أحدهما يأخذ كلبه الصغير معه في كل مكان، ويدخن سيجارة إلكترونية، ويصفف شعره الأبيض على طريقة بومبادور، وأما الآخر فيحمل على ظهره وشماً لصورة ريتشارد نكسون، ويفاخر بامتلاكه أحذية تفوق ما كانت تمتلكه إميلدا ماركوس زوجة دكتاتور الفلبين السابق في العدد، ويروّج لنظريات المؤامرة التي تحيط باغتيال كينيدي.
امتلأت انتخابات 2016 بالإهانات القبيحة، والتلميحات والتهجم على الشخصيات، وقد ظهر في ظلها متنافسان مركزيان اشتهرا بنمط حياة صاخب، وهما: ديفيد بروك وروجر ج. ستون الابن.. وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويرك تايمز الأميركية.
يؤيد بروك هيلاري كلينتون، بينما يساند ستون دونالد ترامب، ولا يتوانيان عن الهجوم على منتقدي مرشحيهما. حدّتهما في الهجوم تجعلك تعتقد أنهما إما شريران أو عبقريان.
صراع مسل
على حائط مكتب ستون في جنوب فلوريدا، والذي لا يعلن عن عنوانه بسبب تهديدات القتل التي يزعم أنه تلقاها، توجد صورة لكاريكاتير "Spy vs. Spy" ، يسميها موظفو المكتب "بروك-ستون".
يقول هانك شاينكوف، خبير استراتيجي مؤيد للحزب الديمقراطي يعرف كلا الرجلين، "الصراع بين الاثنين مسلٍّ جداً. إنها معركة البقاء للأقوى"
لطالما جذبت السياسة الشخصيات التي تحب الظهور، ويبدو أن كلا الرجلين يستمتع بصورته المتضخمة.
يعيش بروك، 53 عاماً المؤيد لكلينتون، بين واشنطن والقرية الغربية في مانهاتن، يقيم حفلات صاخبة ويتودد للمتبرعين (لمرشحته)، ويصطحب معه كلبه الصغير "توبي" في كثير من الأحيان.
أما ستون، 64 عاماً، المؤيد لترامب فله مدونة تهتم بالموضة، ويقسم وقته بين فورت لودرديل وشقته في الجانب الشرقي من مانهاتن، التي تعج بالتذكارات السياسية وأثاث كوربوزيه.
التحرّش الجنسي
وصف ستون منافسه بأنه "شخصية جذابة ومحبوبة وذكية"، وأثنى على مظهره، واصفاً إياه بأنه "الرجل الأنيق"، كما شبه تسريحة شعره بشخصية رئيسية في فيلم الرعب "Eraserhead" الذي أخرجه ديفيد لينش عام 1977.
ولكن في الأسابيع الأخيرة، ومع ظهور ادعاءات بالتحرش الجنسي ضد الرئيس الأسبق بيل كلينتون، زادت حدة الصراع بين بروك وستون.
في الأسبوع الماضي، الأسبوع الثالث من مايو/أيار 2016، قام دونالد ترامب بتذكير الجمهور بادعاءات اغتصاب أثيرت ضد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وذلك في مقابلة له على Fox News.
وكان كتاب قد كتبه ستون اسمه "كلينتون: الحرب على النساء"، بالاشتراك مع روبرت مورو، قد ركز على سلوكيات بيل كلينتون الفاضحة، واتهم فيه زوجته هيلاري بإسكات السيدات اللاتي تقدمن بشكاوى ضد زوجها.
قاتل المحافظين
وقبل أن يصبح بروك الشخصية المحورية في عملية الدفاع عن آل كلينتون، والتي تتكلف ملايين الدولارات، كان يصف نفسه بأنه "قاتل المحافظين". كان على صلة بستون وكانت تدور بينهما المناقشات.
وأكد بروك في 1994 في تغطيته للمجلة الإخبارية المحافظة (The American Spectator) أن شرطة ولاية أركنساس قامت بتسهيل العلاقات الجنسية لكلينتون إبان حكمه للولاية، وهي المزاعم التي شكلت محور هجمات روجر ستون، حيث اتهم ستون في كتابه بروك بالكذب بشأن ادعائه الحالي بعدم القصص التي نشرتها هده المجلة في التسعينيات، بينما رفض بروك إجراء مقابلات بشأن روجر ستون.
ويدير بروك حالياً لجنة ضخمة للعمل السياسي للتنسيق مع حملة كلينتون للدفاع عنها، ومع مجموعة "American Bridge" التي تعمل أيضاً على الأبحاث المعارضة للتمكن من هزيمة ترامب (بما يكفي لهدم برج ترامب، على حد تعبير بروك في حديثه للمتبرعين الليبراليين وفقاً لصحيفة بوليتيكو).
أما مهمته الحالية فستتمحور حول توقع ما يدور داخل عقل ستون المعقد، واستباق هجمات ترامب.
