عن الصمود في الشدائد وتجاوزها

قوموا بمساعدة بعضكم البعض، وحاولوا الإستفادة دائماً من الخطة ب، واحتفلوا بكل لحظة سعادة في حياتكم. لديكم عالم كامل أمامكم، ولا أطيق الإنتظار لأرى ما ستفعلونه في هذا العالم.

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/17 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/17 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش

شكراً لك ماري، وشكراً للسادة أعضاء هيئة التدريس الكرام، ولأولياء الأمور الفخورين بابنائهم، وللأصدقاء المخلصين، وللأشقاء.

تهانيً لكم جميعاً، وخصوصاً للدفعة الرائعة التي تتخرج من بيركلي في 2016. إنه لشرف أن أقف هنا في بيركلي التي خرج منها العديد من الفائزات بجائزة نوبل، وجائزة تورنغ، ورائدات الفضاء، وعضوات في الكونغرس، بالإضافة إلى بطلات أولمبيات. هذا فقط إذا تحدثنا عن النساء!
دائماً ما كانت جامعة بيركلي تسبق عصرها. في الستينات، قادت الجامعة حركة حرية التعبير. بالعودة إلى تلك الأيام، اعتاد الناس أن يتساءلوا حول كل من يملك شعراً طويلاً، كيف يمكنناً التمييز بين الشباب والفتيات؟ والآن أصبحنا نعرف الإجابة.

منذ وقت مبكر أيضاً، كانت بيركلي تفتح أبوابها أمام الجميع، فمع افتتاح هذا الحرم الجامعي عام 1873، كان هناك 167 طالباً و222 طالبة، في حين أن جامعتي احتاجت إلى تسعين عاماً بعد ذلك لتمنح درجة علمية واحدة لامرأة.

كانت روزاليند نوس واحدة من بين النساء اللاتي أتين إلى هنا بحثاً عن فرصة. كانت روز تقوم بمسح الأرضيات في المنزل الذي عاشت فيه في بروكلين، قبل أن يقوم والداها بإخراجها من التعليم لتساعد الأسرة، في الوقت الذي أصر فيه أحد أساتذتها أن يعيدها والداها إلى المدرسة مجدداً. وفي عام 1937، جلست في نفس المكان الذي تجلسون فيه وحصلت على درجة علمية من بيركلي. روز هي جدتي، وكانت أكثر من ألهمني وأنا أشعر بالإمتنان أن بيركلي قد قدرت إمكانياتها. أود أن أستغل الفرصة لتقديم تهانيً الخاصة للموجودين هنا ممن كانوا من أول جيل جامعي في عائلاتهم. ياله من إنجاز ملفت!

اليوم هو يوم إحتفالي، يوم للإحتفاء بكل العمل الجاد الذي أوصلكم إلى هذه اللحظة. اليوم هو يوم الشكر، يوم لشكر كل من ساعدوكم لتصلوا إلى هنا، ومن قاموا برعايتكم، وتعليمكم، من قاموا بتشجيعكم، ومن مسحوا دموعكم، أو على الأقل لأولئك الذين لم يقوموا بالرسم على أجسادكم عندما وقعتم ضحية للنوم في أحد الحفلات.

اليوم أيضاً هو يوم للتفكير، لأنه يأتي بنهاية مرحلة ما من حياتكم وبداية شئ جديد.

يجب أن يكون عنوان حفل التخرج مزيجا بين الشباب والحكمة، وأنتم لديكم الشباب، لذلك يأتي دور شخص ما ليكون صوت الحكمة، ويفترض أن يكون أنا ذلك الشخص. أنا أقف هنا وأخبركم عما تعلمته من الحياة، وأنتم تقومون بإلقاء قبعاتكم إلى السماء، وتقوم عائلاتكم بالتقاط ملايين الصور -لا تنسوا نشرها على إنستغرام- ويذهب الجميع إلى المنزل في سعادة.

اليوم سيكون مختلفاً إلى حد ما. سنلقي القبعات أيضاً وستقومون بالتقاط الصور، ولكنني لن أحدثكم عما تعلمته من الحياة، اليوم سأحاول أن أخبركم عما تعلمته من الموت.

لم أتحدث عن هذا الأمر علناً من قبل، إنه صعب، ولكنني سأحاول أن أبذل قصارى جهدي لكي لا أضع أنفي في رداء بيركلي الجميل.

منذ عام واحد و13 يوماً من الآن، فقدت زوجي، ديف. كان موته مفاجئاً وغير متوقع. كنا في حفل عيد الميلاد الخمسين لأحد الأصدقاء في المكسيك، وقتها ذهبت لأخذ قيلولة، في حين ذهب ديف لأداء بعض التمارين الرياضية. ما تبع ذلك كان لا يمكن تصوره، دخلت إلى الصالة الرياضية لأجده ممدداً على الأرض، ثم عدت إلى المنزل لأخبر أطفالي أن والدهم قد رحل، ثم شاهدت نعشه وهو ينزل إلى الأرض.

بعد ذلك لعدة أشهر، وفي عدة مرات منذ ذلك الحين، غمرني الحزن العميق، أو ما أظن أنه الفراغ، ذلك الفراغ الذي يملأ قلبك، ورئتيك، ويعيق قدرتك على التفكير أو حتى التنفس.

أثر موت ديف علي وغيرني بصورة عميقة للغاية، عرفت معنى الحزن العميق وألم الخسارة، إلا أنني تعلمت أيضاً أن الحياة عندما تجرك إلى الأسفل، فبإمكانك ركل القاع، والخروج إلى السطح والتنفس مجدداً. تعلمت أنه في مواجهة ذلك الفراغ -أو في مواجهة أي تحدي- يمكنك أن تختار السعادة.
أنا أشارك هذا الأمر معكم الآن آملة أن اليوم، حيث تأخذون خطوتكم القادمة في حياتكم، يمكنكم أن تتعلموا من الدروس التي تعلمتها من الموت. الدروس عن الأمل، والقوة، والنور الذي بداخلنا والذي لن ينطفئ.

كل من تخرج من كاليفورنيا قد مر بالفعل ببعض خيبة الأمل. أن تريد الحصول على مجموع A بينما تحصل على B. ربما تحصل على A-، إلا أنك لا تزال غاضباً. تتقدم للحصول على فرصة للتدريب في فيسبوك، ولكنك تحصل على فرصة في جوجل. أن يكون لديك حب حياتك، ثم تجده قد رحل.

انحرف مسلسل لعبة العروش كثيراً عن الرواية الأصلية، وأنتم انشغلتم بقراءة صفحاتها التي تبلغ 4352 صفحة وربما أغضبكم الأمر.

ستواجهون من الصعوبات والشدائد ما هو أعمق بالتأكيد. هناك على سبيل المثال ضياع الفرص: الوظيفة التي لم تنجح بها، والمرض أو الحادثة التي تغير كل شئ لحظياً. هناك أيضاً فقدان الكرامة، وهي لدغة حادة تصيبك بكثير من الضرر عندما تحدث. هناك أيضاً فقدان الحب: تلك العلاقات التي تنكسر دون أن يكون هناك سبيل لإصلاحها. في بعض الأحيان يكون هناك فقدان الحياة ذاتها.

ربما يكون البعض منكم قد واجه بالفعل ذلك النوع من المآسي والصعوبات التي تترك علامة لا تمحى. العام الماضي، تحدثت راديكا -الفائزة بميدالية الجامعة- بشكل رائع عن فقدانها المفاجئ لوالدتها.

السؤال هنا ليس ما إذا كان بعضاً من تلك الأمور سيحدث لكم، بالتأكيد ستحدث. أنا أريد أن أتحدث اليوم عما سيحدث بعدها، عما يمكنكم أن تفعلوه للتغلب على الشدائد، لا تهم صورتها أو الوقت الذي تضربك فيه. سوف تمر الأيام السهلة من حياتك ببساطة، الحديث هنا عن الأيام الصعبة -تلك التي ستتحداك حتى الصميم- والتي ستحدد بالتأكيد من تكون.

لن يتحدد مصيرك فقط بما تحققه، بل أيضاً بالطريقة التي تنجو بها من هذه الشدائد.

