في زاوية مظلمة في شارع "حسيبة بن بوعلي" بالعاصمة الجزائرية، تفترش عائلة بأفرادها السبعة الأرض التي تحوي على قطع من الكرتون، وتلتحف بقايا أغطية بالية. هكذا تقضي "عائلة جمال" أيامها بعد هدم منزلها منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
مشرّدون
حسب إحصائيات "غير رسمية" قدمتها الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، فإن حوالي ثلاثة آلاف عائلة تفترش العراء في الجزائر العاصمة وحدها، أغلبهم ممن كانوا يقطنون في "أحياء الصفيح" التي هدمت بهدف إعادة إسكان قاطنيها في أحياء جديدة.
وتُضاف هذه الأرقام إلى عدد آخر من المشردين والوافدين من المدن الداخلية، بحثاً عن فرص عمل لم يعرفوا لها طريقاً، فوجدوا أنفسهم في الشارع.
وفي الوقت الذي يعود أغلب سكان العاصمة إلى ديارهم مع أجراس ساعات المساء، تاركين الشوارع والأرصفة ومداخل العمارات لأشخاص آخرين، تعمل مجموعة "ناس الجزائر" على مساعدة هذه الفئة "الهشة" من المجتمع بين الفينة والأخرى، خاصة في الأيام التي تنخفض فيها درجات الحرارة.
"ناس الجزائر"
وتقول رئيسة مجموعة "ناس الجزائر" التطوعية لـ"عربي بوست" إن قضية العائلات التي ليست لها سكن والمشردين، مسألة إنسانية بالدرجة الأولى، وحماية الآلاف من هؤلاء الذين رمتهم الأقدار ليعيشوا دون مأوى، ويقضون لياليهم داخل زوايا ضيقة يفترشون الأرض.
ويعترف أحمد جلولي (45 سنة)، الذي يقطن بحي بلكور الشعبي بالعاصمة مع زوجته وابنه بعد هدم بيته "القصديري" الذي عاش به مدة 20 سنة، بأن معاناته وعائلته بالشارع لا يخففها إلا رأفة بعض المحسنين من سكان الحي، والجمعيات الخيرية، "الذين يوفرون لنا بين الحين والآخر طعاماً وأفرشة نحتمي بها من جوع الليالي الباردة".
ويضيف أحمد لـ"عربي بوست" أنه "رغم الجهود التي يبذلها شباب الحي والجمعيات الخيرية في توفير وجبات ساخنة في بعض المرات، لكن هناك ليالي كثيرة نبيت فيها ببطون خاوية".
مجموعة خيرية أخرى
"ناس الدزاير" مجموعة أخرى، تقوم بحملات تطوعية لإطعام العائلات والأشخاص من غير مأوى كل سنة في فصل الشتاء. ونظمت بداية الأسبوع الجاري حملة لإطعام 300 شخص في العاصمة وضواحيها بوجبات ساخنة، وهي الحملة الثامنة خلال موسم الشتاء الجاري.
وتضم الجمعية التي بدأت كفكرة على شبكات التواصل الاجتماعي العام 2013، حوالي (40) عضواً، من مختلف الأعمار والمستويات الدراسية والاجتماعية، وتستعمل ذات الشبكات الاجتماعية في الحصول على المساعدات من المانحين، في التعبئة والتعريف بأنشطتها.
ظاهرة صحية.. ولكن!
ويقول أستاذ علم الاجتماع "علي شبيطة" إن إقبال الشباب الجزائري على العمل التطوعي بشكل كبير، ظاهرة صحية تعزز من أواصر الترابط بين أبناء المجتمع الواحد.
ويضيف لـ "عربي بوست": إلا أن الخطوة تبقى غير كافية، بسبب توسع قاعدة الفئات الهشة في المجتمع، وغياب التنظيم والتنسيق بين مختلف الجمعيات والمجموعات الخيرية، مما يجعلها موسمية، وتستهدف مناطق دون أخرى".