لنا، وعدم استقرار، فقد اختفت كل مظاهر حياتنا السابقة إذ غدوت بلا عمل وبلا مسكن، كما ترك الأطفال المدرسة والأصدقاء والحي. لكننا تأقلمنا لأننا كنا معاً".

ويضيف "كان قلبي طوال تلك الفترة في بيتي القديم، ولذلك كنت أريد العودة، فعندما قررنا العودة إلى حمص شعرت أني أكاد أطير.

في البدء صدمت من هول الدمار والخراب الذي حلّ بما حولي؛ لأن كل شيء أعرفه بات أنقاضاً، لكنني سعدت لأنني عدت إلى دياري".

ريما (30 عاماً).. خياطة

قبل الحرب كانت ريما ربة منزل، تلتزم بيتها لتعتني بأطفالها وتربيهم، بينما زوجها التاجر يذهب إلى عمله.

هرباً من الحرب؛ انتقلت العائلة إلى دمشق، لكن مع توقف العنف في حمص قررت ريما العودة إلى المدينة مع عيالها، بينما ظل الزوج يدير تجارته في دمشق ويبعث بالنقود للعائلة.

على الرغم من صعوبة العيش بعيداً عن زوجها، سُرّت ريما وأطفالها بالعودة إلى حمص، لكن في يوم من الأيام أتاها خبر فجعها بوفاة زوجها إثر نوبة قلبية. تقول ريما "اسودت الدنيا في عينيّ وتهاوت أنقاضاً من جديد. شعرت أن حياتي انتهت".

كانت ريما قد تلقت بعض التدريب في مجال الخياطة قبيل زواجها، فافتتحت لنفسها محل خياطة.

تقول "وجدت نفسي فجأة وسط ساحة معركة جديدة ومضطرة للنضال من أجلي ومن أجل أطفالي كي أجني بعض المال وأعيش بكرامة.

وأضافت: لم أفكر يوماً بمغادرة سوريا لأني عرفت أن بدء حياة جديدة سيكون أمراً صعباً خارجها، خاصة في ظل وجود أطفال.

شعرت أن علي القيام بشيء واستمر في حياتي بعد الانقطاع الذي أصابها وأجد شيئاً من الاستقرار.

تقول: في الماضي كنا نعيش حياة عادية ولم أكن مضطرة للعمل لأن زوجي كان يهتم بنا. لكن الآن أنا من أعمل لأكسب قوت العائلة".

عيسى (40 عاماً).. خياط

في الماضي كانت مهنة الخِياطة توفر لعيسى حياة كريمة مريحة، فأطفاله الثلاثة يرتادون المدرسة، وكان هو فخوراً بالبيت المتواضع الذي تعيش العائلة فيه.

بيد أنه مع بدء القتال، أصيب أصغر أطفاله جورج بالرعب من القصف المستمر، كذلك احترق منزل العائلة ولحقه الكثير من الأذى، فاضطر عيسى وعائلته للفرار بالثياب التي يرتدونها.

يقول عيسى "كانت الحياة لا تطاق فيما القتال دائر. كانت صعبة غير معقولة ولا تصدق، كأنما كنا نشاهد فيلماً. كل ما أردناه الهروب من ذاك الرعب".

وعندما عاد عيسى إلى منزله بحمص شاهد كيف تدمر البيت تماماً. فقال "لكن ما زالت الحياة هنا أرخص من أي مكان آخر. كم أتمنى لو أغادر البلاد من أجل سلامة أطفالي، لكني لن أستطيع تحمل نفقات ذلك".

عامر (33 عاماً)..صاحب متجر حلوى

قبل الفرار من المدينة، كان عامر وأسرته يديرون متجراً لبيع الحلوى بالمنطقة افتتحه والده حينما كان صغيراً. وذكر عامر أن مغادرة المدينة بعد نشوب الحرب كان أحد أصعب القرارات التي اتخذها في حياته. "ولكن الرحيل كان السبيل الوحيد لحماية أبنائي".

والآن، عاد عامر واشترك مع ابن عمه لإعادة فتح مشروعه. وقال "الأمر يبدو كما لو كنت قد رحلت عن الحياة ثم عدت إليها ثانيةً".

ويعلم عامر أبناءه المهارات المتعلقة بذلك النشاط ويرى أن أهم شيء هو أن تتمكن من كسب قوت يومك من خلال عملك. "أتمنى أن تتحسن أحوال سوريا. نريد أن يعيش الناس في حب وسلام".

تامر (40 عاماً)..ميكانيكي الدراجات

كان تامر، شقيق عامر، يعمل في مجال إصلاح الدراجات في أحياء حمص القديمة.

ومع فرار الكثيرين من المدينة، تراجعت أعمال الإصلاح، مما اضطره إلى ترك المدينة يصحبه أبناؤه الثلاثة.

وقال تامر "حينما اندلع القتال، كانوا يشعرون بالذعر ويبكون طيلة الوقت. لم أكن أريدهم أن يعيشوا تلك الحياة. ولذلك رحلنا حتى يشعر صغاري بمزيد من الأمان".

وقال إنه شعر باستعادة روحه بمجرد عودته. كان منزله قد احترق، ولذا يعيش حالياً في منزل مستأجر مع شقيقه عامر.

وأضاف "أتمنى أن تتم تسوية مشكلات سوريا قريباً. فلدينا ما يكفينا من المشكلات في حياتنا".

إمام (43 عاماً)..مصففة الشعر

كانت إمام تدير صالوناً شهيراً للحلاقة، وكانت العائل الوحيد لأسرتها منذ وقت طويل. وحينما دمرت الحرب منزلها وصالونها، اضطرت إلى الانتقال إلى ضواحي المدينة مع ابنها وزوجها، الذي يعاني من مرض مزمن.

ورغم أن اثنين من أبنائها الكبار كانوا يعيشون بالخارج في ألمانيا ولبنان، إلا أنها لم ترغب في مغادرة سوريا وكانت تقول "حمص هي موطني".

عادت إمام إلى الجزء القديم من مدينة حمص مع زوجها وابنها، بعدما تم فتح الطريق. وكان المنزل الوحيد الذي استطاعوا استئجاره بدون نوافذ وكان سقفه محطماً؛ ولذلك قاموا بتجديده بأنفسهم. ثم استأجرت إمام مبنى آخر تتولى إدارة صالونها من خلاله. وذكرت "لا يوجد سوى صالوني حلاقة بالمدينة؛ وبدأ الناس يعرفون صالوني تدريجياً".

وأضافت "حمص مدينة فريدة نشأت بها. إنها ليست مبنى أو جدران أو سقف. لا يمكنني ترك منزلي وحياتي".

ناصر (60 عاماً).. صاحب المطعم

كان ناصر وأسرته يديرون متجر فلافل صافور على مدار 40 عاماً، وهو أحد أشهر محلات الفلافل في مدينة حمص. ومع ذلك، حينما اشتعل القتال، توقف الزبائن عن زيارة المتجر وقررت الأسرة في النهاية الرحيل.

وذكر ناصر "أبلغ من العمر 60 عاماً ولا يوجد من يهتم بتوظيف رجل عجوز مثلي. ادخرت بعض المال ولكنه لم يكن كافيا للعيش. ولذلك، اضطررت للقيام بأعمال منخفضة الأجر لرعاية أسرتي. لقد تدمرت حياتي".

وحينما تم فتح الطريق إلى المدينة القديمة، قرر ناصر العودة إلى وطنه؛ لأنه لا يستطيع الرحيل عن سوريا إلى خارج البلاد.

قال"لم أفكر مطلقاً في مغادرة الوطن. فقد كان فضله عليّ كبيراً على مدار سنوات طويلة. وعملي هنا وحياتي كلها هنا، فكيف أستطيع الرحيل؟!

وذكر ناصر أنه رغم رحيله عن المدينة، كان يعلم دائماً أنه سيعود إليها يوماً ما ويعيد افتتاح مطعمه. "انظر إليّ الآن.. لقد أخبرتك بذلك".

­هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع BuzzFeed الأميركي. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد