سيغدو تاريخ "22 مارس 2016" النقطة المفصلية التي غيّرت كل ما بعدها بالنسبة لكل المسافرين في العالم وكل صناعة الطيران. فتفجير مطار بروكسل أصاب أمن المطار بضربة في نقطة ضعفه: "المنطقة البرية من المطار".
موارد كبيرة تنفق لتأمين "منطقة المطار الجوية" من حوادث تفجير الطائرات واختطافها، وتتركز الجهود على منع المسافرين من إدخال مواد قد تشكل تهديداً على سلامة الطائرة. أما مناطق الواصلين وتأكيد الحجوزات فلا أمن فيها في مطارات غرب أوروبا، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، الأربعاء 23 مارس/آذار 2016.
منطقة الواصلين مفتوحة
لا تفتيش روتيني أو رقابة على جموع الواصلين إلى منطقة المغادرين قبل توجههم إلى نقاط الأمن وتدقيق جوازات السفر، ولا حتى على منطقة الواصلين من السفر، فالمطارات بطبيعتها تغص بالناس الذين يحملون أمتعتهم، وهذا من وجهة نظر أي إرهابي يمثل فرصة وهدفاً سهلاً. من السهولة بمكان إحضار بنادق وأسلحة ومتفجرات إلى مطار أوروبي غربي حديث مفتوح مثل مطار بروكسل.
التصريحات الصادرة عن أكبر مطارين بريطانيين إثر اعتداء بروكسل ألمحت من دون قصد إلى مواطن ضعف صناعة الطيران والمطارات في القرن الـ21.
فقد صرح مطار هيثرو "في ضوء أحداث مطار بروكسل نعمل مع الشرطة في هيثرو الذين يوفرون لنا وجودهم المكثف والمرئي."
بينما قال مطار غاتويك "نتيجة الأحداث الرهيبة في بروكسل سنزيد من وجود الشرطة ودوريات الحراسة في مطار غاتويك وما حوله".
استقراء تداعيات أحداث مطار بروكسل
لكن إحساس كل أفراد الوسط الأمني في المطار هو أن هذه الحركات ليست إلا حركات إكسسوار تجميلية: لعلها تعطي المسافرين إحساساً بالأمن، بيد أنها لا تخفف الخطر.
حكومات أوروبا عاكفة على استقراء تداعيات أحداث مطار بروكسل، وقد تعمد بعض الدول إلى توجيه مطاراتها إلى تشديد قبضتها الأمنية وإحكامها جيداً بما في ذلك تفتيش المسافرين وحقائبهم قبل السماح لهؤلاء بالولوج إلى منطقة تأكيد الحجوزات.
مدن شتى عانت من كثرة الاعتداءات الإرهابية مثل إسطنبول ونيروبي ومومباي، وفي مطارات هذه المدن يتم تفتيش المسافرين وحقائبهم قبل الدخول إلى مبنى المطار الرئيسي.
لكن المشكلة في المطارات الأوروبية –وخاصة تلك المزدحمة لأنها نقاط ترانزيت مليئة بالحواجز مثل هيثرو وغاتويك وأمستردام وباريس شارل ديغول- أنها بحاجة إلى الكثير من إعادة الهيكلة والتصميم قبل أن يتسنى لها اتباع ما تفعله مطارات تلك البلدان.
تفتيش عشوائي
في الوقت الحالي سيكون هناك على الأغلب تفتيش عشوائي للمسافرين وغيرهم من زوار المطار، أما على المدى الأطول فينبغي إيجاد حلول أعمق.
المجلس الدولي للمطارات في أوروبا (ACI Europe) حذر من أن "إمكانية تبني تدابير أمنية إضافية مثل تفتيش الأشخاص والبضائع الداخلة إلى الجزء البري من المطار قد ينتج عنه عرقلة ونشوء ثغرات أمنية جديدة، إذا أن تغيير مكان تجمهر واحتشاد المسافرين ونقلهم إلى أماكن ومساحات غير مصممة لتلك الغاية أمرٌ لن يسهم سوى بنقل مكان الهدف من مكان إلى آخر بدلاً من حماية ذلك الهدف."
السياحة وإلغاء الرحلات
إن إضافة طبقة أمنية جديدة ستزيد تجربة الطيران ضغطاً وقد تقضي تماماً على أي رغبة في اختيار الطيران وسيلة نقل.
على الصعيد العالمي قد تقود نتائج اعتداءات بروكسل إلى إلغاء بعض السائحين الأجانب حجوزاتهم من خارج أوروبا والعدول عن فكرة السفر إليها، ما سيعني انخفاضاً في السياحة الآتية من الخارج.
فبعد 4 ساعات من انفجار القنبلة الأولى في مطار العاصمة البلجيكية أصدرت الحكومة الأسترالية بياناً لرعاياها تنصحهم فيه بالتريث قبل السفر إلى بلجيكا في هذه الفترة. إن قيام دولة صديقة بتحذير رعاياها ومواطنيها من الذهاب إلى دولة حديثة غرب أوروبية ما هو إلا إشارة إلى حجم النتائج التي أسفرت عنها الاعتداءات.
طيران بروكسل الناقل الأساسي من وإلى مطار زافنتيم في العاصمة البلجيكية ألغى كل رحلاته المزمعة في 23 مارس/آذار ومنح مسافريه إما إعادة نقودهم كاملة وإما إعادة حجز رحلاتهم بتواريخ حتى نهاية يونيو/حزيران.
وتقول إدارة المطار أنهم سيبدؤون برنامج طيران محدود من 24 مارس/آذار، لكن الخدمات ستكون بعيدة كل البعد عن المألوف لأن جزءاً كبيراً من المرافق الأرضية في المطار باتت غير قابلة للاستخدام بسبب الدمار. ستكون التدابير الأمنية صارمة، وسيحق الدخول فقط لحاملي بطاقات السفر.
– هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.