عندما تفكر الشركة او الريادي بسعادة الزبون يكون النجاح حليفها في اغلب الأحيان ، و هنا نتحدث عن فهم متطلبات الزبون الحالي و المستقبلي ، طبعا بالنسبة للشركات الرائدة في الابتكار مثل أبل ، المتطلبات عندهم ليس بالضرورة ما يطلبه الزبون او ما يتوقعه بل حتى المنتجات نفسها، فقد كان ستيف جوبز يعتبرها تصورات مستقبلية لما يمكن ان يكون مفيدا للمستهلك ، وغالبا هذه التصورات مرتبطة بفلسفة الشركة المبنية على التميز و تحدي الوضع الحالي و ما هو مطروح مع التركيز على التصميم و سهولة الاستخدام. اذكر اني استمتعت بعملية شراء اول ايباد لي من محل أبل في لندن و لمست نتاج ما اهتم به جوبز من تفاصيل ميزت تصميم نقاط البيع و تزويد الزبون بتجربة فريدة و جميلة فالموضوع لا يقتصر فقط على المنتج نفسه و مواصفاته.
الشركات الناجحة تهتم بموضوع "عقيدة" المحافظة على الزبون الحالي لزيادة القيمة منه و الحصول على زبائن جدد من خلاله بعد ان ذاق خدمة مميزة و تعامل راقي يجعل الزبون يتغنى و يستمتع بالتجربة . تعرفت مؤخرا على سائق سيارة اجرة بسيط لكنه نجح من خلال تبني منهجية مميزة في التعامل مع الزبون و الحرص على رضاه و بسعر معقول وتعالى عن سياسة استغلال زبون عابر كما هو الحال في بعض البلدان العربية ، و تمكن من عمل شبكة من سيارات الأجرة يعملون من خلاله و قد دربهم بنفس أسلوبه الذي ركز على رضى الزبون من خلال الاهتمام بالدقة في المواعيد و التعامل الجميل ، و كون قاعدة بيانات كبيرة من زبائن من الجاليات الأجنبية من الدول الغربية و يتعامل مع السفارات و القنصليات و توقف عن استخدام سيارته كالعادة ، و كل هذا النجاح تحقق و هو لا يملك شركة فعلية (اي ليس رياديا رسميا ! )
بعض الشركات ارتقت و تجاوزت المتعارف عليه في تعاملها مع الزبون مثل شركة نوردستوم التي جاء اليها زبون ليعيد اطارات اشتراها من شركة اخرى ، و تم رد النقود له رغم ان نوردستوم لا تبيع اطارات أصلا ! ومثال اخر سمعته من ليبي جيل ( التي عملت مسؤولة عن الاتصال و التسويق في شركات عالمية مثل ينيفيرسال) خلال محاضرة لها في الكويت عن شركة زابو المميزة ، و هو ان ادارة هذه الشركة لا تمانع بل مكنت و فوضت موظفيها من مساعدة الزبائن قدر الإمكان و لا تعتبره هدرا للوقت بل استثمار ، لدرجة ان الموظف قد يقوم بالبحث بنفسه على الانترنت ليدل الزبون على ما يريد و لو كان ذلك من منتجات شركة منافسة !
اختم بقصة حدثت معي في نوتنجهام في بريطانيا مع Pret A Manger حيث ما ان انتهينا من طلبنا وهممت ان ادفع حتى اخبرني الموظف انه لن يأخذ مني المبلغ و طلب مني ان اعتبره بدل اعتذار بسبب الطابور الطويل في ذلك اليوم ! و لقد انبهرت حينها لأني لا اذكر اننا انتظرنا طويلا ، و اكثر ما اعجبني انه انتظرنا حتى انتهينا من الطلب و لم يتقدم بخصم محدد مقدما !
انها استراتيجية بسيطة في مفهومها العام لكن تطبيقها صعب لان ذلك يتطلب ثقافة مؤسسية يعمل فيها الموظفين بحب و شغف و دافعية داخلية تكونت بسبب سياسات الشركة الداعمة و الممكنة للموظفين بالاضافة الى محفزات ترتبط بطبيعة العمل ، و هذه "وصفة سرية" ناجحة لمشاريع بسيطة كسيارة الاجرة أو شركات كبيرة مثل التي ذكرناها في الاعلى .
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.