الاتحاد العربي للوقاية من الفساد

الفساد مرض عضال يضرب مؤسسات الدولة وقطاعها الخاص، ويستنزف ثروات وإمكانيات وقدرات يدكّ فقْدها "أسافين" تهدم المجتمع، وتتسبب في إشكالات سياسية واقتصادية واجتماعية يصعب البرء منها كلما جرى ترْك معالجة أسباب الخلل التي أفضت إلى تفشي مختلف أنواع الفساد.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/17 الساعة 02:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/17 الساعة 02:49 بتوقيت غرينتش

الفساد مرض عضال يضرب مؤسسات الدولة وقطاعها الخاص، ويستنزف ثروات وإمكانيات وقدرات يدكّ فقْدها "أسافين" تهدم المجتمع، وتتسبب في إشكالات سياسية واقتصادية واجتماعية يصعب البرء منها كلما جرى ترْك معالجة أسباب الخلل التي أفضت إلى تفشي مختلف أنواع الفساد.

على أنه في عصر العولمة والتقدّم واختصار الزمن والمسافات؛ ظهرت مقاييس ومؤشرات تحسب بدقة الظواهر والمشكلات العالمية كالفساد الذي بات يحتلّ مكانة مؤرقة عند أغلب دول العالم، وصار معظمها ينتظر نتائج (اختبار) أو (الفحص) الذي تقوم به تلك المؤشرات للنظر أو التعرف على مدى تعافيها أو استمرار توعّكها.

وأشهر هذه المقاييس هو ما يُسمى مؤشر مدركات الفساد (CPI)، وهو مؤشر سنوي تصدره منظمة الشفافية الدولية منذ العام 1995م يعتمد على فحص واقع الفساد بالذات في القطاع العام باستخدام أدوات متعددة كالمسوحات والاستفتاءات وما شابهها من وسائل تستكشف مدى تنفيذ قوانين مكافحة الفساد، والوصول إلى المعلومات وتضارب المصالح وتفشي المحسوبيات والرشى و.. إلخ.

طريقة احتساب العلامات في مؤشر مدركات الفساد تتراوح ما بين (0-100) بحيث تعني الدرجة صفر "فاسد للغاية" أو "أعلى مستوى فساد مدرك" فيما تعني (100) "نظيف للغاية" أو "أقل مستوى فساد مدرك".

وتطوّر الاهتمام بنتائج هذا المؤشر من حيث تزايد عدد الدول المشمولة فيه حتى أنه في شهر يناير الماضي، أعلنت منظمة الشفافية ارتفاع تلك الدول لتصل إلى (168) دولة، سجلت ثلثها نتيجة دون الـ(50%) نقطة. وكان من بين (21) دولة عربية مشمولة في المؤشر خمس دول فقط حصلت على أعلى من (50%) والباقي سجلت أقل من ذلك. وهو الأمر الذي يشير إلى انتشار ظاهرة الفساد في العديد من الدول العربية، ويستلزم مواجهته بكل حزم وضبط، خاصة في وسط ظروف إقليمية ودولية متعثرة وخطيرة، وفي ظل تنامي أزمة اقتصادية (لا ترحم) واستدعت حتى من الدول الغنية اتخاذ تدابير تصبّ غالبها نحو التقشّف وترشيد الإنفاق.

ونظراً للأهمية التي باتت تستحوذ عليها مؤسسات المجتمع المدني والدور الذي تمارسه، سواء في التوعية أو التثقيف أو الضغط والتوجيه، وصولاً إلى المشاركة في صنع القرار؛ فقد تنادى الأسبوع الماضي عدد من الشخصيات العامة ببعض الدول العربية، لإنشاء الاتحاد العربي للوقاية من الفساد، حيث عقدوا في دولة الكويت اجتماعهم التأسيسي الأول بمشاركة خبراء ومتخصصين من تسع دول عربية هي: مصر، السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، لبنان، الأردن، سلطنة عمان، السودان.

فكرة هذا الاتحاد -قيد التأسيس- تقوم على أساس تنشيط العضوية من الهيئات الرسمية العربية والمجموعات غير الحكومية من المجتمع المدني والقطاع الخاص القانوني والمحاسبي والاقتصادي والإعلامي، ليكون أول اتحاد عربي يجمع هيئات عربية وإقليمية لجهات حكومية وغير حكومية، ستعمل على تطوير وإعلاء سبل الوقاية من الفساد، وذلك من خلال النشاطات العربية والإقليمية والدولية كالمؤتمرات والبرامج التدريبية والبروتوكولات والاتفاقيات، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الشعوب العربية لوضع آليات وقائية لمواجهة الفساد، وتطوير بناء قدرات الجهات الرسمية والمجتمع المدني في تنمية النزاهة والوقاية من الفساد.

في اجتماعهم التأسيسي تم انتخاب المستشار الشيخ مشعل المالك الصباح رئيساً للهيئة التأسيسية للاتحاد، والمستشار حسام أبو العلا أميناً عاماً للهيئة، والوزير المصري الأسبق الدكتور صفوت النحاس، والأستاذ الدكتور المستشار سمير جاويد نائبين للرئيس. كل الأمنيات أن يرى النور هذا الاتحاد، ويصبح مؤسسة قائمة لها إسهاماتها في مكافحة الفساد وإنجازها في تفعيل الشفافية ونظم الحوكمة والمساءلة. وبالتالي تغيير نتائج دولنا العربية في مؤشر مدركات الفساد (CPI).

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد