أحتاج “رجلاً” وليس مجرد “ذكر”..!

عزيزي الرجل، المرأة لم تكتشفك بعد، ليس لأنك أذكى منها، ولكن لأنها أصدق منك، وخاصة بمشاعرها، فالمرأة عادة لا تستطيع أن تتظاهر بحب رجل لم تحبه، ولذلك تعتقد أنك أيضاً صادق بكلامك عن مشاعرك، وبالطبع ستصدقك إن صارحتها بحبك

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/02 الساعة 05:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/02 الساعة 05:42 بتوقيت غرينتش

أيها الشباب العربي، قد سئمنا تصرفاتكم الصبيانية، التي تعتقدون بها أنكم قد أثبتم رجولتكم؛ لكنكم قد فهمتم معنى الرجولة بشكل خاطئ، فدعوني أعلمكم الفروق بين الرجولة الحقيقية وما تتباهون به من تصرفات حمقاء.

المرأة العربية قد تحملتكم على مدى العصور، وتحملت فكركم الرجعي والقبلي، لكن الآن قد آن الأوان أن ترتقوا بفكركم؛ لأننا سئمنا السكوت على أخطائكم تجاهنا، متمنيين أنكم ستصحون من سباتكم الفكري بأنفسكم.

يظن البعض منكم أنه يثبت رجولته بالصوت المرتفع، ولكن الحمير أيضاً صوتها عالٍ، و"إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ"، فارحمونا من أصواتكم المرتفعة التي لن تجدي نفعاً لإقناعنا بأفكاركم، وعلى العكس تماماً تثبت لنا مدى ضعفكم وعدم قدرتكم على النقاش بطريقة حضارية.

وتذكر أخي "الرجل" كلما رفعت صوتك محاولًا جلب الاحترام سيقل احترامنا لك تدريجياً، فالطفل يصيح عندما يريد أن يثبت نفسه، ولكن لأنه جاهل وليس لديه أي وسيلة أخرى؛ ليوصل رسالته.

هناك رجال يظنون أن رجولتهم تزداد كلما أقنع امرأة بأنه يحبها ولا يحب غيرها، هذا وقد قال ذات الكلام لعشرة إن لم يكن عشرين غيرها، ويتباهى أمام أصحابه بأنه ذكي، وأن من يكلمهنّ لن يعرفن بأنه قد تحايل عليهنّ؛ لأنهن حمقاوات ويصدقنّ كل ما يقال لهنّ.

عزيزي الرجل، المرأة لم تكتشفك بعد، ليس لأنك أذكى منها، ولكن لأنها أصدق منك، وخاصة بمشاعرها، فالمرأة عادة لا تستطيع أن تتظاهر بحب رجل لم تحبه، ولذلك تعتقد أنك أيضاً صادق بكلامك عن مشاعرك، وبالطبع ستصدقك إن صارحتها بحبك، لكن لا تعتقد أنك أذكى منها، فالمرأة بإمكانها أن ترى الفرق بين كلامك وأفعالك، فإن لم تكن مهتماً بها بصدق فستشعر بذلك.

وأيضاً هناك رجال يحاولون أن يشعروا برجولتهم من خلال إقناع أنفسهم أولاً بأن المرأة غير جديرة بأن تتخذ القرارات وحدها، سواء أكانت قرارات حاسمة، أو قرارات بسيطة تتخذ يومياً، ومن بعدها يحاول إقناع المرأة بذلك؛ لتعتمد عليه بأي قرار تريد أن تتخذه.

وبذلك يضمن الرجل بأن كل قرارت المرأة تحت حزامه هو، فلن تتخذ أي قرار لا يوافق عليه، وبذلك تصبح المرأة تنطق قراراً جاء منه بدلاً من أن يأتي منها، فيصبح هو صاحب جميع القرارات، وبذلك يشعر بسيطرته النابليونية، ويعتقد أنه حقاً رجل، ولكن لا يفعل هذا إلَّا الرجل الذي يشعر بأن رجولته مهددة، وذلك لإحساسه بالنقص، خاصة إذا كان هناك أمور يريد أن يسيطر عليها بحياته، ولكنه لم ينجح بذلك، فيحاول أن يسيطر على قرارات غيره لإشباع حبه للسيطرة التي يظنها صفة من صفات الرجولة.

وأخيراً وليس آخراً، هناك الذكر الذي يصدق مقولة "ظل رجل ولا ظل حيط"، وتجده فعلاً حائطاً بالمنزل لا نفع منه، فحتى الحائط يفيد بغرض، فممكن أن يشبه بظل الحائط وليس أكثر.

يريد أن يشعر بالرجولة وهو واضع أقدامه على الطاولة، ويقلب محطات التلفاز من بعد عمله، بينما زوجته التي عادت من عملها وقد ذهبت لتدفع فواتير البيت، ومن ثم جلب شيء لتطبخه، ومن بعدها ذهبت للمدرسة لإحضار أطفالهما، وتجدها تحضر الطعام وتسمع لأطفالها يتحدثون عن يومهم في المدرسة بعد أن حاولوا أن يتحدثوا مع أبيهم الجالس أمام التلفاز وصدَّهم بقوله: "روحوا عند أمكم"، ومعه حق؛ لأنهم قد اعتقدوا أنه والدهم، وقد نسوا للحظة أنه مجرد ظل حائط.

ويعتقد بذلك التصرف أنه رجل المنزل، وهو لم يرفع أصبعاً واحداً في المنزل لينال ذلك اللقب، وهو من الرجال الذين يرددون دائماً الآية الكريمة: "الرجال قوامون على النساء".. ويظن ذلك تبريراً كافياً لكسله في المنزل، وإن كان قد فهم المعنى الحقيقي لهذه الآية فلن يسمح لزوجته بأن تقوم بأعمال المنزل وحدها.

ولذلك تجده يستخدم الآيات القرآنية ويحللها لمصلحته، وليقنع زوجته بأنه لا يعرف كيف يعمل شيئاً في المنزل، وأنه سيحدث فوضى حتى وإن حاول يقول لها: "وليس الذكر كالأنثى".

هنيئاً لك أيها الرجل إن استطعت أن تقنع المرأة بذلك، وتقنعها بأن كسلك جزء من الرجولة، فأنت بعيد كل البعد عن معنى الرجولة، ولا أتكلم من منظور ليبرالي يقاتل من أجل التساوي بين الرجل والمرأة، بل أتكلم من منظور إسلامي حين كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يعجن في منزله… فلماذا لا نرى الرجال يتبعون هذه الجزئيات من السنة؟ ويتبعون المقولة الجديدة هي: "ظل حيط ولا ظل شبه الرجل".

أيها الذكر، لم تلدك أمك رجلاً، ولن تنال اللقب بعد أن تبدأ بالتدخين، ولا بعد أن يصبح لك لحية وشارب تحلقهما، ولا بعد أن تتعلم السياقة، ويصبح لديك سيارة، ولا حتى بعد أن تصبح مستقلاً مادياً وتشغل منصباً مهماً، ولا حتى بعد الزواج وفتح منزل، ولا بعد ما تصبح أباً… لا لن تنال لقب الرجل إلَّا إذا كنت حقاً رجلاً وليس بمفهومها الخاطئ الذي تربينا عليه… لكن أن تكون رجلاً بمعناه الحقيقي.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد