بدأ اجتماع في إيطاليا بين وفدٍ قضائي مصري الخميس 7 أبريل/نيسان 2016، وفريق إيطالي لتبادل المعلومات حول حادث قتل الطالب جوليو ريجيني الذي عُذب حتى الموت بالقاهرة، في جريمة هددت إيطاليا بالرد عليها بتدابير ضد القاهرة.
وينتظر المحققون الإيطاليون بصورة خاصة تسلُّم بيانات الاتصالات الهاتفية التي أجراها الطالب من هاتفه وأشرطة كاميرات المراقبة في المترو والمتاجر في الحي الذي كان يقيم فيه.
ريجيني (28 عاماً) كان طالب دكتوراه بجامعة كامبردج البريطانية يُعد في مصر أطروحة حول الحركات العمالية، عندما اختفى وسط القاهرة في 25 يناير/كانون الثاني ليُعثر على جثته بعد 9 أيام وعليها آثار تعذيب فظيع.
كشف المذنبين ومعاقبتهم
إيطاليا تطالب بحزم منذ ذلك الحين بكشف المذنبين ومعاقبتهم، رافضة جميع الروايات التي قدمها المحققون المصريون، ومنها تعرُّض الطالب لحادث سير، أو جريمة شنيعة أو تسوية حسابات شخصية.
الجريمة سددت ضربة قوية للعلاقات بين رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رنزي والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رغم التقارب بينهما.
ويلتقي قاضيان مصريان، أحدهما المستشار مصطفى سليمان، و3 مسؤولين في الشرطة، مدعي روما جيوسيبي بينياتوني ونائبه سيرجيو كولايوكو وعدداً من كبار مسؤولي قوات الأمن.
وأعلن وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، الثلاثاء، أمام البرلمان "نحن عشية اجتماعات هامة يمكن أن تكون حاسمة لمسار التحقيق".
ورُفض مجدداً آخر رواية للجريمة قدمتها القاهرة، معتبراً أنها "محاولة لإضفاء الصدقية على حقيقة مؤاتية" للسلطات المصرية.
في 25 مارس/آذار، أعلنت وزارة الداخلية المصرية تصفية 4 أشخاص كوّنوا "تشكيلاً عصابياً تخصص في اختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه" هو المسؤول بحسبها عن قتل ريجيني، مشيرة الى أنه عثر على أغراض شخصية تعود له في منزل أحد أفراد هذه العصابة.
لن نقبل حقيقة مفبركة
وفي حال لم تكن أجوبة المحققين المصرية مرضية، حذر جنتيلوني بأن بلاده "مستعدة للرد باعتماد إجراءات فورية ومتناسبة"، مشدداً على "اننا لن نقبل حقيقة مفبركة ولن نسمح بأن تهان كرامة بلدنا".
الخبير لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ماتيا توالدو، علق على هذا الموقف بالقول: "لا أذكر مرة أنني سمعت وزير خارجية إيطاليا يتحدث مثلما فعل جنتيلوني".
كذلك حرص رئيس الوزراء، ماتيو رنزي، على إصدار موقف واضح في فيديو نُشر الثلاثاء على فيسبوك، قال فيه: "لن نقبل إلا بالحقيقة. نقطة على السطر. الحقيقة الحقة. نحن ندين بهذا الأمر لجوليو ولأصدقائه ولوالدته ولوالده ولشقيقته الصغيرة، ونحن ندين به أيضاً لنا أجمعين".
غير أن إيطاليا هي في موقف حرج في هذه القضية، إذ إنها بحاجة الى مصر لإرساء الاستقرار في ليبيا المجاورة، كما أن مجموعتها "إيني" للطاقة اكتشفت مؤخراً حقل غاز هائلاً في مصر.
وقال توالدو إن إيطاليا قد تعمد بدل اتخاذ تدابير رد، الى استدعاء سفيرها وإصدار إرشادات جديدة الى المسافرين تحذرهم من زيارة مصر، أو طلب دعم شركائها الأوروبيين لإدانة هذا البلد.
الإحجام عن زيارة مصر
لكن ليس من المتوقع أن يكون لأي تحذيرات موجهة الى المسافرين تأثير كبير؛ لأن قضية ريجيني وكذلك المخاوف من وقوع اعتداءات إرهابية تردع الإيطاليين أساساً عن زيارة هذا البلد، وقد خفضت شركة "ميريديانا" الإيطالية للسفر رحلاتها الى مصر من 44 في الأسبوع الى 3.
وتشتبه الصحف الإيطالية والأوساط الدبلوماسية الغربية في مصر بأن يكون عناصر في أجهزة الأمن خطفوا الطالب وعذبوه حتى الموت، الأمر الذي تنفيه الحكومة المصرية بقوة.
تشريح جثة ريجيني أظهر أن الطالب خضع لتعذيب مروّع على مدى أيام قبل أن يقضي جراء تحطيم عنقه، وكانت جثته مشوهة جداً لدرجة أن والدته وجدت صعوبة في التعرف عليه.
وقالت والدته باولا الأسبوع الماضي: "لن أقول لكم ما فعلوا به، رأيت على وجهه كل شر هذا العالم". وأكدت أنها لم تتعرف إلا على "رأس أنف" ابنها عندما عاينته في المشرحة مهددة بنشر صورة لجثمانه في حال لم تقدم مصر نتيجة التحقيق للشرطة الإيطالية.