بعد عدة أسابيع من وفاة ديف، كنت أتحدث مع صديقي فيل عن الأنشطة التي كان أن يفترض أن يقوم بها ديف في ذلك الوقت مع أطفاله، إلا أنه لم يعد موجوداً. توصلنا في النهاية إلى خطة لملئ فراغ ديف. لقد بكيت أمامه، وقلت "ولكنني أريد ديف"، وضع فيل ذراعه حولي وقال "الخيار أ لم يعد موجوداً، لذلك دعيناً نستفيد من الخيار ب قدر الإمكان".

نحن جميعاً عند نقطة ما نعيش بعضاً من الخيار ب، ولكن السؤال هو: ما الذي نفعله حينها؟

كممثلة لوادي السيليكون، يسرني أن أخبركم أن هناك ما يمكنكم التعلم منه. بعد قضاء عقود في دراسة الطرق التي يتعامل بها الناس مع الإنتكاسات، وجد الطبيب النفسي مارتين سليغمان أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية، وهي الطابع الشخصي، وامتداد وتغلغل الأمر، وديمومته، وهي العوامل الرئيسية لتحديد كيفية استعادة توازنك من جديد بعد الصعوبات. تُزرع بذور الصمود والقدرة على التكيف داخلنا من خلال الطريقة التي نعالج بها الأحداث السلبية في حياتنا ونتغلب بها على تلك العوامل الثلاث.

العامل الأول هو الشخصية، أن نعترف أننا في أزمة، وهذا الأمر يختلف عن تحمل المسئولية والذي يجب أن نقوم به دائماً. الدرس هنا هو أنه ليس كل ما يحدث في حياتنا يحدث بسببنا بالأساس.

عندما مات ديف، كان لدي رد الفعل التقليدي، وهو أنني بدأت في توجيه اللوم لنفسي. لقد توفي في غضون ثوان نتيجة لأزمة قلبية. بدأت أبحث في أوراق فحوصاته الطبية لأرى ما كان يمكنني -أو ما كان ينبغي علي- أن أفعله. لم أتقبل الأمر حتى تعلمت تلك العناصر الثلاثة، التي جعلتني أتقبل أنه لم يكن بإمكاني أن أمنع موته. ففي الوقت الذي لم يستطع فيه الأطباء تحديد وجود مشكلة في الشريان التاجي لديه، فكيف لي أن أعرف أنا وقد تخصصت في الاقتصاد من البداية؟

تشير الدراسات إلى أن إدراكك الشخصي يمكنه أن يجعلك شخصاً أقوى. الأساتذة الذين عرفوا أن بإمكانهم أن يطوروا من أساليبهم التي فشل الطلاب في فهمها استطاعوا رؤية الأجيال الجديدة أكثر تفوقاً وتميزاً. السباحون في الجامعة الذي أدوا بشكل أقل من المنتظر إلا أنهم كانوا يؤمنون أن بإمكانهم السباحة بشكل أسرع تمكنوا من فعل ذلك فيما بعد. إذا لم نأخذ الفشل بشكل شخصي فسنتمكن من التعافي، بل والازدهار أيضاً.

العامل الثاني هو تغلغل الحدث وامتداده، أي إيمانك بأن حدثا ما سيؤثر على كل مناحي حياتك. هل تعرفون تلك الأغنية التي تحمل إسم "كل شئ رائع – Everything is awesome"، الأمر عكسي هنا "كل شئ مروع". لا يوجد مكان يمكنك أن تختبئ فيه من تلك الأحزان التي تستهلكك.

شجعني طبيب نفسي متخصص للأطفال أن أعيد أطفالي من جديد إلى حياتهم التقليدية في أقرب فرصة ممكنة. لذلك، بعد عشرة أيام من وفاة ديف، عادوا مجدداً لمدرستهم، وعدت أنا لعملي. أتذكر أول اجتماع حضرته في فيسبوك بعد الوفاة حيث كان يكسوني الحزن والظلام العميق بداخلي. كل ما كنت أفكر فيه هو "ما الذي يتحدث عنه الجميع وكيف يمكن أن يكون ذلك؟" بعد ذلك دخلت في المناقشات، ولوهلة -جزء من الثانية- نسيت أمر وفاة ديف.
هذا الجزء من الثانية ساعدني أن أرى أن هناك أشياء أخرى في حياتي ليست مروعة. أنا وأطفالي على ما يرام، أصدقائي وعائلتي كانوا موجودين وأحبونا وتحملونا طوال الوقت.

خسارة شريكك أيضاً دائما ما تحمل عواقب مالية سلبية، وخاصة بالنسبة للنساء. الكثير من الأمهات في هذه الحالة -والآباء في حال موت الزوجة- يعانون للوفاء بالتزاماتهم، أو ليحصلوا على وظائف لا تعطيهم ما يحتاجوه من وقت للعناية بأطفالهم. كنت آمنة مالياً، وكان لدي القدرة على أخذ الوقت الذي احتجته، كما كان لدي الوظيفة التي أؤمن بها، إذ بالفعل يمكنني قضاء اليوم بأكمله في فيسبوك. تدريجياً، تمكن أطفالي من النوم في الليل، والبقاء بدرجة أقل، مع المزيد من اللعب.

العامل الثالث هو الديمومة، أن تعتقد أن هذا الحزن سيستمر للأبد. على مدار أشهر، لا يهم ما فعلته خلالها، إلا أنني شعرت بأن هذا الحزن الساحق سيستمر للأبد.

غالباً ما نظن أننا لن نتمكن من تغيير الشعور الحالي إلى أجل غير مسمى، ونمر بما أعتقد أنه بمثابة الإشتقاق الثاني لهذه الأحاسيس. نحن نشعر بالقلق في البداية، ثم بعد ذلك نشعر بالقلق من كوننا قلقون. نحن نشعر بالحزن، ثم بعد ذلك نشعر بالحزن نتيجة لشعورنا بالحزن من الأساس. بدلاً من ذلك، علينا أن نتقبل مشاعرنا، ولكن أن ندرك أنها لن تستمر للأبد. لقد أخبرني حاخام أنني سأبرء من ذلك الشعور مع الوقت، ولكن في وقتنا هذا علي أن أنحني وأن اتقبل ذلك الشعور. كانت نصيحة جيدة، ولكني لا أقصد أن "تنحني" بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

بالتأكيد لا أحد منكم ينتظر أن أشرح العامل الرابع، والذي هو البيتزا بالطبع.

ما أريد قوله أنني كنت أتمنى أن أعرف هذه العوامل الثلاثة عندما كنت في مثل سنكم، كانت لتساعدني في الكثير من المرات.

في أول أيام عملي بعد تخرجي من الجامعة، أدرك مديري أنه ليس بإمكاني أن أدخل البيانات على برنامج Lotus 1-2-3، كان برنامجاً لجداول البيانات، يمكنكم أن تسألوا والديكم عنه. كان مذهولاً حينها وقال "أنا لا أصدق أنك حصلتي على هذه الوظيفة دون أن تعرفي ذلك" ثم خرج من الغرفة. ذهبت إلى المنزل مع قناعة تماماً بأنني سأطرد من العمل. ظننت أنني سيئة في كل شيء، ولكن الحقيقة هي أنني كنت سيئة في جداول البيانات فقط! لو كنت أدرك في ذلك الوقت عنصر التغلغل والانتشار الذي تحدثت عنه لوفرت الكثير من القلق الذي تعرضت له في ذلك الأسبوع.
تمنيت لو أني عرفت بعنصر الديمومة عندما انفصلت عن خليلي، كنت لأصبح أكثر راحة لو عرفت بأن ذلك الشعور لن يستمر للأبد، وأني إن كنت صادقة مع نفسي، لما دخلت في أي من تلك العلاقات.

تمنيت أيضاً لو أدركت عامل الشخصية عندما انفصلت عمن ارتبطت بهم في السابق. في بعض الأحيان لا تكون أنت المشكلة، بل هم. أعني أن أحدهم لم يكن يغتسل أبداً.
حاصرتني تلك العوامل الثلاثة عندما كنت في العشرينات من عمري، عندما انتهى زواجي الأول بالطلاق. ظننت في ذلك الوقت أنه بغض النظر عما أنجزته، فقد حققت فشلاً ذريعاً.
تلك العناصر الثلاثة هي ردود أفعال عاطفية شائعة في مواجهة الكثير من الأشياء التي تحدث لنا، في عملنا، وحياتنا الشخصية، وعلاقاتنا. من المرجح أنك تشعر بأحدها في الوقت الحالي بشأن شيء ما في حياتك، ولكنك إن أدركت أن كل منها هو مجرد فخ، فبإمكانك أن تنقذ نفسك. تماماً كما تمتلك أجسادنا جهازاً للمناعة، لدى عقولنا أيضاً جهاز مناعة نفسي، وهنا خطوات محددة عليك اتخاذها ليعمل هذا الجهاز.

يوما ما، اقترح علي صديقي آدم جرانت -وهو طبيب نفسي- أن أفكر في مدى السوء الذي كان من الممكن أن تصل إليه الأمور. كانت النتيجة غير متوقعة على الإطلاق، لقد كان الأمر طريقة للتعافي ولإيجاد المزيد من الأفكار الإيجابية. عندما أخبرني بالأمر قلت له "أفكر بالأسوأ؟ هل تمازحني؟ كيف يمكن أن تكون الأمور أسوأ من هذا؟" جاءت إجابته مفاجئة بالنسبة لي " كان من الممكن أن يصاب ديف بالأزمة القلبية بينما يقود السيارة وبها أطفالك". شعرت في تلك اللحظة التي قال فيها ذلك بالامتنان الشديد لأن بقية أسرتي على قيد الحياة وبأفضل حال. هذا الامتنان استطاع قتل بعض الحزن.

العثور على ما نشعر بالعرفان من أجله هو مفتاح الصمود، كما أن أولئك الذين يقضون بعضاً من الوقت لعد تلك الأشياء التي يشعرون بالإمتنان لأجلها هم أكثر سعادة وصحة، فالأمر هنا هو أنك عندما تقوم بعد النعم التي لديك فإنها تزداد بالفعل. لذلك، كان قراري في بداية هذا العام أن أكتب ثلاثة لحظات من السعادة قبل أن أذهب للنوم في كل ليلة، وهي طريقة بسيطة إلا أنها غيرت حياتي، لأنه بغض النظر عما يحدث في كل يوم، أنا أذهب للنوم بينما أفكر في شيء يسعدني، جربوا هذا الأمر. ابدأوا بذلك الليلة حيث سيكون لديكم الكثير من اللحظات السعيدة التي يمكن أن تضعوها في قائمتكم، افعلوا ذلك في هذا الوقت بينما مازال يمكنك تذكر تلك اللحظات.
الشهر الماضي، قبل 11 يوماً من الذكرى السنوية لوفاة ديف، انهرت باكيةً أمام إحدى صديقاتي. كنا نجلس على الأرض حينما قلت لها "11 يوماً، منذ عام مضى، في مثل هذا الوقت، لم يكن متبقياً من حياته سوى 11 يوماً، ولم نكن نعرف شيئاً عن الأمر". نظرنا إلى بعضنا البعض والدموع في أعيننا، وتساءلت كيف كنت لأعيش إذا علمت أن كل ما تبقى هو 11 يوماً فقط.
مع تخرجكم، هل بإمكانكم أن تطلبوا من أنفسكم أن تعيشوا كما لو تبقى 11 يوماً فقط؟ أنا لا أعني أن تقوموا بقضاء ذلك الوقت في الاحتفال فقط، على الرغم من أن اليوم هي ليلة استثنائية. ما أعنيه هنا هو أن تدركوا مدى قيمة كل يوم من حياتكم، وكيف أن كل يوم هو شئ ثمين للغاية.
منذ بضعة سنوات، كان يجب أن تجري والدتي عملية جراحية لاستبدال مفصل الورك. عندما كانت صغيرة، كانت دائماً ما تشعر بالألم عندما تسير، ولكن بمرور الوقت، أصبحت كل خطوة أكثر ألماً. والآن، بعد سنوات من إجراء العملية، تشعر بالامتنان لكل خطوة تمشيها بلا ألم، وهو شعور لم تكن تشعر به من قبل.
بينما أقف هنا اليوم، بعد مرور عام على أسوأ يوم في حياتي، هناك شيئان حقيقيان. لدي مخزون هائل من الحزن يتواجد بداخلي دائماً، يمكنني أن أشعر به. لم أكن أعرف على الإطلاق أنه من الممكن أن أبكي بكثرة أو بشكل دائم هكذا.
ولكنني أيضاً أدرك أنني أسير بلا ألم. ولأول مرة أشعر بالامتنان لكل نفس أتنفسه، أشعر بالامتنان على نعمة الحياة ذاتها. اعتدت أن احتفل بعيد ميلادي كل خمسة سنوات وأن احتفل بأعياد ميلاد الأصدقاء في بعض الأحيان، إلا أنني أحتفل دائماً الآن. كنت سابقاً أذهب للنوم بينما أشعر بالقلق حيال ما أفسدته في ذلك اليوم، وصدقوني كان هناك الكثير مما أفسده لأفكر فيه، إلا أنني الآن أحاول بجدية أن أركز على لحظات السعادة في كل يوم.
من أعظم المفارقات في حياتي هي أن فقدان زوجي قد ساعدني في العثور على ذلك الشعور بالامتنان العميق، الامتنان لطيبة أصدقائي، ولحب عائلتي، ولضحكات أطفالي. ما أتمناه لكم هو أن تجدوا ذلك الامتنان، ليس فقط في الأيام السعيدة مثل اليوم، ولكن في الأيام الصعبة كذلك، حيث ستحتاجونه بشدة.

