ما أصعب أن يتنازل الإنسان عن جنسيته الأصلية التي وُلد بها وتربى عليها، لكن ما يعانيه المعتقلون المصريون في السجون منذ إطاحة الجيش بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، دفع عدداً منهم إلى تقديم طلبات للمسؤولين المصريين من أجل إسقاط الجنسية المصرية عنه حتى ينعم بالحرية.
اليوم طلب مصري معتقل على ذمة القضية المعروفة إعلامياً بـ"فضّ اعتصام رابعة" من قاضي محكمة جنايات القاهرة الإفراج عنه وترحيله إلى واشنطن مقابل التنازل عن جنسيته المصرية؛ كونه يحمل الجنسية الأميركية، خلال جلسة عُقدت السبت 26 مارس/آذار 2016.
وقال المعتقل مصطفى قاسم للقاضي حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة: "أطالبكم بتنفيذ رغبتي التي تقدمت بها منذ 8 أشهر بالتنازل عن جنسيتي المصرية". بينما لم تقدم هيئة المحكمة أي رد على طلب قاسم.
قاسم المصري الثالث
وقاسم هو ثالث مصر مُعارض للسلطات المصرية يطلب إسقاط الجنسية المصرية عنه بعد محمد سلطان ومراسل قناة الجزيرة الإنكليزية محمد فهمي، ففي العام الماضي تقدم سلطان، وهو نجل القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور صلاح سلطان، بطلب للسلطات المصرية، للتنازل عن جنسيته المصرية مقابل الإفراج عنه وترحيله إلى موطنه الثاني أميركا، بعدما أضرب عن الطعام فترات طويلة من أجل الإفراج عنه، لكنه لم ينل حريته بسبب الإضراب.
سلطان أعاد طلبه عدة مرات للسلطات المصرية التي وافقت على إسقاط الجنسية المصرية، وأُفرج عنه في مايو/أيار 2015، بعدما حُكم عليه بالسجن المؤبد من قبل محكمة جنايات الجيزة، في قضية "غرفة عمليات رابعة"، وغادر القاهرة متجهاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، بعد انتقادات وُجّهت للحكومة المصرية بسبب الانتهاكات التي تمارس بحق المعتقلين السياسيين فيها منذ 3 يوليو/تموز 2013.
صحفي آخر وهو محمد فهمي مراسل قناة "الجزيرة" الإنكليزية، هو الآخر اختار أن يتنازل عن جنسيته مقابل أن ينال حريته، بعدما حُكم عليه بالسجن في المرة الأولى 7 سنوات ثم خُفف إلى 3 سنوات، في القضية التي اشتهرت إعلامياً بـ"خلية الماريوت"، التي حُوكم فيها فهمي وزميله الأسترالي بيتر غريستي والمصري باهر محمد، وقرر فهمي التنازل عن جنسيته المصرية والسفر إلى كندا التي يحمل جنسيتها.
هل سيلحق قاسم بفهمي وسلطان؟
طبقاً لما قاله قاسم في جلسة المحاكمة اليوم من أنه تقدم بطلب منذ 8 أشهر للتنازل عن الجنسية المصرية وترحيله إلى واشنطن، لكن حتى الآن لم يأت رد من السلطات المصرية، ربما لأن حالة قاسم لم يصاحبها زخم سياسي أو إعلامي، وظل طلبه طيّ الكتمان حتى أعلنه هو اليوم أمام المحكمة التي التزمت الصمت.
وكانت محكمة جنايات القاهرة، التي يُحاكم أمامها مصطفى قاسم ونحو 739 من معارضي السلطات المصرية في القضية المعروفة إعلامياً بـ"فضّ اعتصام رابعة"، قد أجلت القضية إلى 23 أبريل/نيسان المقبل للاطلاع، وفق مصدر قضائي.
وتضم القضية عدداً من قيادات جماعة الإخوان، من بينهم: محمد بديع المرشد العام للجماعة، وقيادات بالجماعة مثل محمد البلتاجي، وعصام العريان، وصفوت حجازي، وباسم عودة، وأسامة ياسين.
وفضت السلطات المصرية اعتصام رابعة العدوية (ميدان شهير شرقي القاهرة) في 14 أغسطس/آب 2013، ما أسفر عن وقوع مئات القتلى والجرحى.