أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس تصميمه على الحصول على قرار من مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي، مبدياً في الوقت نفسه تجاوباً مع المبادرة الفرنسية لتحريك عملية السلام المجمدة.
عباس أكد أن موضوع مجلس الأمن مهم جداً، وأصبح ملحاً بسبب "النشاطات الاستيطانية وعدم توقع إسرائيل عن القيام بها، (…) الأمر الذي يعرض بشكل خطير مشروع الدولتين إلى الانهيار". وذلك خلال مقابلة معه مساء الاثنين في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله قبل قيامه بجولة ستشمل دولاً عدة بينها فرنسا.
ويعمل الفلسطينيون على التسويق لمشروع يدين الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، ويسعون إلى إصداره في قرار لمجلس الأمن الدولي.
ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية.
وتتزامن الجهود الفلسطينية مع اقتراح أطلقته فرنسا في يناير/كانون الثاني الماضي بعقد مؤتمر دولي حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هذا الصيف.
وعن المؤتمر، قال عباس "لا نريد للأمور أن تتعقد، وإنما نريد أن تسير سيراً طبيعياً. وبالتالي، فإن الأمرين يسيران معاً وإذا حصل تناقض، لن نسمح لهذا التناقض أن يقع".
ويبدأ الرئيس الفلسطيني (81 عاماً) الثلاثاء جولة تستمر أسبوعين يتوجه فيها إلى إسطنبول وباريس وموسكو وبرلين ونيويورك.
وتأتي هذه الجولة في وقت تبدو الآفاق مسدودة أمام تقدم عملية السلام.
وانهارت محادثات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة بين الفلسطينيين وإسرائيل في أبريل/نيسان 2014 بعد 9 أشهر من انطلاقها وتبادلَ الطرفان الاتهامات بإفشالها.
وتشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل توتراً، أسفر منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 200 فلسطيني في مواجهات وإطلاق نار وعمليات طعن قتل فيها أيضاً 28 إسرائيلياً إضافة إلى أميركيين اثنين وأريتري وسوداني، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس.
وعلى الرغم من تراجع التوتر في الأسابيع الأخيرة، إلا أن هناك مخاوف من تصاعد الأحداث حول المسجد الأقصى مع حلول عيد الفصح اليهودي في 22 من أبريل/نيسان المقبل.
مستعد للقاء نتنياهو
ويهدد استمرار البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي من المفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية العتيدة، بالقضاء تماماً على حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
وقال عباس لوكالة فرانس برس إن جولته المقبلة ستركز على دفع مشروع قرار مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي قدماً ودعم المبادرة الفرنسية.
وكرر الإسرائيليون تصريحاتهم المعارضة للمبادرة الفرنسية. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه لما أسماه "الإملاءات الدولية"، مؤكداً على ضرورة استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين دون أي شروط مسبقة.
ويطالب الفلسطينيون بتجميد الاستيطان وإطلاق سراح دفعة رابعة من الأسرى الفلسطينيين متفق عليها في إطار شروط استئناف محادثات السلام في عام 2014.
وقال عباس "عندما نتحدث عن تجميد الاستيطان، هذا ليس شرطاً مسبقاً، هذا موقف دولي، العالم كله يقول لإسرائيل عليكم أن توقفوا الاستيطان، أميركا تقول وأوروبا كلها تقول (…). هذا ليس شرطاً مسبقاً. عندما نجلس إلى الطاولة لنتحدث في أي قضية وبالذات قضية الحدود، يجب أن يتوقف نتنياهو في لحظة المفاوضات عن النشاطات الاستيطانية".
وأعرب الرئيس الفلسطيني عن استعداده للقاء نتنياهو قائلاً "أنا قلت أكثر من مرة أنني مستعد للقاء السيد نتنياهو وأنا جاهز لاستقباله، وهذه ليست المرة الأولى التي أعلن فيها أنني جاهز للقاء به في أي وقت يريد".
ومع الفراغ الدبلوماسي الذي تلا فشل مفاوضات السلام، أطلقت فرنسا في يناير/كانون الثاني الماضي مشروعاً يدعو لعقد مؤتمر دولي في الصيف لبحث حل الدولتين.
وزار الموفد الخاص الفرنسي إلى الشرق الأوسط بيار فيمون إسرائيل والأراضي الفلسطينية والتقى بمسؤولين من الجانبين ومسؤولين أميركيين وروس.
موقف أميركي غير معلن
ومن المقرر أن يلتقي عباس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة لبحث المبادرة الفرنسية، وأكد أن العلاقات مع فرنسا "استثنائية".
ويعتبر الفلسطينيون فرنسا أحد أكبر داعميهم الغربيين. وكان وزير الخارجية الفرنسي الأسبق "لوران فابيوس" حذر إسرائيل من أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين في حال فشل المبادرة الفرنسية. ولكن فرنسا أكدت مؤخراً أنها لن تعترف "تلقائياً" بالدولة الفلسطينية في حال فشل مبادرتها.
وقال عباس إن ما سمعه الفلسطينيون حتى الآن هو عبارة عن "أفكار" فرنسية، مضيفاً "من المهم أن نسمع من الرئيس الفرنسي هل أصبحت هذه الأفكار مبادرة فرنسية ستسير فيها الحكومة الفرنسية إلى النهاية".
وترمي المبادرة الفرنسية إلى تحريك عملية السلام للوصول إلى إقامة دولتين. ولتحقيق ذلك، سيتم إنشاء مجموعة دعم تضم أعضاء مجلس الأمن الدائمين وعدداً من الدول الأوروبية والعربية ومنظمات دولية.
وتقترح فرنسا تحركاً على مرحلتين. تنطلق المرحلة الأولى بلقاء دولي على مستوى وزاري من دون الإسرائيليين والفلسطينيين، ليعقد في المرحلة الثانية مؤتمر دولي الصيف المقبل بحضور طرفي النزاع.
ويقول الفرنسيون إن الجهد الفلسطيني في الأمم المتحدة لا يقوض مبادرتهم.
وفي نهاية 2014 وبعد تعاون مع الفرنسيين، اختار الفلسطينيون التحرك بمفردهم في مجلس الأمن بمشروع قرار كان يفترض أن يحدد موعداً لانتهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكن المشروع فشل.
ويبقى الموقف الأميركي حول المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن غير معلن حتى الآن. ويتساءل البعض إن كان الرئيس الأميركي باراك أوباما سيقوم بفعل علاقاته المتوترة مع نتانياهو بإرسال رسالة إلى الدولة العبرية عبر عدم استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) حول مشروع القرار.
وحول ذلك، قال الرئيس الفلسطيني "حتى الآن، لم نتلق أي ردود فعل من الأميركيين حول موضوع مجلس الأمن، ولكن علينا أن نضع بالاعتبار كل ردود الفعل الممكنة من الأميركيين سواء الموافقة أو الامتناع (عن التصويت) أو الفيتو".
وتابع "كنا نتوقع من الحكومة الأميركية في خلال الثماني سنوات الماضية أن تعمل خطوات إيجابية إلى الأمام لتحقيق ما تؤمن به أميركا وهو رؤية الدولتين، وللآن لم يحصل هذا".
وأضاف "كنا نتوقع الكثير من الإدارة الأميركية، ولم يحصل هذا".
ورداً على سؤال حول إمكانية تحقيق حلم الدولة الفلسطينية، قال الرئيس الفلسطيني "أتمنى أن نحصل على الدولة الفلسطينية في وجودي، ولكن إذا لم تحصل في وجودي، ستحصل قريباً، لأن هناك حق وتصميم من الشعب الفلسطيني على الوصول إلى دولته".