اعتاد سكان وسط القاهرة على استخدام طرقٍ فرعية وأخرى بديلة للابتعاد عن مبنى وزارة الداخلية الشهير بميدان "لاظوغلي" بوسط القاهرة، بعدما أصبح محاطاً بالأسوار والحوائط الصخرية من كل جانب بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وقيام نشطاء بحصاره ومحاولة اقتحامه.
ولكن سكان المنطقة يستعدون الآن لأن يتنفسوا الصعداء، بعد افتتاح المبنى الجديد للوزارة في "التجمع الخامس" على أطراف القاهرة.
أما المبنى القديم للوزارة فسيتم تحويله إلى متحف للشرطة، ومن ثم إزالة الحواجز الحديدية والخرسانية من حوله، ما يؤدي إلى تحقق السيولة المرورية بوسط القاهرة.
المبنى الجديد بأسواره الخرسانية التي ترتفع لنحو 7 أمتار بسُمك نصف متر لتتحمل أي تفجيرات محتملة -وهو تخوف وارد منذ تفجير مبنى مديريتي أمن القاهرة والزقازيق من قبل- ويبلغ حجم الخرسانات 130 ألف متر مكعب، بتكلفة 20 مليون دولار (أي حوالي 200 مليون جنيه).
التكلفة المرتفعة التي اشتكى منها أيضاً الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال افتتاح المبنى، أثارت جدلاً على الشبكات الاجتماعية، إذ تمت المقارنة بينها وبين محاولات مستشفيات ومدارس الحصول على تبرعات تكفي لتحسين الخدمات فيها بشكل كبير.
صراحه مبني وزاره الداخلية الجديد ابداع من الهيئه الهندسية
امال ليه المستشفيات عماله تشحت و تطلب تبرعات لبنائها
احنا بنستفسر بس— زكريا التونسي (@eltonsi) April 28, 2016
مبنى الداخليه
تكلفه السجون ومبنى وزراه الداخليه الجديد وتأمينه كا ن يبنى مصانع تشغل العاطلين ويستتب الامن— بلأمل مســــــتنى (@mo44_cam) April 28, 2016
الوزارة التي سترحل بعيداً عن وسط القاهرة، بعد 159 سنة، ستتخلص من اسم وسمعة "لاظوغلي باشا"، نسبة إلى الميدان الذي كان يسمى باسمه، ولتبتعد أيضاً عن ميدان التحرير، حيث كانت الوزارة هدفاً للمظاهرات التي شهدتها مصر وانطلقت من ميدان التحرير دائماً.
تاريخ "الداخلية" من ديوان لنظارة لوزارة
ظهرت وزارة الداخلية المصرية لأول مرة في عام 1805 عندما أنشأ محمد علي باشا ديواناً باسم "ديوان الوالي" لضبط الأمن في القاهرة. وفي 25 فبراير 1857 سميت "نظارة الداخلية" بأمر محمد سعيد باشا بإنشاء المبنى في منطقة لاظوغلي.
ثم تحوّلت إلى "وزارة" وكان أول وزير داخلية مصري هو "تحسين باشا رشدي". وقد تم تجديد المبنى وإعادة افتتاحه عام 1971 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.
وارتبطت سمعة الوزارة طويلاً باسم "محمد لاظوغلي باشا"، حيث يقع مقرها القديم، وهو وزير المالية ووزير الجيش في عهد محمد علي باشا الكبير، والذي شغل منصب رئيس وزراء مصر أيضاً عام 1808 وظل في منصبه هذا 15 عاماً، وتنسب له مذبحة القلعة ضد المماليك.
وشهد المبنى القديم أحداثاً جسيمة مثل اشتباكات محمد محمود الأولى والثانية، وتظاهرات "أولتراس أهلاوي" عقب أحداث استاد بورسعيد، بسبب تواجده بوسط القاهرة مما جعل وزير الداخلية ومسئولي الوزارة هدفاً سهلاً لعدد من التفجيرات ومحاولات اغتيال، أشهرها محاولة اغتيال حسن أبو باشا وزير الداخلية الذي تولّى المنصب بعد اغتيال الرئيس السادات في عام 1981.
قصة المبنى الجديد
بدأت فكرة نقل المبنى منذ 4 سنوات عقب ثورة 25 يناير وتهديد الشباب المتظاهرين المتكرر باقتحام وحصار الوزارة والاشتباك المستمر مع الشرطة الذي قتل فيه العشرات.
تمت الموافقة على الفكرة في عهد أول وزير داخلية بعد الثورة، وهو اللواء منصور العيسوي، وبدأ التنفيذ في عهد الوزير الحالي اللواء مجدي عبدالغفار، وقامت بتشييد المبنى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
وتتولى 4 شركات عملية التنفيذ، وهي: "المقاولون العرب"، و"أوراسكوم"، و"العالمية للإنشاءات والاستثمارات العقارية"، و"غويبة للإنشاءات".
وجاء تصميم المبنى الجديد لوزارة الداخلية على هيئة "شعار الشرطة"، ويضم مكتباً للوزير، ومكاتب لمعاونيه، وإدارة للإعلام، وقطاع شئون الضباط وحقوق الإنسان.
20 مليون دولار
لم يعلن رسمياً عن كلفة تشييد المبنى الجديد للداخلية، لكن مصادر أمنية ذكرت أن كلفته تجاوزت 200 مليون جنيه، في حين توقعت تقديرات أخرى ارتفاع التكلفة عن ذلك، بما يصل إلى 350 مليون جنيه، مشيرة لأن تكلفة ترميم مبنى مديرية أمن القاهرة الذي تعرض للتفجير وصلت حوالي 100 مليون جنيه، بحسب المهندس محسن صلاح، رئيس شركة المقاولون العرب.
اذا كان تكلفة ترميم مبنى مديرية امن القاهرة وصلت قرابة ١٠٠مليون
فكم هى تكلفة انشاء مقر وزارة الداخلية الجديد ؟
وقالك#مصر_تتقشف— نفسي أحسك وطن مش كفن (@A_lulu_Alhakaim) April 27, 2016
. صبحت علي مصر النهاردة ؟؟ علشان تدفع تكاليف مبني الداخلية الجديد اللي اتكلف 200 مليون جنيه .
– نقيب داخلية يقتل سائق ميكروباص في الالف مسكن— مصر مخطوفة (@egypt_rev011) April 28, 2016
السيسي يعترض على الحراسة
واعترض السيسي، خلال افتتاحه المقر، على بند يتعلق بتكلفة حراسة ألف جندي للمبنى الجديد برغم أسواره الخرسانية وتجهيزه بكاميرات وتكنولوجيا حماية عالية، معتبراً أن تأمين المقر بهذه الصورة يعد تكلفة مالية هائلة.
وقال: "إحنا جينا هنا للاستفادة من الأكاديمية والمكان والتأمين والأسوار.. ولا أتكلف مقابل الاستعانة بألف مجند، حتى لو كان مرحلياً؟!"، وأضاف مستنكراً: "أوقف بني آدمين على مدار 24 ساعة للتأمين.. ده كلام قديم يكلفنا ملايين الجنيهات في السنة بأكله ولبسه وعلاجه".
ووجه الرئيس السؤال لرئيس الوزراء ووزير الداخلية، حول تكلفة ألف مجند، لكن لم يجد رداً، وهو ما دفعه لتقدير التكلفة بنحو 12 مليون جنيه في السنة، أي قرابة 1.2 مليون جنيه للحراسة فقط.