ما قبل مطالبتهما بحل “القاعدة”.. داعيتان كويتيان يؤكدان مراسلة قادة التنظيم لكنهما لم يتلقيا رداً

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/15 الساعة 09:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/15 الساعة 09:40 بتوقيت غرينتش

أكد داعية كويتي شارك في كتابة خطاب مفتوح إلى تنظيم القاعدة قبل أيام وأثار جدلاً واسعاً، أن البيان الذي أصدره مع داعية آخر جاء بعد أن راسلا قادة التنظيم في خراسان لمحاولة إصلاحه لكنهما لم يتلقيا رداً، فقرّرا إخراج النقاش للعلن، معتبرين أن التنظيم بات وبالاً على كل أرضٍ يحلّ بها، وذلك فيما تتوالى ردود الفعل على البيان الصادر باسم الشيخين من قبل المؤيدين للتنظيم.

"عربي بوست" حاورت الداعية الكويتي جابر الجلاهمة الذي شارك في كتابة البيان مع داعية آخر هو محمد الحصم، لتتعرف منه على مبررات صدور هذا البيان المفصل الذي يقدم مبررات شرعية من وجهة نظرهما يفترض أن تقنع قيادة تنظيم القاعدة بحلّ التنظيم، ومن بينها أنه لا يجب أن يكون هناك "وصيّ" على الأمة، كما أن قيادات التنظيم لم تعد أصلاً تسيطر عليه، وقد صار أكثر خطراً على المسلمين السُّنة وأكثر قرباً من إيران.

وربما ينبغي أن نعلم أولاً أن الداعيتين الكويتيين جابر الجلاهمة ومحمد الحصم هما من الدعاة المحسوبين على تيار السلفية الجهادية في الكويت، وقد شاركا خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات في قتال الروس بأفغانستان فيما كان يُعرف بالجهاد الإسلامي هناك، ولكنهما يعيشان حالياً في الكويت بعد أن أصبحت لهما آراؤهما المختلفة.

وفي 2011 كان الجلاهمة قد نعى زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن بعد مقتله في حسابه على تويتر قائلاً: "نعزّي الأمة الإسلامية باستشهاد الشيخ أسامة بن لادن، فهو بطل من أبطال الإسلام ودخل التاريخ".

كما أنه كان أحد مناصري الأكراد بعد أن تم قصفهم بـ"الكيماوي"، كما تعرّض للسجن بسبب اعتراضه على الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وكان مجلس الأمن قد أدرج اسم الجلاهمة ضمن قائمة الإرهاب في 2008 مع الكويتيين حامد العلي ومبارك البذالي، بعد سنة واحدة من إدراج الخزانة الأميركية له على قائمة الإرهاب.

أما الشيخ محمد الحصم فهو إمام وداعية بوزارة الأوقاف الكويتية، وقد شارك أيضاً في القتال بأفغانستان، وكان قد شارك عدداً من الدعاة المقيمين في كندا وبريطانيا والأردن عام 2014 في كتابة رسالة يطالبون فيها أمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بالخروج من صمته، وأن يقول كلمته في ما يحدث من قبل بعض الجماعات المتطرفة التي خرجت من عباءة التنظيم.

ولا يزال الحصم يمارس عمله بأحد المساجد في الكويت، وقد عُرف بكتاباته التي تحوي النصح والإرشاد للعمل الجهادي وتوجيهه بعيداً عن الغلو والتطرف.

وقد تم نشر بيان الداعيتين عبر صحيفة "الرأي" الكويتية، ولم تبدِ الحكومة أي اعتراض على ما جاء فيه، خصوصاً ما ذكر من مراسلات بين الداعيتين وتنظيم القاعدة.

لهذا كتبنا البيان


وفي تصريح خاص لـ"عربي بوست" قال الداعية جابر الجلاهمة: "في الآونة الأخيرة ظهرت انحرافات في تنظيم القاعدة، وكنا نظنها مجرد أخطاء، لكننا وجدنا أنها أخطاء ممنهجة، وتنم عن انحراف في التوجُّه ناتج عن الغلو في مسائل شرعية".

وينطلق موقف الجلاهمة والحصم من التنظيم من أرضية مختلفة عن الأرضية التي تنطلق منها معظم الحكومات الغربية والعربية التي ترى في القاعدة أكبر التنظيمات الإرهابية المستندة إلى فهم متشدد للدين الإسلامي والبيئة التي تولّدت منها عديد من الجماعات المتطرفة والإرهابية، وتنشر "عربي بوست" رأيه كما هو.

يضيف الجلاهمة: "بدأنا نعالج هذه الأخطاء التي رأيناها، ونكتب – في السر – لقادة هذا التنظيم الميدانيين وقادته في خراسان، وكنا نتوقع أن يكون هناك حوار وردّ على هذه الخطابات، لكن لم نجد رداً وطال الأمد في مسألة هذه الكتابات والنصح في السر، وما أظن أن المسائل الأمنية سبب كافٍ لعدم الرد".

وأكد "اكتشفنا أن ثمة أخطاء ممنهجة تنم عن غلو عند قيادات التنظيم في الفترة الأخيرة، فالغلاة خطفوا مشروع الجهاد من تنظيم القاعدة، وما استطاع قادة القاعدة السيطرة عليهم وتوجيههم، والأمة دفعت ثمن هذا الغلو وهذه الأخطاء الممنهجة فاضطررنا لإصدار هذا البيان".

وذكر أنه من بين الأسباب التي دعتهم لإصدار البيان هو أن "قادة التنظيم يبدو أنهم لم يعودوا يسيطرون على فروعه، وخرجت الأمور من أيديهم".

وأضاف: "لا يجب أن يكون هناك تنظيم وصيّ على جهاد الأمة، فالأمة أكبر من التنظيم، وأكبر من الوصاية عليها، لذلك كتبنا هذا البيان نصحاً وإعذاراً للأمة، وحل تنظيم القاعدة هو نصيحة لقادته حتى لا نربط جهاد الأمة بالتنظيم، فالتنظيم تقريباً انتهى، والقيادات الميدانية معظمها قضت، والقادة الحاليون فقدوا السيطرة على كثير من الفروع، والشام عرّت مواقف التنظيم".

نتائج ملموسة


وعن التوقعات المحتملة لهذا البيان، ذكر أن "النتائج بيد الله، أما توقعاتنا كبشر فنعم نتوقع أن يكون هناك نتائج ملموسة جداً؛ لأن كلامنا موثق وبالأدلة ونستطيع أن نحاجج الصغير والكبير، وبفضل الله لم نكتب هذا تملقاً لبشر أو لأحد، فالأمة ضاعت بين الغلاة والطغاة".

وأوضح الجلاهمة أن تنظيم القاعدة كان بيئة حاضنة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وأنه خرج من عباءة القاعدة. وتنظيم القاعدة بدوره لم يستطع السيطرة على غلو "داعش".

وأضاف: "لا أريد من كلامي هذا أن يُفهم بأن القاعدة وداعش نفس الشيء، فقاعدة اليمن ليسوا بدواعش، وقاعدة الصومال قريبة من داعش لكن ليسوا بدواعش، إنما يحملون نزعة الدواعش وبهم غلو خصوصاً أن بعض قادتهم ثبت عليهم قتل المخالفين، بمن في ذلك المخالفون لهم من داخل تنظيمهم نفسه".

وأضاف – حسب رأيه – أن على أن الأمة كما تواجه الطغاة فعليها أيضاً أن تواجه الغلاة بالحجة والبرهان والأدلة، وذلك في إشارة لطريقة مواجهة أفكار القاعدة. واختتم تصريحه بتوقعه أن يعود الناس لجهاد الأمة وأن يعودوا للعلماء.

وكان البيان قد ربط بين تنظيم القاعدة وإيران، قائلاً: "رأينا انحرافاً واضحاً في التنظيم، وتوافقاً مع الأهداف الصفوية، ومضادة صريحة للتيار السُّني في العالم، وبعد تبني التنظيم بكل وضوح لتنظيم دولة العراق، وأخيراً تبنيه للأعمال العبثية في بلاد الحرمين، والثناء على رموز أغرار من أهل الغلو، واتخاذ مراجع للتنظيم ممن عُرف بالغلو واشتهر به".

وأضاف البيان: "ويبقى السؤال الذي لم نجد له جواباً مقنعاً أن رأس الشر إيران القريبة منكم والأكثر خطراً سَلِمت إلى هذه اللحظة من مشاريعكم مع ما يعانيه أهل السُّنة فيها وفي غيرها من بطش الرافضة الذي ترعاه وتدعمه إيران".

مؤيدون يردُّون


وقام مؤيدون لتنظيم القاعدة بإصدار بيان مضاد ذكروا فيه أن التنظيم يعمل وفق سياسة شرعية واضحة، متهمين من لا يتقبلونها بأنهم يبحثون عن الأرخص.

وتناولت بعض المواقع والشبكات الاجتماعية بياناً لمؤيدين لتنظيم القاعدة يتهمون فيه مَنْ لا يتقبل السياسة الشرعية التي ينتهجها التنظيم بأنهم يبحثون عن الأرخص على حساب جودة المنتج.

وأكد البيان أنه "لا يَلزم التنظيم أن يستشير مَنْ ظن نفسه وصياً على المجاهدين أو يُطلعه على خططه وتبريرات أفعاله لكي يصدر عنه الرضا والمدح".

وأشار إلى وجود أسرار يتم كتمانها لدى التنظيمات الجهادية، و"تتحمل في سبيل كتمانها النقد والهجوم والتجريح بطريقة تُعين الباطل على الحق وتفضّ الناس عن الجهاد".

تحميل المزيد