وبينما نفى حلفاء هيلاري كلينتون بشدة ضلوعها في إسكات مهاجمي بيل كلينتون، فإن ترامب سيستمر في الضغط على هذه النقطة إلى أن ينتهي صراع المرشحين على أصوات الناخبات.
وفي حين اعترف ستون بتوافر مزيد من الموارد لدى بروك، فقد قال أن التكتيك التقليدي لرفض هذه الاتهامات لكلينتون باعتبارها إشاعات مغرضة قد يأتي بنتائج عكسية.
كما أضاف "يتهمنا بروك بالترويج لنظرية المؤامرة، ليجعلنا نبدو كحمقى، لكن النخبة فقط هي التي تخاف من ذلك".(في إشارة إلى أن غير النخب تميل لتصديق المؤامرة).
اتخذت شبكة Media Matters ، وهي وحدة للمراقبة السياسية لما يُنشر في وسائل الإعلام يمتلكها بروك، من ستون هدفاً مباشر لها، ووصفته بأنه "نقطة الضعف في حملة ترامب"، وجمعت ما قام به في موسوعة تضمنت المقال الذي نشره في دورية National Enquirer والذي اتهم فيه والد السناتور تيد كروز بأنه كان على صلة بـلي هارفي أوزوالد قبل اغتيال الرئيس جون كينيدي. وعلى الجانب الآخر وصف ستون Media Matters بأنها جزء من "آلة كلينتون القذرة".
خارج الحملات الرسمية
يذكر أن كلاً من ديفيد بروك، وروجر ستون يعملان خارج الحملات الانتخابية الرسمية للمرشحين. وبالرغم من أن بروك ينسق بشكل مباشر مع حملة كلينتون من خلال Correct the Record وهو فريق ينصب عمله على إجراء البحوث الاستراتيجية ودفع الاتهامات عن كلينتون.
وقال ستون أنه ليس له علاقة رسمية أو غير رسمية مع حملة ترامب لكنه قريب من ترامب ولديه تأثير كبير على استراتيجية حملته.
كلا الرجلين خاض تحركات محفوفة بالمخاطر مما خلق مناخاً من التوتر و"الدراما" مع حملات المرشحين اللذين يدعمونهما.
حدث توتر في العلاقة بين ستون وترامب، بعد أول مناظرة للجمهوريين في أغسطس/آب 2015، عندما نصح ستون ترامب بالتوقف عن الهجوم علي ميغين كيلي من فوكس نيوز، وقال ترامب أنه استغنى عن مستشاره وصديقه الذي ظل معه لفترة طويلة بينما قال ستون أنه استقال. ولكن حدثت انفراجة في الأزمة بينهما بعد ذلك.
هيلاري تحتضن بروك
وكانت كلينتون قد احتضنت بروك منذ أن أثنى عليها في كتاب يضم سيرتها الشخصية عام 1996 كسيدة أولى للولايات المتحدة بعنوان "The Seduction of Hillary Rodham" أي "فتنة السيدة هيلاري رودهام".
وقالت كلينتون أن كتابه الصادر عام 2002 بعنوان " أعماه الحق: ضمير محافظ سابق" قدم دليلاً على وجود مؤامرة يمينية كبرى ضدها وضد زوجها.
وشجعت كلينتون بروك على تأسيس "Media Matters" كما دأبت على توزيع نسخ من كتاب "Blinded by "the Right والذي احتفظت بنسخ منه في منزلها بنيويورك.
ومع احتدام الحملة من المرجح أن يظل النزاع بين بروك وستون قائماً.
وحين منعت شبكة"CNN " ستون من الظهور في فبراير/شباط 2016 بعد أن استخدم تلميحات عنصرية خلال وصفه لاثنين من معلقي الشبكة، اتهم ستون حينها بروك بالتأثير على الخط العام للشبكة.
وقال رئيس" Media Matters" وقتها برادلي بيتشوك "كما تقوم شبكتنا بتركيز الضوء على الجانب السيء في تاريخ روجر ستون نشجع غيرنا من الشبكات على أن تحذو حذونا".
أما ستون فقد اعتبر أن كل هذا التحرك هو جزء من " لعبة القمع" التي يمارسها بروك على وسائل الإعلام الرئيسية، والتي يخفت تأثيرها على نحو متزايد في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
وكتب على موقع "تويتر" "يبدو أن كشفي للاغتصاب الذي اتهم به كلينتون والبلطجة التي قامت بها زوجته قد تسبب في فقد ديفيد بروك لأعصابه".
ولم يمض وقتٌ طويل على ذلك حتى قام بروك بالرد بأنه سينفق ما يقرب مليون دولار للدفاع عن كلينتون من الهجوم عليها في وسائل الإعلام الاجتماعي، وربما سيبدأ تلك الحملة من حساب ستون على تويتر.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.