لم يكن يتوقع اللاجئ السوري أنس معضماني أن صورةً له مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قد تورّطه في تفجيرات بروكسل وتكون سبباً بتوجيه الاتهام له على أنه أحد الانتحاريين.
"الغريب أنني تلقيت رسائل سيئة كثيرة باللغتين الألمانية والعربية تلومني لارتكابي هذا العمل" يقول معضماني، ويضيف لـ"عربي بوست": "كيف يوجهون اتهاماً لشخص يفترضون أنه انتحاري ومات بالفعل"؟.
وكانت وسائل إعلام موالية للحكومية الروسية وصفحات مناهضة للاجئين على الصفحات الاجتماعية نشرت صورة لمعضماني الذي التقط صورة سيلفي مع المستشارة أنغيلا ميركل عندما زارت مأوى للاجئين في برلين الخريف الماضي على أنه الانتحاري نجم العشراوي، الذي شارك في اعتداءات بروكسل الثلاثاء الماضي، والتي خلّفت 31 قتيلاً ومئات الجرحى.
معضماني والذي يبلغ 19 عاماً علم بانتشار الصورة التي تقارن بينه وبين الانتحاري في بروكسل من خلال أصدقاء تواصلوا معه هاتفياً منذ 3 أيام، ثم شاهد بعدها صورته على بعض المواقع المناهضة للاجئين ولسياسة ميركل منشورة تحت عنوان "المتهم بتفجيرات بروكسل لاجئ سوري كان قد التقط صورة مع ميركل".
وأشار "معضماني" إلى أنه كان خائفاً للغاية جراء تداول القصة في موقع فيسبوك وانتشارها حتى ضمن المجموعات التي تضم عدداً كبيراً من الأعضاء، وحاول تفنيدها بعد أن نصحه صديقه المقيم في ألمانيا بضرورة ذلك لما للحادثة من تداعيات خطيرة حال إهمالها.
اللاجئ السوري لم يجد أمامه إلا التواصل مع صحفيين محليين موضحاً لهم أنه إنسان يمارس حياته الطبيعية ويقوم بدراسة اللغة حالياً، فتمّ نشر القصة في الصحف.
Unser Titel. @bzberlin pic.twitter.com/Orwmv2PYsn
— Peter Huth (@PeterHuth) March 26, 2016
وأضاف لـ"عربي بوست" أنه تواصل مع الشرطة الألمانية وقام بشرح القضية لهم، فقالوا له أنهم سيعملون على مساعدته وسيتواصلون معه.
لن أندم على الصورة!
"التقاط الصورة كان عفوياً" يقول معضماني "كنت قد وصلت المخيم من 3 أيام وصادف أن وقفت سيارة المستشارة إلى جانبي فالتقطت الصورة وغادرت دون أن أنتبه لوجود الصحافة".
ولا يشعر الشاب السوري بالندم حول الصورة التي كادت تورطه بعمل إرهابي فهي كما يقول "تمثّل ذكرى جميلة بالنسبة له، وأن السوريين يتمتعون بسمعة طيبة وأنه شخصياً سيواصل تعلّم اللغة والدراسة مستقبلاً".
والصورة كانت سبباً في حصول معضماني، الذي مضى له في ألمانيا 7 شهور، على مكان للإقامة فيه خارج المخيم مع إحدى العائلات الألمانية التي عرضت عليه مكاناً يعيش فيه ليبدأ دراسة اللغة الألمانية.
تهديدات للعائلة
وأشار إلى أن السيدة التي يقيم مع عائلتها منذ 3 أشهر، وتعمل كطبيبة، ساندته بقوة بعد انتشار الصورة وساعدته في التواصل مع الشرطة في هذا الشأن، ووصلتها تهديدات أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار الصورة المفبركة.
وأوضح أن طلب لجوئه لم يتم البتُّ فيه بعد، رغم مرور فترة طويلة على تقديمه، وأنه لا ينوي مقاضاة الجهات التي نشرت صوره بطريقة مسيئة.
تفاصيل الاتهام
نشرت صفحة مزيفة تدعى "Anonymous"، التي يقارب عدد معجبيها المليونين على موقع فيسبوك، وتنشر باللغة الألمانية، صورة تجمع صورة السيلفي التي التقطها معضماني مع ميركل، وأخرى لنجم العشراوي التي تداولتها وسائل الأنباء، مرفقة بتعليق "في العام الماضي، التقطت صور سيلفي عديدة للسياسيين مع من يسمون باللاجئين. ثبت لاحقاً أن بعضهم هم عتاة المجرمين. والآن تبيّن أن إحدى صور السيلفي التي التقطتها ميركل يظهرها مع أحد إرهابيي داعش الذين ارتكبوا هجمات بروكسل".
وتمت مشاركة المنشور قرابة 13.500 مرة وحصد 19 ألف إعجاب، قبل أن يحذفه موقع فيسبوك اليوم الأحد.
وكانت وكالة "سبوتنيك" الروسية، المملوكة للحكومة الروسية، قد التقطت الإشاعة وتابعت نشرها عبر موقعها، ثم لاحقاً عبر نسختها الألمانية أيضاً، مستهدفة إثارة حفيظة اليمين المتطرف، بحسب صحيفة بيلد.
ونشر الصحفي الروسي المقرب من الكرملين ديمتري سميرنوف تغريدة على حسابه بموقع تويتر تتضمن "سيلفي" ميركل وصورة الانتحاري العشراوي قائلاً: " هل التقطت ميركل سيلفي مع إرهابي بروكسل؟".
В сети нашли селфи Меркель с террористом-смертником из Брюсселя, сделанное осенью 2015 в лагере беженцев в Берлине pic.twitter.com/LLyql6GYiX
— Дмитрий Смирнов (@dimsmirnov175) March 26, 2016
وكان خبيرٌ بارز في مركز استراتيجي تابع لحلف شمال الأطلسي "Nato" قد كشف مطلع شهر آذار الحالي أن روسيا تحاول الإطاحة بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، من خلال شنّ حرب معلومات وذلك لإثارة الغضب في ألمانيا بشأن مشكلة تدفق اللاجئين خاصة السوريين على البلاد.
وأكد جانيس سارتس، مدير مركز الاتصالات الاستراتيجية التابع لحلف "الناتو" أن روسيا لديها تاريخٌ حافل في تمويل المتطرفين في أوربا، وهو على يقين أن هناك أدلة على دور روسيا المثير للغضب ضد المستشارة الألمانية.
من هو نجم العشراوي؟
والعشراوي هو أحد الانتحاريين اللذين فجّرا نفسيهما الثلاثاء الماضي في مطار بروكسل، من مواليد الثامن عشر من أيار/مايو 1991 في المغرب وأمضى طفولته في منطقة شاربيك في بروكسل قبل أن ينضم إلى تنظيم "داعش" في سوريا، بحسب وكالة فرانس برس.
وأكد القضاء البلجيكي أنه عثر على آثار للحمض الريبي النووي لعشراوي على "مواد متفجّرة استخدمت خلال اعتداءات" الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر في باريس، ويتأكد بذلك أن العشراوي كان على الأرجح خبير المتفجرات خلال اعتداءات باريس قبل أن يفجّر نفسه مع إبراهيم البكراوي الثلاثاء في مطار بروكسل.