قبل أسبوعين من دخول لبنان عامه الثاني بدون رئيس، وفيما باتَ قصر بعبدا أشبه بمنزلٍ كبير مهجور، تربّع اللبناني ميشال تامر على رأس خامس أكبر دولة مساحةً وعدداً للسكان وأصبح رئيساً للبرازيل بالوكالة بعدما كان نائب الرئيسة المقالة ديلما روسيف.
تامر سيحكم 180 يوماً؟!
سفير لبنان في البرازيل يوسف صيّاح وهو صديق مقرّب للرئيس اللبناني البالغ من العمر 75 عاماً والمتحدّر من قرية في شمال لبنان، تحدّث لـ"عربي بوست" عن الإجراءات الدستورية التي حصلت حتّى استلم تامر الرئاسة بالوكالة.
ولفت إلى أنّ مجلس الشيوخ صوّت بأغلبية الثلثين لإقصاء روسيف عن السلطة ومحاسبتها، موضحاً أنّه بعد هذا الإجراء أصبح تامر رئيساً.
لكن ما لا يعرفه اللبنانيون هو أنّه مبدئياً سيحكم تامر لمدة 180 يوماً، وهي المهلة القانونية التي تعطى عادةً لمجلس الشيوخ لمحاسبة الرئيس، وخلال هذه المدّة إذا جاءت نتيجة التحقيقات أنّ روسيف بريئة فسوف تعود لممارسة عملها بشكلٍ طبيعي، أما إذا كانت مذنبة فلن تتولّى منصبها مجدداً. وأوضح أنّ مجلس الشيوخ سيعقد جلسةً جديدة للتصويت، وبناءً عليه يتم تحديد مصير روسيف.
وتابع صيّاح "هذا، قانونياً ودستورياً، لكن القرار السياسي واضح بأنّ تامر سيبقى رئيساً بعد انقضاء الـ180 يوماً، وسيكون رئيساً للبرازيل حتى عام 2018، وبعد سنتين يحق له أن يترشّح لولاية جديدة".
تامر يعيّن وزيراً لبنانياً
وفجّر السفير مفاجأة وهي أنّ تامر الذي شكّل حكومة جديدة الخميس 12 مايو/ أيار، سلّم حقيبة الاتصالات للبناني جيلبيرتو كسّاب "رئيس بلديّة ساو باولو سابقاً، مهندس واقتصادي"، والذي يعد ثاني رجل لبناني – برازيلي بعد تامر، كما يتفاوض مع لبناني آخر للدخول إلى الحكومة.
وكشف السفير أنّه التقى الرئيس اللبناني مؤخراً وبدا مرتاحاً، لافتاً إلى أنّ الخطوة الأولى التي سيعمل عليها هذا الرئيس هي إعادة ثقة المجتمع الدولي بالبرازيل. وتوقّع أن تتحسّن شؤون البلاد في عهده لا سيما الاقتصادية، وذلك بعد أن تراجع تصنيف البرازيل من مؤشّر "ستاندرد آند بورز".
ولفت إلى أنّ تامر وبالرغم من أنّه وُلدَ في البرازيل إلا أنّه متعاطف مع لبنان واللبنانيين. وأعرب السفير عن الفخر باللبنانيين في البرازيل الذين تجاوز عددهم الـ12 مليون نسمة والمعروفين بإنجازاتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية.
صديقان لتامر في لبنان
من جهته، كشف اللبناني البرازيلي أحمد ناصر، من بلدة قليا البقاعية وهو قنصل فخري للجمهورية الإيطالية في السوق الحرة بمدينة سيوداد دلستي ومناطق أخرى في البارغواي، عن صداقة عمرها 25 عاماً مع تامر.
وقال في حديث لـ"عربي بوست" لقد "زرت تامر منذ أسبوعين في منزله، وهو أستاذ في الحقوق وشغل منصب رئيس مجلس النواب مرّتين وانتخب نائباً 4 مرات".
وأضاف: "يعلم تامر كيف يحبك الأمور السياسية، كما أن علاقته باللبنانيين لا سيما الفاعلين بالدولة جيدة". ولفت إلى أنّ لتامر صديقين في لبنان هما البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير ورئيس مجلس النواب نبيه بري، "فعندما زار بري البرازيل عام 1998 كان تامر حينها رئيس البرلمان البرازيلي وأسسا معاً لجنة العلاقات البرلمانية اللبنانية البرازيلية، وفي زيارتين قام بهما تامر إلى لبنان قضى معظم وقته مع بري".
ولفت إلى أنّ ديلما ارتكبت أخطاء إدارية وضغط الشارع بعد الأزمة الاقتصادية هو ما أطاح بها، موضحاً أنّ الدول الـ١١ المحيطة بالبرازيل تأثرت بالحالة الاقتصادية السيئة التي لم تشهدها البلاد منذ 34 عاماً، فالنواة هي البرازيل وإذا كان هذا البلد بخير تكون تلك الدول كذلك وبالعكس، ومع مجلس الشيوخ كانت علاقة روسيف "إدارية أكثر من سياسية".
ولفت إلى أنّ حزب الحركة الديموقراطية الذي يرأسه تامر كان متحالفاً مع روسيف إلا أنّه فكّ ارتباطه به منذ شهرين. وإذا توقّع أن تتغيّر الكثير من الأمور في عهد تامر، قال إنّ حزب روسيف كان يقدم الرعاية الاجتماعية ويضخ المساعدات للشعب، وكان ضد الاقتصاد المفتوح، والرأسماليين، لكن الوضع تغيّر الآن، وقد اختار تامر وزيراً للاقتصاد كان رئيس مصرف معروف ويحظى بثقة عالمية.
ماذا عن الجالية اللبنانية؟
يعاني اللبنانيون في البرازيل منذ مدّة من الركود الاقتصادي الذي تسببت به روسيف وحزبها، إلا أنّهم بدأوا يستعيدون الأمل بتحسّن أوضاعهم بعد إقالة روسيف، حيث أنّ قيمة العملة تحسّنت فور إعلان إقصائها عن السلطة، ويتوقّعون بحسب ما صرّح بعضهم لـ"عربي بوست" أن يضخّ الرأسماليون المال في السوق البرازيلية.
لكن على صعيد السياسة، يشير بعض اللبنانيين إلى تعاطفهم مع روسيف التي تضامنت مع القضية الفلسطينية وافتتحت سفارة لبلادها في فلسطين، على عكس تامر المتشدّد للبنانيته، لا لعربيته، ويميل إلى اليمين.