"أنا متأثّرة جداً، هذه لحظة كنا جميعاً ننتظرها، انظروا، إنه هنا في كوبا" بهذه الكلمات الحماسية استقبلت الكوبية "أماريليس سوسا" من وسط هافانا النقل المباشر للتلفزيون وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى كوبا تحت المطر.
وقال معلّق التلفزيون الكوبي الذي كان ينقل الحدث مباشرةً من مطار جوزيه مارتن ، "إنها مناسبة تاريخية".
وقال المهندس "آرييل هيرنانديز" (42 عاماً) إنه "حدثٌ ضخم (..) أعتقد أنه سيغير المستقبل" مضيفاً "منذ أن كنت صغيراً رويت لي قصة الثورة وهذه القصة تقوم أولاً على أننا ضد الولايات المتحدة".
الفرصة التاريخية
أوباما وعقب وصوله إلى العاصمة الكوبية "هافانا" في زيارته التاريخية التي بدأها أمس الأحد, وصف الرئيس الأمريكي, الاتصال المباشر مع الشعب الكوبي, ب "الفرصة التاريخية".
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها خلال اجتماع اوباما بمسؤولي سفارة بلاده في فندق "هافانا" لفت فيها أنه الرئيس الأمريكي الأول الذي يجري زيارة رسمية إلى كوبا بعد زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق, كالفين كوليدج في عام 1928.
أوباما قال في هذا الصدد "إنني الرئيس الأمريكي الاول الذي يزور العاصمة الكوبية هافانا, بعد قطيعة دامت لعقود طويلة, فقد سبق للرئيس كالفين كوليدج, أن زار كوبا على متن سفينة حربية في عام 1928 واستغرقت وصوله الى كوبا آنذاك, 3 أيام, أما وصولي فلم تستغرق سوى 3 ساعات ".
وكان من المقرر أن يلتقي أوباما بمسؤولي سفارته, في مقر السفارة الامريكية في هافانا, إلا أن سوء الاحوال الجوية, حلت دون انتقاله إليه.
وعقب الانتهاء من اجتماعه بمسؤولي السفارة, توجه أوباما برفقة عائلته, إلى المدينة التاريخية في هافانا, وسط إجراءات أمنية مشددة, وقام بجولة في أزقتها, ليزور في نهاية الجولة, كاتدرائية هافانا الشهيرة.
ردود أفعال الشارع الأميركي
وأثارت زيارة أوباما إلى كوبا ردود أفعال واسعة في الشارع الامريكي, حيث لفتت العديد من الصحف الامريكية, الأنظار إلى عدم حضور الرئيس الكوبي, راول كاسترو, إلى مطار هافانا, وعدم استقباله لنظيره الأمريكي بمراسم رسمية, أثناء وصوله إلى هافانا.
من جانبه قال المرشح الرئاسي الجمهوري في الولايات المتحدة الامريكية, دونالد ترامب, إن الرئيس كاسترو لم يقم وزنا لأوباما, ولم يأخذه على محمل الجد, وذلك عبر رسالة نشرها في موقعه على التواصل الإجتماعي.
وردا على انتقادات عدم تنظيم مراسم رسمية لاستقبال أوباما في العاصمة الكوبية هافانا, أوضح "بين رودس" أحد مستشاري الأمن القومي في البيت الأبيض, أنه لم يتم مناقشة مسألة الاستقبال الرسمي في المطار بين الطرفين, وأن الجانب الامريكي ليس مستاء من عدم حضور كاسترو إلى المطار.
ومن المقرر أن يلتقي أوباما بنظيره الكوبي, راول كاسترو, اليوم, في قصر الثورة, حيث من المنتظر أن يحضر فعالية حول ريادة الأعمال, بعد مشاركته في مأدبة عشاء يقيمها كاسترو على شرفه.
مواضيع تثير الاستياء
بعد قمة الأميركيتين في باناما في نيسان/أبريل 2015 والجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر، سيكون اللقاء الثالث بين المسؤولين مناسبة للتطرق إلى مواضيع تثير الاستياء.
وبعد وضع إكليل من الزهور أمام نصب خوسيه مارتي التذكاري وعد أوباما بالتطرق أمام راوول كاسترو إلى ملف حقوق الإنسان غداة اعتقالات جديدة طالت حركة "النساء المتشحات بالبياض" المعارضة.
والاعتقالات خلال تظاهرة الحركة أيام الآحاد شائعة وكالعادة أفرج لاحقاً عن الناشطين لكن الحادثة التي نقلتها وسائل إعلام عالمية عديدة لم تكن مستحبّة قبل ساعات من وصول الرئيس الأميركي إلى كوبا.
ودعا أوباما عدداً من المنشقين الثلاثاء لاجتماع للمجتمع المدني الكوبي يعقد داخل السفارة الأميركية أو مقر السفير الأميركي.
وحول هذا الموضوع يبقى موقف السلطات الكوبية ثابتاً وأكدت حزمها هذا الأسبوع على لسان وزير الخارجية برونو رودريغيز. وحذر الأخير من أن هافانا غير مستعدة "للتنازل عن أي من مبادئها (…) للتقدم نحو التطبيع".
وقال مايكل شيفتر مدير معهد "إنتر أميريكان دايالوغ " إن "هدف الزيارة أكبر وهو ترسيخ التطبيع الدبلوماسي بغض النظر عن الرئيس الأميركي الجديد العام المقبل".
عشاء في قصر الثورة
وأعاد البلدان علاقاتهما الدبلوماسية في تموز/يوليو 2015 وشطبت واشنطن كوبا من قائمتها للدول الداعمة للإرهاب في أيار/مايو لكن الخلافات تبقى كبيرة بين البلدين العدوين في حقبة الحرب الباردة.
وبالنسبة للشعب الكوبي التطبيع الكامل للعلاقات يمر أولاً بالرفع التام للحظر الذي يعود للكونغرس وأيضاً بإعادة قاعدة غوانتانامو الأميركية التي تم احتلالها في 1903 وترفض واشنطن بحث هذا الموضوع.
وقال شيفتر "إن التطبيع التام سيستغرق وقتاً طويلاً". وأضاف "سيضطر الكونغرس الأميركي إلى رفع الحظر وسترغم كوبا على تسريع عملية الانفتاح السياسي والاقتصادي إضافة إلى تحسين وضع حقوق الإنسان".
والاثنين يلتقي أوباما أيضاً مقاولين كوبيين مستقلين قبل عشاء رسمي في قصر الثورة.
وبحسب البيت الأبيض لم يقرر أي لقاء مع الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو البالغ من العمر 89 عاماً.
من جهته يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري وفدي الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية في كولومبيا اللذين يجريان مفاوضات سلام في كوبا منذ ثلاث سنوات ونصف.
وكانت الإدارة الأمريكية, اتخذت قرار تطبيع العلاقات وتحسينها مع كوبا, في كانون الأول / ديسمبر من عام 2014 وبدأت إثر ذلك, تخفيف العقوبات المفروضة على هافانا. وفي هذا الإطار, قامت الولايات المتحدة بإزالة كوبا, عن لائحة الدول الداعمة للإرهاب, وتخفيف العقوبات المفروضة عليها في مجالات الملاحة الجوية المدنية, والبحرية, والبنوك, والتجارة. وأعادت الدولتان العلاقات الدبلوماسية بينهما, العام الماضي, بعد أن تعرضت هذه العلاقات للقطيعة, إثر الثورة الكوبية عام 1959 وتم فتح السفارات في كلا البلدين قبل عدة أشهر , من جديد.