في الوقت الذي بدأت فيه القوات العراقية بمساندة من ميليشيا الحشد الشعبي هجوماً واسع النطاق وبدعم محلي وخارجي لاستعادة مدينة الفلوجة، أمس الاثنين 23 مايو/أيار 2016، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها على مصير عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل المدينة.
بدء الهجوم على المدينة يجعل مصير آلاف المدنيين مجهولاً، في ظل حصار القوات الحكومية المستمر منذ أكثر من عامين ما تسبب في نقص الغذاء والدواء.
وضع إنساني صعب
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قال في وقت سابق: "ما نراه الآن هو مصدر قلق كبير لنا، خاصة واقع المدنيين الذين لا يزالون في الفلوجة حيث بدأت عملية عسكرية"، لافتاً إلى وجود نحو 50 ألف مدني بالمدينة في وضع إنساني صعب.
وفي بيان رسمي، طلبت قيادة العمليات المشتركة من سكان المدينة الاستعداد للخروج منها عبر طرق مؤمنة.
كما دعا البيان جميع الأسر إلى "الابتعاد عن مقرات عصابات داعش وتجمعاتها، إذ سيتم التعامل معها كأهداف للطيران الحربي".
من جهة أخرى، طلبت القيادة في بيان منفصل من "كافة العائلات التي لا تستطيع الخروج من الفلوجة رفع راية بيضاء على مكان تواجدها".
وأعرب رئيس لجنة الهجرة والمهجرين بالبرلمان العراقي، رعد الدهلكي، عن خشيته من أن تكون الحكومة خططت لمعركة الفلوجة عسكرياً دون وضع رؤية للعمليات الإنسانية وإخراج المدنيين من المدينة وتوفير المساعدات، وفقاً لما نشرته "الجزيرة نت".
بدء العملية
رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن بدء العملية ليلاً. وقال للتلفزيون: "منذ الساعات الأولى، حقق المقاتلون الشجعان تقدماً في عدة اتجاهات لاستعادة جميع المناطق التي يحتلها تنظيم الدولة الإسلامية حول الفلوجة".
وأفاد سكان بأن اشتباكاً وقع، الاثنين، في منطقة الهياكل على المشارف الجنوبية للمدينة كان أول مواجهة مباشرة بين الطرفين، وسط حديث عن مشاركة قوات إيرانية في المعارك.
من جهته، أكد التنظيم في بيان "صد هجوم واسع النطاق للقوات العراقية"، مشيراً إلى تدمير عدد من الآليات.
وقد أعلن العبادي على الشبكات الاجتماعية: "عملية تحرير الفلوجة. دقت ساعة التحرير واقتربت لحظة الانتصار الكبير وليس أمام داعش إلا الفرار".
وأضاف: "اليوم سنمزق رايات الغرباء السود الذين اختطفوا هذه المدينة، والعلم العراقي سيرفع ويرفرف عالياً فوق أراضي الفلوجة".
مشاركة إيرانية
مصادر عسكرية وعشائرية عراقية أفادت بأن نحو 60 مقاتلاً إيرانياً، مجهزين بأسلحة حديثة، وصلوا أمس الاثنين إلى أطراف الفلوجة.
رئيس الوزراء أشار إلى أن "القوات الخاصة والجيش والشرطة والحشد الشعبي ومقاتلي العشائر ستشارك في عملية تحرير الفلوجة"، الواقعة على بعد 50 كيلومتراً إلى الغرب من بغداد.
وتلعب قوات الحشد الشعبي، وغالبيتها فصائل شيعية مدعومة من إيران، دوراً مهماً في مساندة القوات العراقية. وأكد بيان لهيئة الحشد الشعبي انطلاق العملية من 6 محاور.
كما تشارك قوات التحالف بقيادة واشنطن بدور مهم في دعم القوات العراقية في تنفيذ العمليات، بينها خطوات أولى لاستعادة الموصل ثاني مدن العراق من سيطرة الجهاديين.
وأعلنت القوات العراقية، مساء الاثنين، السيطرة على مدينة الكرمة الواقعة شمال شرق الفلوجة. وقال العميد عبدالوهاب السعدي: "لقد رفعوا العلم العراقي على مقر البلدية" في المدينة.
وأفاد ستيف وارن، المتحدث باسم قوات التحالف، بأن هذه القوات شنت 21 غارة جوية استهدفت مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في الفلوجة وحولها منذ 18 مايو/أيار الجاري، في حين أعلن متحدث باسم البنتاغون أن الجيش الأميركي مستعد لنشر مروحيات عسكرية في حال طلبت الحكومة العراقية ذلك.
والفلوجة أبرز معاقل التنظيم الجهادي منذ يناير/كانون الثاني 2014.
وتمثل استعادة السيطرة على المناطق التي تخضع لسيطرة الجهاديين، بينها الفلوجة، أهم الأمور التي تشغل المسؤولين العراقيين وفي مقدمهم العبادي.
معقل المسلحين
شنت القوات الاميركية هجومين واسعين ضد المسلحين المتواجدين في الفلوجة عام 2004، اعتبرا الأعنف منذ حرب فيتنام.
وتتوافر لدى القوات العراقية خصوصاً بمساندة مقاتلي عشائر الأنبار، معلومات واسعة عن المنطقة تؤمن لها تنفيذ العملية لكن ينقصها التدريب وقوة السلاح التي تمتلكها القوات الأميركية.
وتمكن تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف من السيطرة على مناطق واسعة شمال وغرب العراق منذ الهجوم الواسع في يونيو/حزيران 2014، بسبب إخفاق القوات العراقية في وقف الهجوم رغم الفارق العددي الكبير بين الجانبين.
وأعلن الجهاديون "دولة الخلافة" في المناطق الواسعة التي سيطروا عليها بعد ذلك التأريخ، في العراق وسوريا.
وقتل عدد كبير من قادة التنظيم في ضربات جوية نفذتها قوات التحالف، خلال الفترة الماضية.
وأعلن التحالف الدولي مطلع الشهر الجاري قتل أحد قادة التنظيم البارزين وصف بقائد التنظيم العسكري في محافظة الأنبار.
واعترف أبومحمد العدناني المتحدث باسم التنظيم، في رسالة صوتية السبت، بأن التنظيم يفقد سيطرته على مناطق كثيرة.
وستكون معركة الفلوجة أكبر تحد يواجه تواجد التنظيم في العراق.