هناك الكثير من لحظات السعادة التي تنتظركم، تلك الرحلة التي تمنيتم دائماً خوضها، اليوم الذي تحصلون فيه على الوظيفة التي تؤمنون بها بقوة، أن تتفوقوا على خريجي ستانفورد، كل ذلك سيحدث معكم، استمتعوا بكل لحظة منها عندما تأتي.

أتمنى أن تعيشوا حياتكم بسعادة، وأن تقدروا كل يوم فيها، وأن تكون حياة ذات معنى. أتمنى أن تسيروا بلا ألم وأن تشعروا بالامتنان في كل خطوة. وعندما تأتي التحديات، أتمنى أن تتذكروا أن بداخلكم القدرة على التعلم والنمو، نحن لم نولد بدرجة معينة من الصمود والمواجهة، الأمر تماماً مثل العضلات، يمكنك أن تقوم ببناءه، وأن تستخدمه في الوقت الذي تحتاج إليه. في تلك العملية ستكتشف حقيقة من تكون، وربما تصبح النسخة الأفضل من نفسك.
خريجو هذا العام 2016، مع مغادرتكم لبيركلي، قوموا ببناء قدرتكم عل الصمود والمواجهة، وعندما تواجهكم مأساة أو خيبة أمل ما، فاعلموا أن لديكم القدرة على تجاوز أي شيء، أعدكم أن لديكم ذلك. ربما يظن البعض أننا أضعف مما نظن، إلا أن الحقيقة هي أننا أقوى مما نتخيل.

قوموا ببناء مؤسسات لديها هذه القدرة أيضاً. إذا كان أحد ما قد استطاع فعل شيء ما، فبإمكانك فعل الأمر نفسه. بيركلي هنا مليئة بالأشخاص الذين يريدون أن يجعلوا من العالم مكاناً أفضل، فلا تتوقفوا عن فعل ذلك أينما كنتم. تحدثوا دائماً، وخاصة في أماكن كهذه، الأماكن التي تكنون لها الكثير من الحب. ملصقي المفضل في مكان عملي يقول "لا يوجد شئ داخل فيسبوك ليس من شأنك العمل فيه". عندما ترى شيئاً مكسوراً، فقم بإصلاحه.
قوموا ببناء مجتمعات على هذا النحو أيضاً. نحن نجد أن انسانيتنا -رغبتنا في العيش أو مقدرتنا على الحب- هي في تواصلنا مع الآخرين وارتباطنا معهم. كونوا بجانب عائلتكم وأصدقائكم، أعني القرب بشكل واقعي، وليس من خلال رسالة إلكترونية.

قوموا بمساعدة بعضكم البعض، وحاولوا الإستفادة دائماً من الخطة ب، واحتفلوا بكل لحظة سعادة في حياتكم. لديكم عالم كامل أمامكم، ولا أطيق الإنتظار لأرى ما ستفعلونه في هذا العالم.
تهانينا لكم!

*ملحوظة: التدوينة هي نص مكتوب لكلمة شيريل ساندبيرغ- مديرة تنفيذية في فيسبوك في حفل تخرج جامعة بيركلي لعام 2016


– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأمريكية لـ "هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد