يشهد مجلس النواب المصري تحركات يقودها ائتلاف "دعم مصر" – صاحب الأغلبية بالبرلمان – بهدف الموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وما تضمنته من تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، رغم حالة الغليان التي يشهدها الشارع المصري.
ويمثل ائتلاف دعم مصر، الذي يضم حوالي 300 عضو، تكتلًا برلمانيًا من عدد من الأحزاب والنواب المستقلين كان قد كونه اللواء سامح سيف اليزل مباشرًة بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، ويقود الائتلاف الآن اللواء سعد الجمال خلفاً لسيف اليزل بعد وفاته. ويوصف الائتلاف بأنه مؤيد لسياسات الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
تأتي التحركات الداخلية لمجلس النواب، بالتزامن مع دعوات باستمرار التظاهرات الشعبية التي بدأت الجمعة قبل الماضية لرفض الاتفاقية، وأجواء ساخنة بالشارع المصري قبيل 25 إبريل، الموعد المحدد لجولة ثانية من المظاهرات، والتي سبقها حملة اعتقالات واسعة لرافضي الاتفاقية.
ندوات ولقاءات قبل بداية المناقشات
وكشفت مصادر داخل ائتلاف دعم مصر، أن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، سيتم عرضها على مجلس النواب خلال شهر مايو المقبل،وأن هناك اتجاه لسرعة الانتهاء من كافة الاتفاقيات المبرمة مع الجانب السعودي للبدء في تنفيذها، خصوصا تلك المتعلقة بالشأن الاقتصادي، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر الآن.
مصادر برلمانية أكدت في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن المجلس الرئاسي للائتلاف بدأ تنفيذ خطة الموافقة على الاتفاقية، وكانت البداية في الندوة التي عقدها الائتلاف الأسبوع الماضي بحضور كل أعضائه وقدم خلالها عدد من الخبراء الأدلة والوثائق والاتفاقيات الدولية، والتي تثبت موقف الدولة من الجزر.
وتكرر الأمر نفسه في الحزب الأكثر تمثيلا في البرلمان وهو حزب "المصريون الأحرار" – الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس – إذ تم عقد ندوة مغلقة للنواب عن تاريخ جزيرتي تيران وصنافير حاضر فيها أيضا ضباط وقيادات سابقة بالجيش المصري.
وأشارت المصادر إلى أن هناك تنسيقا مشتركا بدأ مع عدد من الأحزاب ذات الكتل وغير الموجودة بالائتلاف على هامش انتخابات اللجان الداخلية للمجلس، وذلك لمنع أي محاولات للمزايدة على موقف الرئيس والدولة في هذا الشأن، موضحة أن هناك قائمة من الخبراء والمتخصصين يتم إعدادها للاستماع إلى آرائهم أثناء المناقشات الخاصة بالاتفاقية داخل اللجان النوعية، تشمل الدكتور مفيد شهاب أحد أعضاء لجنة مفاوضات استرجاع طابا في تسعينيات القرن الماض، وعددا من القيادات السابقة بالقوات المسلحة.
لن ترهبنا الأصوات الصاخبة
وأكد اللواء حمدي بخيت عضو المكتب السياسي لائتلاف دعم مصر، أن الائتلاف اتخذ قرار الموافقة على الاتفاقية المنتظرة بعد أن تأكد من جميع الخبراء، المشهود لهم بالكفاءة في هذا الأمر، أن الجزر من حق السعودية، وأنه "في حال اللجوء إلى التحكيم الدولي فإن الأمر محسوم بالحكم لصالح المملكة، فجميع الاتفاقيات والقوانين الدولية تؤكد تبعية الجزر لها"، على حد قوله.
وذكر بخيت في تصريح خاص، أن الائتلاف حرص على توضيح الموقف بدقة لأعضائه عن طريق تلك الندوات، وأنه يتحرك داخل المجلس من أجل أن تكون الصورة واضحة للجميع، مؤكدا أنه على ثقة أن الاتفاقية ستحصل على أغلبية مطلقة أثناء عرضها على المجلس، مستشهدا بما تم في إقرار برنامج الحكومة بأغلبية وصلت إلى 91% رغم الأصوات العالية التي كانت تنادي برفضه.
وأشار عضو المكتب السياسي للائتلاف، إلى أن الموافقة على الاتفاقية تتم في إطار الحرص على احترام مصر للقوانين الدولية واتفاقياتها، مؤكدا "لن ترهبنا الأصوات الصاخبة التي نشاهدها من قلة في الشارع، مع التأكيد على أهمية التهيئة السياسية الذي افتقدها اتخاذ هذا القرار، والتي يجب أن تؤخذ في الاعتبار بعد ذلك".
الاستفتاء خطة المعارضة
فيما أعد ائتلاف 25 /30 المعارض خطة لوقف تمرير الاتفاقية، ليس من خلال رفضها، ولكن من خلال الدعوة الى الاستفتاء وفق الدستور وتحميل النواب مسئولية مخالفة الدستور.
وبالفعل اجتمع الائتلاف – حوالي 25 نائبا – أكثر من مرة خلال الأسبوع الماضي، للاتفاق على خطة منع تمرير اتفاقية ترسيم الحدود.
وقال النائب هيثم أبو العز الحريري عضو الائتلاف "سنطالب بأن يكون هناك استفتاء شعبى على ذهاب الجزيرتين إلى السعودية من عدمه، وتطبيق نص المادة 151 من الدستور باعتبار أن الاتفاقية أمر من أمور السيادة، وذلك لأن الجزر كانت ولا تزال تحت السيادة المصرية ، ولذلك يجب إجراء الاستفتاء الشعبى على وضعهما" .
وأكد الحريري في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، "نعلم أن هناك حشودا لتمرير الاتفاقية داخل المجلس، ولكننا سنعمل على طرح أسماء خبراء دستوريين داخل اللجان النوعية التي من المقرر دراسة الاتفاقية بها لتأكيد الموقف الذي نطالب به".
وأشار إلى أن مخطط ائتلاف الأغلبية لن يستطيع تمرير الاتفاقية بسهولة كما يتوقع أعضاءه، رغم وضع الخطط وحشد النواب للتصويت بقبولها، وستكون هناك معارضة قوية ومن المنتظر أن يتكرر معها سيناريو رفض قانون الخدمة المدنية.
وينضم لرافضي الاتفاقية إلى جانب نواب ائتلاف 25/30، عدد من النواب المستقلين غير المنتمين لتيارات أو أحزاب من بينهم النائبة نادية هنري التي لم تحضر الجلسة التي ألقى بها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز كلمته بالبرلمان قبل أسبوع اعتراضا على "إعادة الجزيرتين الى السعودية"، وكذلك الدكتور سمير غطاس.
وعن تحركات هؤلاء النواب أكد غطاس "إننا نعمل الآن على جمع كل المستندات التي تثبت أن الجزر مصرية، وأن أهم ما اعتمدت عليها الحكومة لإقرارها وهو قرار جمهوري صادر عام 1990، لم يتم التصديق عليه من مجلس النواب بما يجعله غير ملزم في التطبيق".
وأكد غطاس في تصريحات خاصة، أن هناك كتلة برلمانية ضد التصويت رغم محاولات بعض الائتلافات والأحزاب تمرير الاتفاقية وإقرارها بأي شكل، مطالبا الحكومة بأن تقدم ما لديها من مستندات قبل إرسال الاتفاقية حتى يكون هناك وقت كاف لاطلاع النواب عليها.