بعد أكثر من عام ونصف من سيطرته على طرابلس ومعظم مناطق الغرب الليبي، انتهى تحالف "فجر ليبيا" العسكري مع خروج الحكومة التي كان يساندها من الحكم مساء الثلاثاء 5 أبريل/ نيسان 2016، والانقسام الذي طال مجموعاته المسلحة.
فما قصة هذا التحالف الذي سيطر على مناطق واسعة في ليبيا؟ وهل لعب توقف الرواتب دورا في إنهائه؟ ثلاثة أسئلة تجيبك عن كل شيء يتعلق بهذا التحالف.
أولاً: لماذا نشأ تحالف فجر ليبيا؟
"فجر ليبيا" هو اسم عملية عسكرية أطلقتها في تموز/يوليو 2014 مجموعات مسلحة تنتمي إلى مدن في غرب ليبيا، أبرزها مصراتة (200 كلم شرق طرابلس).
وهدفت هذه العملية إلى السيطرة على العاصمة وطرد القوات الموالية للجنرال المثير للجدل خليفة حفتر منها، وعلى رأسها القوة التي تنتمي إلى مدينة الزنتان (170 كلم جنوب غرب طرابلس).
وما إن سيطر تحالف "فجر ليبيا" على العاصمة، حتى قام بطرد الحكومة المعترف بها دوليًّا منها، وقام بتنصيب حكومة جديدة، وبإعادة إحياء المؤتمر الوطني العام، البرلمان الذي انتهت ولايته.
وضم تحالف "فجر ليبيا" جماعات مسلحة بعضها إسلامية هي الأفضل تسليحاً في البلاد. وخاض هذا التحالف الذي سيطر على معظم الغرب الليبي، معارك متواصلة مع قوات حفتر في عدة مناطق، ومع تنظيم الدولة الإسلامية كذلك.
ثانياً: كيف أدار التحالف المناطق الخاضعة لسيطرته؟
قابل سكان طرابلس والمدن الغربية انتصار تحالف "فجر ليبيا" على القوة الموالية لحفتر بالترحيب، في بداية المرحلة التي حكم فيها هذا التحالف مناطقهم.
لكن بعد مرور أشهر قليلة، بدا سكان هذه المناطق بالتململ، بعدما تدهورت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتصاعد نفوذ المليشيات على حساب سلطة الدولة، وتزايدت أعمال الخطف والسرقة والسطو المسلح.
ويقول كريم وهو أحد سكان طرابلس "بعد ستة أشهر من بداية حكم فجر ليبيا، وجدنا أنفسنا أمام حالة صعبة جدًّا، وبدأنا نبحث عن مخرج ما، لكننا كنا نخاف التهديدات".
ولم تحظَ الحكومة التي عملت في عهد "فجر ليبيا" بأي اعتراف دولي، وواجهت في أسابيع عملها الأخيرة قبل أن تتنحى عن السلطة الثلاثاء صعوبات اقتصادية جمة، خصوصاً مع نقص السيولة.
ثالثاً: كيف تلاشى تحالف فجر ليبيا؟
يقول مسؤول أمني في طرابلس لوكالة فرانس برس إن "تحالف فجر ليبيا انتهى برحيل السلطة التي كانت تغطيه سياسيًّا. هذه الصفحة طويت".
وانقسمت الجماعات المنضوية ضمن هذا التحالف مع دخول حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة إلى طرابلس قبل أسبوع، بين مؤيد لها، ومعارض.
وسرعان ما انحازت معظم هذه الجماعات لتأييد حكومة الوفاق، والانشقاق عن حكومة "فجر ليبيا" التي لم تعد قادرة على صرف مرتبات المقاتلين في الأشهر الأخيرة.
ويرى الخبير في الشؤون الليبية في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتييا توالدو، أن "تحالف فجر ليبيا بدأ يتلاشى مع دخول مصراتة، المساهم الأكبر فيه، في المحادثات" لإنهاء النزاع على السلطة بداية 2015.
ويتابع "ثم إن إعلان عشر مدن في غرب ليبيا تأييدها لحكومة الوفاق، عجل في نهايته"، حتى تلاشى عمليًّا مع تخلي حكومة طرابلس، التي نصبها قبل أكثر من عام ونصف، عن الحكم.