تعتبر العلاقات المصرية السعودية حجر أساس للعلاقات العربية، وعليها أقيمت العديد من التحالفات الجوهرية التي كان الهدف منها التصدي للأخطار الإقليمية المحيطة بالبلدين خلال العقود الماضية.
وبالتزامن مع زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، تحدّث كثيرون عن تعرض العلاقات السعودية المصرية مؤخراً لهزات عدة لم تشهد من قبل، نتيجة اختلاف الرؤى حول قضايا إقليمية، كالملف السوري ونمط التدخل السعودي في اليمن، بجانب قضايا أخرى كملف المصالحة بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين المعارضة.
لكن تأتي الزيارة الأخيرة للملك سلمان وما تحمله من اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتضع التحليلات السابقة محلّ شك، فمن المنتظر أن يتم توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، من بينها اتفاقيات مع الصندوق السعودي للتنمية لتعمير بعض المناطق في سيناء، واتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي، ورسم الحدود البحرية بين البلدين، وإنهاء المشكلات الاستثمارية، والربط الكهربائي بين البلدين، وتمويل توفير المواد النفطية لمصر لمدة 5 سنوات، وسبل تفعيل مبادرة العاهل السعودي بضخ استثمارات من صندوق الاستثمارات العامة، قيمتها30 مليار ريال في الاقتصاد المصري.
وتعود العلاقة بين مصر والسعودية، إلى بداية تأسيس المملكة العربية السعودية في مطلع الربع الثاني من القرن العشرين، حيث شهدت العلاقة بين البلدين تطوراً قوياً منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام1925 م، ومنذ هذه اللحظة بدأت الزيارات المتبادلة بين البلدين على مستوى الرؤساء، وكان أكثر الملوك السعوديين زيارة إلى مصر هو الملك فيصل حيث بلغ عدد الزيارات 7، ويأتي بعده الملك سعود بأربع زيارات، ثم يتساوى كل من الملك خالد والملك فهد، والملك عبدالله، في عدد زياراتهم.
وتعد زيارة الملك سلمان إلي مصر هي الزيارة الـ24 لملوك السعودية إلى أرض مصر، وفيما يلي نستعرض أهم زيارات ملوك السعودية إلى مصر منذ الزيارة الأولى في العام 1925.
الزيارات الأولى
الملك عبد العزيز بصحبة الملك فاروق في مصر سنو 1946
زار الملك عبد العزيز آل سعود مصر سنة 1926، وهناك التقى بالملك فاروق ملك مصر آنذاك، حيث تم توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام1926م، وفيها أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية.
في العام 14 فبراير 1945، توجه الملك عبد العزيز لمقابلة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن المدمرة الأميركية كوينسي الموجودة بقناة السويس، وهذه تعد الزيارة الوحيدة لملك سعودي لمصر لا يأتي لمقابلة مسؤول مصري.
وفي العام 1946، زار الملك عبدالعزيز آل سعود المملكة المصرية قبل أن تصبح جمهورية في وقتٍ لاحق، وفيها حضر الملك عبدالعزيز آل سعود على اليخت الملكي "المحروسة"، الذي كان قد أقلع من السويس في يوم 2 يناير سنة 1946 متجهاً إلى جدة لإحضار الملك عبدالعزيز.
الملك سعود بن عبد العزيز وحقبة جديدة
الملك سعود والرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في العام 1956
في العام 1954، بدأت زيارات الملك سعود بن عبدالعزيز إلى مصر، حيث التقى الرئيس محمد نجيب ومجلس قيادة ثورة 23 يوليو لأول مرة، وتفقّد خلال زيارته مصنع الطائرات بألماظة، ومصنع الذخيرة، والأهرامات، وجامعة الدول العربية، والقناطر الخيرية.
الزيارة الثانية كانت في العام 1956، وفيها التقى الملك سعود بالرئيس جمال عبدالناصر، وخلالها تم عقد قمة ثلاثية مع عبدالناصر والرئيس السوري شكري القوتلي، وفي 31 أغسطس 1959 زار الملك سعود مصر للمرة الثالثة بدعوة من عبدالناصر، وفي 13 يناير 1964 حضر الملك سعود القمة العربية الأولى، التي عقدت بالقاهرة وزاره عبدالناصر في مقر إقامته.
الملك فيصل والتحضير لأكتوبر
الرئيس السادات والملك فيصل أثناء زيارة له إلى مصر
يعد الملك فيصل بن عبدالعزيز أكثر ملوك السعودية زيارة لمصر، إذ زارها سبع مرات في أعوام 1965 و1969 و1970 و1971 و1973 و1974 و1975، وكانت الزيارة الأولى في 8 سبتمبر 1965، حيث زار مصر لأول مرة بعد توليه مقاليد الحكم، واجتمع بعبد الناصر في الإسكندرية.
كانت أهم زيارت الملك فيصل إلى مصر في العام 1973، حيث شهد هذا العام التنسيق السعودي- المصري لشن حرب أكتوبر1973، وحينذاك جرت محادثات مطولة بين الملك فيصل والرئيس أنور السادات، تناولت الاستعدادات والسيناريوهات المطروحة لشن هذه الحرب.
وفي العام 1974، كانت زيارة الملك فيصل السادسة إلى مصر بمثابة زيارة الانتصار، حيث تم الترحيب به وسط استقبال شعبي كبير بعد موقفه التاريخي في حرب أكتوبر، واستمرت الزيارة 8 أيام.
زيارات الملك خالد بن عبد العزيز
الملك فيصل بن عبد العزيز بصحبة الرئيس المصري محمد أنور السادات
بعد وفاة الملك فيصل، تولى الملك خالد بن عبد العزيز الحكم، وكانت أولى زيارته إلى مصر في يوليو 1975، حيث جاء إلى مصر بدعوة من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وفي 1976 زار الملك خالد مصر مرتين، حيث شارك في مؤتمر القمة العربية الثامن.
الملك فهد وحرب الخليج
الملك فهد بصحبة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك
بعد رحيل الملك خالد، جاءت زيارة الملك فهد الأولى إلى مصر في مارس من العام 1989 بدعوة من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وفي 9 أغسطس 1990 قام الملك فهد بثاني زيارة له للقاهرة، والتي تعد الأهم في تاريخ زياراته لمصر، حيث شارك في اجتماع القمة العربية الطارئ بعد اجتياح الجيش العراقي لدولة الكويت، وأكد فيها على الحق السيادي المطلق لدولة الكويت في استعادة أراضيها، وفي 29 ديسمبر وصل الملك فهد إلى الإسكندرية في ثالث زيارة له لمصر، للمشاركة في المؤتمر الثلاثي مع زعيمي مصر وسوريا.
الملك عبد الله وحقبة الثورة
زيارة العاهل السعودي الملك عبدالله للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الطائرة
في أبريل 2008 قام الملك عبدالله بأول زيارة لمصر، حيث أجرى مباحثات مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك بمنتجع شرم الشيخ تناولت أوضاع المنطقة وتطورات الأزمة اللبنانية، وفي 30 يونيو 2008 زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز مصر، وبحث مع مبارك القضايا الإقليمية والدولية والأزمة النووية الإيرانية، وفي العام 2014، كانت زيارة الملك سلمان الأولى بعد ثورة 25 يناير 2011 وأحداث 30 يونيو 2013، وهي الأشهر في تاريخ زياراته حيث توقف فيها في مطار القاهرة لدى عودته من المغرب في2014، وصعد إليه في الطائرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ليقبله من رأسه.