عن قلمي الذي جف !!

لا تعاتبوا قلمي السقيم من أوجاع السرطان المنتشر بسرعة الضوء، بل حاكموا ذاك الذي جعل من أهدافه كسر الأقلام لينشر ثقافة البندقية التي تحرق الكتب والأوراق وتحرق معها أفكارنا التي لم يكتب لها الحياة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/20 الساعة 04:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/20 الساعة 04:38 بتوقيت غرينتش

لم يعد قلمي الذي كان يتحرك لوحده ليكتب عن معاني الحب والوطن والحضارة والفكر والسياسة والتغيير، قادراً على الكتابة من جديد..
لقد ارتجف القلم، وعاد مستريحاً فوق الكراس الصغير المزين بزخرفات الأصالة الأندلسية بيد من أحببت دائماً، لقد عاد خائفاً من التعبير عما يدور في خلجات صدره المليء بالتساؤلات والأجوبة شبه اليقينية..
قلمي الذي لم يتردد يوماً عن الصراخ في وجه من جعلوا من محيطه عالماً من الدماء والأشلاء، التهبت حنجرته فلم يعد قادراً حتى على الكلام بصوت منخفض ليعلن الحزن على المآسي التي حاصرته.
القلم الذي يوماً أطلق العنان للتعبير عن الحب الأبدي خارج أسوار الخوف والتردد والانعزال، بات يتردد برسم العبارات الخجولة على دفاتر المسودات اليومية التي تعودت على خربشات القلب والسهم والأحرف الجديدة.
لقد بات قلمي رماديًّا بعد أن كان بكل ألوان الطيف، يكتب بلا وجل عن الحقيقة التي لطالما ظننا أنها بجيبنا الصغير، لقد أصبح يرى بعين واحدة تسلسل الأحداث المتسارعة، يرى طفلاً يموت على الشاطئ هرباً من جلاد مهووس أحمق، ويرى نفايات تغطي مدينة الحياة #بيروت فتخرج منها رائحة الطائفية المريضة، ويبصر أفواج اللاجئين لا تجد شجرة تتظلل بها من كوابيس الموت التي تحاصر السماء.

لا تعاتبوا قلمي السقيم من أوجاع السرطان المنتشر بسرعة الضوء، بل حاكموا ذاك الذي جعل من أهدافه كسر الأقلام لينشر ثقافة البندقية التي تحرق الكتب والأوراق وتحرق معها أفكارنا التي لم يكتب لها الحياة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد