مبادرون استطاعوا أن يوقدوا شمعة..

مجرد فكرة بسيطة، بأقل مجهود يذكر، أصبحت جزءاً من تغيير العالم للأفضل، وتحولت إلى مبادرة عظيمة حصلت جائزة القمة العالمية للإبداع في التعليم (قطر)، وجائزة الملك حسين للعطاء (الأردن)، وجائزة سينرجوس الدولية للرياديين العرب، وعضوية مبادرة كلينتون العالمية!

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/05 الساعة 02:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/05 الساعة 02:40 بتوقيت غرينتش



مبادرون استطاعوا أن يوقدوا شمعة..
انضم إليهم.. أو انقل شموعهم إلى مكان جديد

"رنا الدجاني" سيدة أردنية، عاشت فترة في الولايات المتحدة الأميركية، وعندما عادت إلى الأردن، فوجئت أن عدد المكتبات بها قليلٌ جدًّا، فقررت أن تنشئ "مكتبة في كل حي" تماماً كما هو موجود في الولايات المتحدة الأمريكية. وهنا أريد أن ألقي الضوء على نقطة محورية، وهي: من يريد أن يقدم حلولاً يجب أن يرى الأمور بشكل مختلف، فكلمة "مكتبة" هنا ليس بالضرورة أن يكون المقصود بها بناء ضخم يكلف آلاف الدولارات وعشرات العاملين، ولكن "المكتبة" يكفي فقط أن يتوافر بها أربعة عناصر: كتب + أي مكان + أطفال + شخص يقرأ بصوت عالٍ. واستطاعت "رنا" توفير العناصر الأربعة بمنتهى البساطة..

أما عن الكتب قفد استطاعت الحصول عليها من خلال بعض التبرعات البسيطة من الأصدقاء، مع تخفيض في السعر من بعض دور النشر، فاشترت 100 كتاب، وأما عن المكان فقد كان المسجد المجاور هو أول من استضافها لمدة ساعة في الأسبوع، وأما الأطفال فقد أعلنت في صلاة الجمعة أن غداً السبت صباحاً ستكون هناك جلسة لقراءة القصص بصوت عالٍ للأطفال من الجنسين للأعمار من 4-9 سنوات. وكعنصر جذب إضافي أعدت بعض الملابس التنكرية المحببة للأطفال لتحكي لهم القصص وهي ترتديها.

وفي اليوم الأول جاء 25 طفلاً، حيث قرأت ثلاثة قصص مصحوبة ببعض الأداء التمثيلي البسيط، ثم في نهاية اليوم أعارت كل الكتب التي اشترتها للأطفال ليردوها في الأسبوع المقبل، بعد أن يقضوا وقتهم طوال الأسبوع في القراءة! واستمرت جلسات القراءة بصوت عالٍ للأطفال على مدار سنوات، وتحولت الفكرة البسيطة إلى مبادرة كبيرة تحت اسم "نحن نحب القراءة". تقول رنا: "إن كل هدفنا هو تنمية حب القراءة لدى الأطفال. وإذا أصبح الأطفال يحبون القراءة فبذلك نكون قد وهبناهم أهم الأدوات للنجاح؛ لأنهم الآن يستطيعون تعلم ما يشاؤون لوحدهم".

هذه هي الشمعة التي أضاءتها، شمعة اسمها: "اقرأ"!.. اقرأ لنفسك واقرأ للأطفال من حولك، فالقراءة كنز لا يدرك قيمته الكثيرون، وهي ليست فقط مصدراً للتعلم النظري، ولكنها وسيلة لإنضاج الخيال، والتفكير النقدي، والتحليل، والإبداع
والابتعاد عن الجهل والخرافات والتخلف. القراءة هي نافذة على الكون، وهي أيضاً وسيلة لتغيير الكون..

القراءة بصوت عالٍ وبأسلوب شيق وجذاب ثم عمل مكتبة في كل حي.. فكرة بسيطة لم تكلف أصحابها أموالاً طائلة، ولم تكلفهم من الجهد سوى ساعتين شهريًّا! مبادرة "نحن نحب القراءة"، أعادت تعريف كلمة "مكتبة"، انتقلت من المساجد إلى النوادي والحدائق وكل مكان، واستطاعت أن تدرب 700 متطوع على القراءة للأطفال، وتؤسس 300 مكتبة في الأردن، وتؤثر على 10.000 طفل في الأردن و50.000 طفل خارج الأردن، حيث نقلت النموذج إلى 15 دولة!

مجرد فكرة بسيطة، بأقل مجهود يذكر، أصبحت جزءاً من تغيير العالم للأفضل، وتحولت إلى مبادرة عظيمة حصلت جائزة القمة العالمية للإبداع في التعليم (قطر)، وجائزة الملك حسين للعطاء (الأردن)، وجائزة سينرجوس الدولية للرياديين العرب، وعضوية مبادرة كلينتون العالمية!
والآن.. أوقد شمعة..

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد