أعوذ بالله من قولة “أنا” !

أنا المفكر والباحث، مفكر في الهجرة وباحث عن الشغل.. أنا الذي يشرب "كينة" الهلال لمنع مشاهدة البرامج الرمضانية على القنوات الوطنية! أنا المفعول به المبني على النصب والاحتيال والإقصاء والتّفقير.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/29 الساعة 04:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/29 الساعة 04:54 بتوقيت غرينتش

أنا الابتسامة في حضرة الألم، أنا كل شي ولا شيء..
أنا البطل الذي يموت في المشهد الأول والأخير..
أنا مهرجان القمع البرلماني في دورته العاشرة صباحاً..

أنا المفكر والباحث، مفكر في الهجرة وباحث عن الشغل..
أنا الذي يشرب "كينة" الهلال لمنع مشاهدة البرامج الرمضانية على القنوات الوطنية!
أنا المفعول به المبني على النصب والاحتيال والإقصاء والتّفقير.

أنا الذي يحاول ضم نفسه للرفع من مستواه الاجتماعي..
أنا النوتة الموسيقية الناقصة من سيمفونية الكرامة المغربية..

أنا من لديه تضخم في الواجبات وتقزم في الحقوق..
أنا من لديه احتياطي من الابتسامات الصفراء، يستعملها عند التقاط الصور التذكارية في الندوات، التي تُنظم داخل فنادق الخمس نجوم لمناقشة الهشاشة الاجتماعية.

أنا الذي يحب أن يكون له الحق في "الفتح الأول" فيما يتعلق بغشاء "الشرف" عند الزواج وأن يكون عابر سرير قبل الزواج..
أنا الذي يغير المواقف و"المعاطف" عشرات المرات في نفس القضية.

أنا الذي يريد تغيير العالم، ولم يغير فرشاة أسنانه منذ شهور..
أنا الذي يفتح حساباً أو أكثر على فايسبوك ويمنع زوجته من فتح حساب خاص بها!
أنا الذي يفتح فمه فقط عند طبيب الأسنان!

أنا الذي يرمي النفايات في الشارع العام، وحين تتشكل كومة أزبال يحمل هاتفه الجوال لأخذ صور المشهد ويضعها على صفحات فايسبوك مرفوقة بعبارة أين المسؤولون!

أنا معلم السباحة الذي يتناول عند بداية عمله في كل صباح، حبوب النوم ويغرق في أحلامه متقمصاً شخصية بورجوازي في يخت وسط مياه ميامي الزرقاء، ليوقظه صياح المصطافين طلباً لنجدة غريق وسط الأمواج، ويفسدون عليه حينها حلمه المستحيل!

أنا الذي يمشي في الجنازة صباحاً ويحضر في مساء نفس اليوم لحفل عقيقة، عملاً بمبدأ الله يحي ويميت!
أنا المدمن على القهوة السوداء المتجول بين مقاهي الوطن بتهمة قتل الوقت بدون عمد محركاً رأسه للمؤخرات كأنه يشاهد مباراة كرة مضرب في ملعب
"ويمبلدون"..

أنا قارئ الجريدة الذي يبدأ القراءة من الصفحة الأخيرة ليشاهد صور النجمات العالميات بنهدين مكشوفين، والتي تبيع الجريدة بآلاف النسخ، أعرف ذلك رغم أنه ليس لدي تكوين في تقنيات "الماركتينغ"!

أنا الذي يلزمه شراء المعدات الطبية بنفسه عند تنقله إلى قسم المستعجلات ليخيط جرحاً غائراً على مستوى الجبهة، يد تدفع النقود للصيدلاني والأخرى تمسك قطعة القماش لإيقاف نزيف الدم!

أنا الذي يقرأ كل صباح عند فتحه نافذة المنزل عبارة "ممنوع التبول وشكراً" مكتوبة على حائط بناية مهجورة وينتظر مرور يوم جميل!
أعوذ بالله من قولة "أنا"!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد