رغم عشق الجزائريين لكرة القدم، تعاني بلادهم نقصاً كبيراً في المنشآت الرياضية خاصة على مستوى الولايات والمناطق الإدارية المنعزلة والنائية مما حرم كرة القدم الجزائرية من الكثير من المواهب.
محاربو الصحراء لم يشفعوا لهم
ازداد تعلق الجماهير الجزائرية بكرة القدم بعد النتائج الإيجابية التي بات يحققها منتخبهم الأول، أو كما يحلو للبعض تسميته بمحاربي الصحراء، أو "الأفناك" (الثعالب) الخضر.
ويشير تقرير الفيفا لشهر أبريل/نيسان 2016 إلى احتلال المنتخب الجزائري الصف 33،بعدما كان الشهر السابق في المرتبة 37 عالمياً، وبالتالي فالفريق يحافظ على كونه الأحسن عربياً وإفريقياً، خاصة في أعقاب تأهله إلى نهائيات كأس العالم في موسمين متتاليين.
هذا الترتيب لم يشفع لمناصري ومحبي كرة القدم بأن تلتفت إليهم الدولة الجزائرية في تشييد منشآت لكرة القدم تروي ظمأهم،كما قال مصطفى رشيدي أستاذ رياضة بثانوية (إعدادية) بمنطقة خليل ببرج بوعريريج شرق العاصمة.
رحلة الحلم… حقول بساتين وحتى طرقات
شمس الدين رحال 17 عاماً من منطقة عين الروى شرق العاصمة الجزائر، يختم كل مساء بعد نهاية دوام الدراسة بالذهاب رفقة زملائه إلى أحد الأماكن الزراعية لممارسة رياضتهم المفضلة كرة القدم.
ويقول شمس الدين لـ"عربي بوست" إنه "لا حل لنا سوى هذا المكان، فالبلدية التي نقطن بها "عين الروى" لا تملك ملعباً يجعلنا نمارس كرة القدم، أما المساحات المتواجدة داخل المؤسسات التربوية فهي ترابية أو مغطاة بالحصى ولا تصلح لكرة القدم، كما أنها تصير محظورة بعد نهاية الدوام".
زميل شمس الدين دوخي علاء 13 عاماً يشير إلى أن اغلب أوقاتهم الرياضية تكون فوق مروج، أو مساحات زراعية، وكثيراً ما يقع عراك بين اللاعبين ومالكي تلك الأراضي، خاصة إذا أقيمت مباريات كرة القدم على المزروعات.
والأخطر من ذلك يقول علاء: "في الحي الذي أسكن به، نرغم على اللعب بالطريق المحاذي لطريق السيارات، وهو ما يعرض أغلبنا إلى أخطار حوادث السير"
حتى الموجود… شاحب
بالرغم من وجود بعض الملاعب المخصصة لكرة القدم في كثير من المناطق، بمختلف جهات البلاد إلا أنها تبقى هياكل بوجه شاحب جداً ووجودها كعدمها تماماً.
ففي منطقة بوعنداس التابعة للقبائل الصغرى شرق العاصمة، يوجد ملعب واحد يقصده شباب أربع مقاطعات كاملة.
ويقول جمال بن خلوف 37 عاماً لـ"عربي بوست" إن "الملعب عبارة عن مساحة ترابية مفروشة بالحصى الرملي، وكثيراً ما تكون سبباً في إصابة اللاعبين بجروح وكسور متفاوتة الخطورة".
الملعب حسب بن خلوف يخدم أكثر من 32 ألف نسمة، وهي الكثافة السكانية للمقاطعات الأربع.
التناقض
الرابطة الوطنية لكرة القدم مع بداية الموسم الكروي الجاري 2015/2016 ، طلبت من جميع الهيئات الكروية، أن تفرض على الفرق الكروية في المنافسات الرسمية اللعب فوق أرضياتٍ عشبية.
وبحسب هذه المراسلات فإنه: "يمنع منعاً باتاً على الفرق اللعب فوق أرضيات ترابية أو مغطاة بالحصى الرملية، ويجب اللعب كما جاء على أرض عشبية سواء كانت طبيعية أو اصطناعية".(النجيلة الصناعية)
ويرى كمال بلهوشات مدرب فريق بني فودة في تصريح لـ"عربي بوست، أن هذه المعلومة تتناقض وما هو موجود على أرض الواقع، فأغلب الملاعب كما قال "هي عبارة عن أتربة وحصى، بما فيها الملعب الذي تم من خلاله تحقيق الصعود لفريقه".
ويطالب بلهوشات السلطات بتوفير شروط اللعب في مختلف المستويات، لاسيما الفرق الهاوية، كالتركيز في تشييد ملاعب بمواصفات مقبولة بدل الاعتماد على المساحات الخضراء،أو بعض البساتين لإجراء التمرينات.
سبب العجز
محمود قندوز اللاعب الدولي الجزائري، يوضح لـ"عربي بوست"، أن انعدام مثل هذه الهياكل الرياضية، كان سبباً في عجز الجزائر عن تأسيس الفريق الوطني من اللاعبين المحليين.
ويضيف قندوز: "أغلب لاعبي البطولة الوطنية من خريجي مناطق تنعدم فيها الإمكانيات، عكس اللاعبين الذين يمثلون 95 بالمائة من المنتخب الوطني، ولدوا وتمرنوا على أحسن الملاعب الكروية بأوروبا".