الخوف.. ضيف ثقيل الظل!

نخاف من السؤال، من أن نبدو أغبياء، ولكن نرتضي أن نظل أغبياء في الخفاء لا يعلم بجهلنا إلا نحن، فنغلق نوافذ المعرفة حتى لا ينساب نور العلم ويتسلل في كل زاوية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/18 الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/18 الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش

متطفل غريب يحول بين حلمك والوصول إليه، أثقل من رقيب على عاشقين، يحاول حشر نفسه دوماً عندما تلح عليك نفسك بامتلاك زمام المبادرة، ويمسك بيدك ويسحبك في دوامة التكرار، يدعوك للراحة ويرغمك على العودة للفراغ، يثير في داخلك رهبةً من انعكاسات التغيير، ويقوض روحك مانعاً إياها من اكتشاف أي جديد، مبرراً ذلك بأنه طوق نجاةٍ في بحر يضج بالموج ثورةً حيناً ورقة حيناً آخر، يشبه ضيفاً غير متوقعٍ يمنعك مجيئه من الخروج من المنزل واختبار حالة الطقس بنفسك… ذلك هو الخوف.

أذكر المرات التي حاولت فيها أن أحدث تغييراً في حياتي وكان الحاجز الأول هو الخوف، الخوف من النتائج، من المسؤولية، من الفشل أو حتى من النجاح وتباعته، وأعتقد أننا نركن للروتين اليومي فزعاً من تغييرٍ لا نستطيع الإمساك بكل خيوطه وتحريكه كدمية مسرح، فنحن نكره أن نضطر للتعامل مع أحداثٍ خارج حدود سيطرتنا.

نخاف من السؤال، من أن نبدو أغبياء، ولكن نرتضي أن نظل أغبياء في الخفاء لا يعلم بجهلنا إلا نحن، فنغلق نوافذ المعرفة حتى لا ينساب نور العلم ويتسلل في كل زاوية.
نخاف من السخرية من أن ينظر إلينا فنبدو كالبلهاء عندما نسأل عن أحلامنا في الحياة، حتى نعتاد أن نكون أرقاماً مكررةً لا تميّز فيها.

نخاف إظهار الألم للعيان، كي لا تنكسر الصورة الوهمية التي خلقناها أمامهم، تلك الصورة التي دأبنا على جعلها الأقدر على اللامبالاة بأي حدث.

نخاف الحسد حد الرعب، فنحاول دفن كل الأشياء الجميلة التي بالحديث عنها يشعر الآخرون أن هناك شيئاً ما قادراً على خلق السعادة، فلا نفرح نحن ولا ندعهم يأملون بحياةٍ في سلتها فرح وحب.

نخاف التعبير، فنمسي كالنعام ندفن رؤوسنا في التراب ونظل كلاعبٍ انطوائي يخشى النزول لأرض المواجهة في الملعب، لكنه لا ينفك يتدرب وحده بعيداً عن الأضواء.

نخاف الزواج وترك منازل أهلنا وتحمل مسؤولية عائلةٍ جديدة، تربكنا فكرة حصول أحداثٍ غير اعتيادية، تجعلنا نفكر بطريقةٍ غير اعتيادية أيضاً، فكل جديدٍ لدينا مهاب.

نخاف الطلاق وبدء مسيرة قد تكون أفضل لكل الأطراف، ونظل نحاصر مشاعرنا ونزهقها بحملٍ يفوق طاقاتنا.

حياة الفرسان لن ندركها إلا بالمواجهة، والشجعان لم يكونوا لنسمع بسيرهم إلا عندما وقفوا بوجه الأخطار دون الالتجاء إلى الكهوف المدلهمة، والأبطال وحدهم من يستعدون للقتال في وضح النهار لا في جنح الليل خوفاً من أعين الشامتين.

الحياة تعاش مرة واحدةً، فلنقتنص منها أي الأشياء نهوى ولنتحرر من كل وهمٍ أحطنا به أرواحنا، ولنختبر أنفسنا في كل حادثة دون وجلٍ أو رهبة، فما الخوف إلا قاطع طريقٍ يجبرك على العودة من حيث أتيت دون بلوغ المراد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد