حي على خير العمل

الحقيقة الملموسة هو أنه هناك تحول من الاقتصاد الريعي في بعض دول الخليج إلى الاقتصاد الإنتاجي، وعليه نقول حان وقت تنفيذ النداء بكل صدق وإيمان وإرادة وإقدام: حي على خير العمل.

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/09 الساعة 03:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/09 الساعة 03:56 بتوقيت غرينتش

عنوان المقالة ليس بمقطع من أذآن ولا نداء لصلاة، بل هو مطالبة الجميع لشحذ الهمم بتقديم الأفضل والانطلاق للاقتصاد الإنتاجي بدل الاقتصاد الريعي. أيام ما قبل النفط ونسميها هنا أيام زمان، كان هناك نشاط اقتصادي إنتاجي ممثل بكل أوجه الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية لكل منتسبي المجتمع الواحد؛ فمثلا تجد النجارين والقلافين والحدادين والتجار والبنائين والخياطين والحمالين والكسبين
(المتسببين) والصيادين والفلاحين والمزارعين، هم من أهل المكان نفسه؛ لأن العمل والإنتاج ثقافة متاصلة في أرض الواحات والتجمعات السكانية؛ وقديما قيل بأن اليد العاطلة يد نجسة؛ لأن معظم سكان الواحات والمدن الكبرى في العالم متحضرون سلوكاً، لأنهم أنسوا المكان وعمروا الأوطان وتبادلوا المصالح وتكاملوا الأدوار منذ آلاف السنين.

بزغ فجر النفط وجُندت كل الموارد البشرية في تلكم الأماكن التي اكتُشف فيها النفط لسد حاجات شغل الوظائف المفتوحة آنذاك؛ ومع ازدهار عصر النفط، هُجرت معظم المهن اليدوية والعمالية من جهة القوى العاملة الوطنية لتتلقاها الأيدي العاملة المستوردة من خارج الحدود. وانجرف معظم أهل النفط بمعنى أهل الأرض من المواطنين في الانخراط في العمل الحكومي والعمل الصناعي في قطاع النفط ومشتقاتة لجزالة العطاء وراحة البال وضمان التدفق المالي، حتى وصل التوظيف إلى حالة البطالة المقنعة في بعض الجهات إسرافاً وإهداراً وسوء استخدام نفوذ ومجاملة في أحيان أخرى.

عقود تليها عقود من الزمن وتأصلت خلالها فكرة عدم الاهتمام بالعمل المهني
وهجرة واستحكمت فكرة الانخراط في السلك الوظيفي في الشركات الكبرى في تلكم المناطق، لا سيما مع تسجيل طفرات سعرية لم تعرف من قبل (140 دولاراً أميركيًّا للبرميل).
ومنطقتنا تعرضت لنفس الشي، فقارن!

الآن وقد تعرضت أسعار النفط لنكسة عظيمة وفي ظروف تازيخية معقدة، وبالتالي تعرضت معظم ميزانيات الدول المعتمدة على النفط كأساس لدخلها المادي القومي لعجز في ميزان المدفوعات. من هنا بدأت سيول قرارات متزاحمة من على مستوى وزارات كوزارة العمل ووزارة الكهرباء والمياه ومصلحة الجمارك وأعلى في هرم القرارات في أكثر من دولة داخل الأوبك والخليج العربي، وكل تلك القرارات تدفع إلى روح الإنتاج والاعتماد على رفع الإنتاجية واستنهاض المواطن في الانخراط في العمل المهني بدل الاقتصاد الريعي لأبناء الوطن. كل ذلك تم في غضون أشهر من نوفمبر/تشرين الثاني 2015 – مارس/أذار 2016م. ما زالت حزمات الإصلاح الاقتصادي يدور دولابها وفي اتجاهات متعددة، وعليه يجب أن يستدرك الوضع المتغير من الجميع.

ما يبشّر العاملين المخلصين والكادحين هو أنهم لم يعتمدوا يوماً على شرهة ولا هبة ولا.. ولا.. وإنما اعتمدوا على الله أولاً، ثم على ما وهبهم الله من نشاط وهمة وحكمة في استحصال رزقهم ومعيشتهم؛ وعليه يتحتم على من لديه رؤية أن يقتنص كل فرصة في توطين الأعمال وقطف ثمار النشاط التجاري داخل الوطن. ومن الذكاء تحليل احتياجات المجتمع المحلي، وسرعة الإحلال باليد العاملة الوطنية لضمان الاستمرارية وإمكانية التوسع بالداخل.

لعل البعض يتحجج بعدم وجود رأس المال الكافي أو لعدم وجود الخبرة اللازمة أو يثير الإحباطات. وأنا أقول من لدية العزيمة والرؤية والثقة بالنفس يستطيع أن ينطلق إلى فضاء التجارة أو إدارة الأعمال أو الأعمال الصغيرة.. إلخ.
كما أنه من الجميل أن نفتش بين جنبات مجتمعنا عن المهتمين بالشؤون التجارية والاقتصادية ونحتضنهم للارتواء من معين علمهم أو كبير خبرتهم وننطلق من خلال إرشاداتهم الناصعة والناصحة. كما أنوّه بوجوب الاستثمار في طاقات الشباب الطموح والإيجابي بالشراكة معه للنهوض من تردد العزيمة وحالة الشك السلبية في ذهنية البعض في كل ما يدور حولهم.

الحقيقة الملموسة هو أنه هناك تحول من الاقتصاد الريعي في بعض دول الخليج إلى الاقتصاد الإنتاجي، وعليه نقول حان وقت تنفيذ النداء بكل صدق وإيمان وإرادة وإقدام: حي على خير العمل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد